يردد عدد غير قليل من العمال في الجزائر أنهم يفضلون قضاء أيام شهر رمضان الفضيل في العمل، ويدّعي كثيرون أن ذلك إنما يأتي من باب الحرص على تمضية الوقت بالأشغال المفيدة، ويسوقون عبارة (العمل عبادة) لتأكيد (حسن نواياهم)، ويرفعون شعار (نصوم ونخدم) أفضل من أن أنام فأخسر أجر الصوم·· وربما كان كثير ممن يفضلون العمل في رمضان يقومون بذلك لأنهم لا يتحملون الجمع بين الفراغ والصوم، ولكن من الواضح أن للبعض أسباب أخرى، لعل من بعضها (سهولة) العمل في شهر رمضان في الجزائر·· ففي بلادنا تحول الصوم إلى سبب لتسهيل العمل، وإنقاص حجمه، وتقليص مدته، ولذلك يرى بعض العمال فيه فرصة للعمل السهل، ويؤجلون أو يعجلون أخذ عطلهم حتى لا تتزامن مع رمضان·· شهر الربح السريع لكثير من التجار، وشهر تراجع النشاط الصناعي في البلاد نتيجة استفادة العمال في مختلف المؤسسات والشركات من معاملة استثنائية تجعل شهر الصيام عندهم شهرا للراحة و(التشماس)·· وباستثناء عمال بعض القطاعات الذين يشتغلون في ظروف صعبة، كالبناء والأشغال العمومية وبعض الشركات البترولية، وهم يقومون بجهد جبّار ويقاومون العطش بصعوبة شديدة، خصوصا أن بعضهم يشتغل تحت درجة حرارة تفوق الخمسين مئوية، وباستثناء عمال قطاعات لا يتقلص فيها زمن ولا حجم العمل خلال رمضان·· فإن العمل يصبح أكثر سهولة على غالبية العمال خلال هذا الشهر، وإضافة إلى تقليص حجمه ومدته، يستفيد العمال من (تفهم) المجتمع الذي يعامل العامل بمنطق (صايم وخدام·· مسكين)، وهو ما يدفع إلى تأجيل كثير من مشاغل وانشغالات الجزائريين إلى ما بعد العيد·· وفي ظل هذه المعطيات التي تشكل وتحيط بسوق العمل وأجواء المؤسسات عندنا، من الطبيعي أن يفضل كثير من العمال العمل في رمضان·· لأنهم لا يعملون شيئا·· ويرفضون الاستفادة من عطلة خلال الشهر الفضيل·· لأن عملهم فيه عطلة، وبذلك يحصلون على عطلتين في العام·· ويكون رمضان بالنسبة لهم شهرا للتوبة والغفران·· والراحة أيضا!··