أزمات كبرى بسبب الحرب الأوكرانية هذه أكثر الدول العربية المُهدّدة بالجوع.. لم تكن قضية الأمن الغذائي بالدول العربية هينة في الوضع الطبيعي إذ تعرضت هذه الدول لتقلبات الأسعار بالسوق الدولية سواء في أزمة الغذاء العالمي عامي 2006 و2007 أو في أزمة التغيرات المناخية عام 2010 والحال نفسها في ظل أزمة كورونا التي استمرت خلال عامي 2020 و2021 حيث ارتفعت أسعار الغذاء على نحو ملحوظ بنحو 35 بالمائة خلال عام 2021 كما أثرت أزمة الإمدادات الغذائية بظلالها السلبية على الاقتصادات العربية. ق.د/وكالات أصبحت أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا أكثر تهديدا للوضع الغذائي ليس فقط على الدول العربية بل على العالم عامة وإن كانت الدول العربية تأثرت بشكل مباشر وسريع نظرا لاعتماد العديد منها في تدبير الحبوب والزيوت على روسياوأوكرانيا. وحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) فإن فاتورة الواردات الغذائية على مستوى العالم ستصل إلى 1.8 تريليون دولار بزيادة قدرها 51 مليار دولار عما كان عليه الوضع عام 2021. وتعود هذه الزيادة إلى ارتفاع الأسعار وليس بسبب زيادة كميات الواردات من الغذاء كما تتوقع المنظمة أن الدول المستوردة ستجد صعوبة في تمويل ارتفاع التكاليف الخاصة بالغذاء مما قد يؤثر على قدرتها في الصمود أمام ارتفاع الأسعار. ولا يلوح في الأفق حل لأزمة الحرب الروسية على أوكرانيا وثمة مخاوف من أن يُستخدم الغذاء سلاحا في تلك الحرب في ظل الصراع بين روسيا من جهة وكل من أوروبا وأمريكا من جهة أخرى. لكن الأضرار الكبرى ستقع على الدول شديدة الفقر التي تعاني من نقص في الغذاء كما أن عدد من يعانون من الجوع يزداد يومًا بعد يوم في ظل هذه الأزمة. وفي أحدث تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة عن البلدان الأشد تضررا من أزمة الغذاء خاصة ارتفاع الأسعار تم رصد 6 دول هي: إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن وأفغانستان والصومال وهي القائمة التي تضم اثنين من الدول العربية اليمن والصومال . وللأزمة تداعياتها الأخرى على الدول التي تصنف على أنها متوسطة الدخل مثل مصر التي صرّح وزير ماليتها محمد معيط مؤخرا بأن ارتفاع أسعار القمح واستمرار الضغط على العملة المحلية سيكبدان الموازنة أعباء بنحو 3 مليارات دولار. ومن هنا حري بنا أن نلقي الضوء على واقع الأمن الغذائي للدول العربية خاصة في ظل توقع ومخاوف منظمة الأغذية والزراعة وكذلك برنامج الغذاء العالمي من تداعيات سلبية حول الغذاء واتساع دائرة الجوع. *توفر الغذاء في الدول العربية يعد هذا المؤشر من المؤشرات المهمة في ظل أزمة الغذاء التي يمر بها العالم منذ جائحة كورونا ومع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا إذ يعتمد هذا المؤشر على مجموعة من القياسات الفرعية المهمة مثل كفاية الإمدادات الغذائية وخطر انقطاع الإمدادات وكذلك القدرة الوطنية على توزيع الأغذية وأيضًا جهود البحث العلمي لتوسيع الإنتاج الزراعي والغذائي. ومن هنا وجدنا أهمية هذا المؤشر على المستوى العربي عامة وعلى الدول العربية التي تعاني من النزاعات المسلحة خاصة وكذلك الأوضاع التي فرضتها الحرب الروسية على أوكرانيا بخصوص تدفق الغذاء فضلا عن المساهمة الكبيرة في ارتفاع أسعار الغذاء. ووفق نتائج هذا المؤشر عام 2020 نجد أن هناك 5 دول هي الأقل أداء في توفر الغذاء على الصعيد العربي وهي : اليمن 27.5 السودان 30.8 سوريا 41.3 الأردن 48.2 المغرب 51.4 ونلاحظ أن الدول الثلاث الأقل على أداء المؤشر هي دول تعاني من نزاعات مسلحة وعدم استقرار سياسي اليمن والسودان وسوريا . *مؤشر الجوع تقرير أوضاع الأمن الغذائي العربي لعام 2020 الصادر عن المنظمة العربية للتنمية الزراعية أشار إلى أن ظاهرة الجوع ونقص التغذية تزايدت في العديد من الدول العربية التي شهدت حالات من عدم الاستقرار والظروف الطبيعية غير الملائمة وانتشار الجفاف وزيادة التصحر. ومن حيث مؤشر الجوع فإن الأرقام تبين أن أكثر الدول العربية تأثرا وفق هذا المؤشر هي: الصومال بنسبة 50.8 سوريا وجزر القمر بنسبة 42.3 اليمن بنسبة 38.4 جيبوتي 27.4 السودان 25.1 وكانت الدول الأفضل أداء على هذا المؤشر كل من الإمارات والبحرين والكويت بنسبة بلغت أقل من 5 . *نقص التغذية أما في ما يتعلق بنقص التغذية في الدول العربية فكانت النسبة الأعلى في: الصومال 59.5 اليمن 45.4 العراق 37.5 جيبوتي 16.2 السودان 12.3 * الجوع يحاصر 18 مليون سوداني ورسم التقرير الصادر عن منظمتي الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي صورة قاتمة عن الأمن الغذائي في السودان متوقعا تعرض 18 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 40 مليونا للجوع. أثار التقرير تساؤلات عديدة عن الأسباب التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي في بلد لطالما وصفه البعض ب سلة غذاء العالم المحتملة وذلك لتمتعه بأكثر من 180 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة و11 نهرا من بينها ثاني أطول نهر في العالم. وفيما عزا التقرير الأممي تدهور أوضاع الأمن الغذائي إلى ضعف الإنتاج والظروف السياسية والامنية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد قال خبراء اقتصاديون لموقع سكاي نيوز عربية إن ضعف السياسات والتمويل هي أبرز الأسباب. ويحذر الخبراء من خطورة الأوضاع إذا لم يتلق الموسم الجاري دعمًا قويًا من خلال المدخلات الزراعية وخدمات الثروة الحيوانية مشيرين إلى أن عوامل مثل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية ستؤدي إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص غير الآمنين غذائيا.