بوالزرد يشرف على افتتاح موسم النشاطات البيداغوجية    أحزاب في قفص الاتّهام    قيمة مضافة للتعاون التونسي الجزائري    الدفع الإلكتروني بالهاتف النقّال يتوسّع    جلاوي يستعجل إطلاق مشاريع القطاع    منظمات وأحزاب تدافع عن حقّ الصحراويين    الخضر في قطر للدّفاع عن تاجهم    مواجهات مثيرة في كأس الجزائر    وتيرة متسارعة لمشاريع الوقاية من الفيضانات    سباق مع الزمن للاستفادة من منحة السفر قبل نهاية العام    بحثنا سبل تعزيز دور هذه المؤسسة في الدفاع عن القضايا العادلة    الطريق إلى قيام دولة فلسطين..؟!    تصريحاته اعتُبرت مساسًا برموز الدولة الجزائرية وثورة التحرير    حجز مبالغ غير مصرح يقدر ب 15000 أورو    حذار من إغفال فطور الصباح ومضاعفة الأكل بعد العصر    الرئيس تبون يعزي عائلة العلامة طاهر عثمان باوتشي    إعلان الجزائر" 13 التزاماً جماعياً للدول الافريقية المشاركة    تعليمات صارمة لتوسيع مساحات زراعة القمح الصلب    فوز ثمين لاتحاد الجزائر    الماء في صلب أولويات الرئيس    مخطط لتطوير الصناعة الصيدلانية الإفريقية آفاق 2035    خارطة طريق لدعم الأمن الصحي في إفريقيا    تأطير الشباب وإشراكهم في العمل السياسي    "بريد الجزائر" تحذّر من مشاركة المعلومات الشخصية    الروابط بين الشعبين الجزائري والفلسطيني لا تنكسر    دعم حقوق الشّعب الفلسطيني الثّابتة    مشروع للتسيير الرقمي للمناصب المالية    الاستثمار في الرأسمال البشري بمدارس النّخبة خيار استراتيجي    المدارس القرآنية هياكل لتربية النّشء وفق أسس سليمة    دعم الإنتاج المحلي وضمان جودة المنتجات الصيدلانية    تفكيك شبكة هجرة غير شرعية    التشكيلة الوطنية أمام رهانات 2026    الفنان عبد الغني بابي ينقل نسائم الصحراء    دورة طموحة تحتفي بذاكرة السينما    إبراز المنجز العلمي والأدبي للعلامة سي عطية مسعودي    مدرب منتخب السودان يتحدى أشبال بوقرة في قطر    محرز يقود الأهلي السعودي للتأهل إلى نصف نهائي    إتلاف 470 كلغ من الدجاج الفاسد    إنقاذ ثلاثة مختنقين بغازات سامة    اللغة العربية والترجمة… بين مقولتين    أسرار مغلقة لمعارض الكتاب العربية المفتوحة!    وفاة مفاجئة لمذيعة شابّة    الجزائر تُجدّد الدعم المطلق لشعب فلسطين    ملتقى وطني حول الأمير عبد القادر    تتويج الدرة المكنونة    تبّون يؤكد أهمية دعم قدرات الصناعة الصيدلانية    توقيع اتفاقية شراكة بين الجوية الجزائرية والفاف    إدماج تقنيات مستدامة وصديقة للبيئة    صيد 138 طناً من التونة الحمراء خلال حملة 2025 وإيرادات تصل إلى 7 ملايين دج    قسنطينة تهيمن على نتائج مسابقة "الريشة البرية" الوطنية لاختيار أحسن طائر حسون    الخطوط الجوية الجزائرية تصبح الناقل الرسمي للمنتخب الوطني في جميع الاستحقاقات الكروية    البرلمان الجزائري يشارك في الاحتفال بالذكرى ال50 لتأسيس المجلس الوطني الصحراوي    مجلس الأمة يشارك في اجتماعات اللجان الدائمة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    فتاوى    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    فضائل قول سبحان الله والحمد لله    هذه أضعف صور الإيمان..    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن حضارة!


بقلم: عبد الباقي صلاي*
إشكالية الفن ما تزال تطرح بشكل لافت في المجتمعات العربية والمسلمة على اعتبار أن الفن مقرون بالرقص والمجون ومرادف للميوعة ويقنن للاستهتار وكل من يتبنى ما يسمى ولو مجازا فنا إلا ويصدق عليه ما يصدق على المارق الخارج عن الملة الذي يتمرد على الكون وعلى الطبيعة البشرية !.
وقد لاحظنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي كيف تفاعل الكثيرون مع ما تم إقراره من بكالوريا في الفنون على الأقل الذين ينتمون لفئة معينة يطلق عليها اسم الفئة المثقفة.و للأسف الشديد كان هذا التفاعل سلبيا ممزوجا بالتهكم مرتبطا بمخزون فكري أقل ما يقال عنه أن يتغذى من مراجع دينية تعتبر كل فن حرام وكل فن فهو عبارة عن هز للأرداف وكل فن لا مستقبل له وهو مجرد هراء لا قيمة له إن في الدنيا أو في الآخرة !.
وعلى الرغم من تأكدي من مصدر هذا القلق ومن أي نبع يصدر من قبل هذه الفئة إلا أني لم أتفاجأ بردات الفعل لأنها كانت طبيعية في مجتمع قليل الاحتكاك حتى لا أقول منعدم مع الفن بكل تجلياته بقدر ما رأيت في القرار الوزاري قرارا صائبا جدا حتى أنه جاء متأخرا كثيرا.
لقد كنا نتمنى أن تكون هذه البكالوريا للفنون منذ سنوات وتمنينا أن يكون تأطيرها وفق دراسة علمية حقيقية حتى تكون بكالوريا نخبة تؤدي دورها الفاعل في المجتمع وتكون إضافة جديدة للوطن والمواطن.
لأننا كما قال أحد العارفين بأن الفنون مفتاح التعرف على حضارات الماضي حيث يُعلمنا فن كل حضارة عن حقبتها التاريخية وما وصلت إليه من تطور وازدهار. ولا تزال الفنون في الزمن المعاصر محوراً أساسيا من ثقافة الحياة خاصة وأن مفهوم الإبداع لم يعد مقتصراً على قلة إذ بات مطلوباً من الجميع في شتى مناحي الحياة. والإبداع في إطار الفنون البصرية بأجمعها يتطلب أكثر من الموهبة فما يميز المخترع عن العالم والأديب عن الكاتب هو الاستزادة من المعرفة والمثابرة والصبر. وعليه فإن ما يميز الفنان عن الرسام هو سعة أفق الأول الذي يتجاوز بإدراكه ومخيلته حدود العالم المحيط به وبالتالي تجاوز اللوحة التي يرسمها حدود محاكاة ونسخ الطبيعة.فالفن هو جزء من شخصية الأمة وهويتها ولا يمكن أن يكون المجتمع متألقا في حياته إذا فقد الذوق الرفيع في كل شيء في حياته.لأن الفن ليس مرتبطا فقط بمدلول ثقافي محدد بل مرتبطا بمفهوم شامل للحياة.فكل إنسان يستطيع أن يكون فنانا مع نفسه وفي حياته ومع أسرته.فلا يقتصر الفن على نشاطات بعينها ولا على فئة محددة من الإبداعات ولكن يشمل الحياة برمتها.
لكن مع أسف شديد هناك من يعتبر بكالوريا الفنون هو خروج بالأمة نحو المعاصي والموبقات ولا أدري صراحة من فسر لهم هذا التفسير وهذا الفهم وماذا يريدون من إلغاء كل ما له صلة بالفن؟ !.
والفن مختلف تماما عما يتصوره الكثيرون وقد توسع كاظم حيدر في إبراز مفاهيمية الفن إذ قال: عندنا في اللغة العربية مفاهيم واسعة جداً للفن كما هي موجودة هذه المفاهيم بهذه السعة في بعض لغات أخرى من العالم إذ أنطلق على سبيل الوصف على السياقة والجراحة فن والقيادة في السياسية فن وكذلك الولادة والجنس فن والدعاية فن والإشاعة. فهذه صفة تعطي لمجالات واسعة من العقل البشري الدقيق ذو الجودة. فكل شخص قادر أن يؤدي عملاً بحذق ولباقة وجودة يعتبر فناناً في عمله ويرتبط معنى الفن بالمهارة والجودة والأصالة. وهذا التعبير تستعمله شعوب أخرى كما ستعمله الشعب العربي وهو يشير بالضرورة إلى أن الفن نشاط إنساني فريد في مهارته وجودته وهو حتماً يلعب بدوره الكثير في التأثير على المجتمع وتغيره.. وتطويره.. مع أن الفن في معناه الأصلي يوصف مرة بالحدس والرؤية مرة أخرى. وقد وصفه بعض الفلاسفة بالخبرة. ومن الطبيعي أن الخبرة تؤدي إلى الصنعة الدقيقة كما كان بعض النقاد العرب من قبل يسمون صناعة الشعر وصناعة النشر.
كما يذهب آخر: الفن وسيلة لإظهار الجمال والمحبة والترقي والسمو وتأكيد إنسانية الإنسان لتعمير الأرض وإنشاء إنسان أخلاقي متجمل يعيش في المستويات العليا الرفيعة. الفن أداة لمقاومة التدني والهبوط والسقوط إلى القاع واستيقاظ النفوس لترى الجمال وتعمل بمقتضاه من خلال الحق والخير والجمال والاستعلاء والاعتدال والعمل في الوسط المتعالي من بين طرفي الإفراط والتفريط.الفن أصدق أنباء التاريخ فكم من حقائق تاريخية انزوت في ظلمات التاريخ وكان الفن هو الكاشف عن تلك الحقائق الخفية لأن الفن هو تعبير الشعوب عن نفسها بنفسها لنفسها.والفنان إنسان مختار اصطفاه الله ليقوم بمهام إبداعية تعبدية وحياتية للإبداع الفني والفكري والعلمي والعملي ليعمر الأرض بالإبداع والعمل الصالح ليتناسق مع الكون المتسق ومع نفسه ومع الكائنات ليرى الجمال ويعمل بمقتضى الجمال بوعي أخلاقي متجمل .
ولسنا هنا بصدد مناقشة المناوئين والذين يرون كل شيئ سوداويا ولكن نحن بصدد تثمين قرار السيد الرئيس تبون والسيد وزير التربية بأن بكالوريا الفنون خطوة جبارة نحو توطيد علاقة الفن بالعلم وتزاوج الاثنين معا.
فلا يمكن للمجتمع أن يعيش دون أساليب فنية عالية كما لا يمكنه أن يتغلب على ذاتيته المحبطة بمحاكاة واقع لا أسلوب فني فيه.فالفن هو الحياة وبكالوريا الفنون سوف تعطي نفسا جديدا للحرية التربوية كما سوف تفتح الآفاق للحالمين بأن يكونوا في هذا المجال أسياد أنفسهم.لأن المجال الفني لا بد وأن يؤطر بشكل علمي وتكون له قواعده الثابتة التي تعمل على تحييد الدخلاء دون علم وأخلاق.
الفن أخلاق قبل أن يكون اختصاصا وشعبة الفنون التي ستكون مستقبلا في الجزائر شأنها شأن جامعة الذكاء الاصطناعي.فلا غنى عن الاثنين وأستطيع أن أؤكد أن الفن يخدم الذكاء الاصطناعي قبل أن يخدم الذكاء الاصطناعي الفن.
إن المجتمع الفنان هو المجتمع الراقي بحسه وأخلاقه المندمج في تراثه يرى كل شيئ جميلا من زاوية فنية بامتياز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.