لم يجد المخزون السياحي بولاية الجلفة أي اهتمام من السلطات المعنية، رغم أن المنطقة تضم ثروة طبيعية هائلة ومؤهلات سياحية كبيرة تمكنها من أن تكون قطبا سياحيا استراتيجيا هاما على المستوى الوطني والإقليمي. من خلال معالمها الأثرية الموجودة، إلى جانب توفرها على مناخات سياحية أخرى شكلتها الثورة النباتية الغابية ومنابع معدنية، كل هذه الإمكانيات والقدرات التي تتوفر عليها المنطقة من شأنها المساعدة في تنمية النشاط السياحي. ولاية الجلفة التي يتجاوز تعدادها السكاني مليون و200 ألف نسمة، والذين يتوزعون على مساحة جغرافية من 33 ألف كيلو متر مربع، وبحكم جغرافية موقعها الاستراتيجي الذي يعتبر همزة وصل بين العديد من الولايات الداخلية، باحتلالها للجزء الأوسط من الشمال، حيث تجمعت فيها سلسلة جبلية عريضة تتقاسم مناطقها الحدودية، أشهرها جبال الأطلس التلي جنوبا، وجبال سن الباء بجزئيها الشرقي والغربي. كل هذا وبمناخ قاري جاف يرسم معالم ولاية الجلفة. وحسب التقارير المعدة من المختصين بهذا الميدان، فإن المناخات السياحية الطبيعية إضافة إلى الثروات النباتية التي تغطي مساحة معتبرة تتوزع على غابات سن الباء والمجبارة، حيث تغطي أشجار الصنوبر الحلبي ما نسبته 60 بالمائة، وهو نموذج لنباتات الأطلس الصحراوي. كما تضم هذه الغابات الكثير من الأدغال ذات المناظر الخلابة والجذابة، تقابلها في الشق الآخر أعداد هائلة من الحيوانات والطيور النادرة. وبذات المنطقة شكلت الثروة المائية عنصرا جديدا لجلب السياح من خلال المنابع المعدنية الثلاثة التي تتوفر عليها الولاية بكل من الشارف والمصران وقطارة، إلا أنه لم يتم الاستغلال في الوقت الحالي إلا لحمام الشارف، هذه الحمامات المعدنية تشهد تدفقا سياحيا هاما لاسيما في فصلي الصيف والربيع. جميع هذه المعطيات وبسبب غياب ميكانزمات محددة وإستراتيجية واضحة المعالم، أمام ظهور عدة عراقيل وصعوبات، نجد أن طالبي الاستثمار قد تراجعوا عن رغبتهم، وذلك أمام غياب السياسة الاستثمارية السياحية للدولة. أما بشأن توفر الهياكل والمنشآت السياحية فهي لا تزال شبه منعدمة، إن لم تكن منعدمة أصلا أمام غياب مشاريع إنجاز فنادق ومراكز إيواء. وأمام هذه الوضعية، تبقى مناطق التوسع السياحي تعاني الإهمال، في وقت كان ينتظر اتخاذ مبادرات تتجاوب مع مخطط تطوير السياحة، وتحقيق درجة أكبر من التفاعل والتواصل بين مختلف مصالح المديريات المعنية بهذا القطاع لاستغلال هذه المدخرات السياحية، لتكون عاملا تنمويا للمنطقة، عوض وضعها تحت طائلة التهميش والنسيان. وقد كانت للسفير الفرنسي بالجزائر »إكزافييه دريانكور« جولة استطلاعية بولاية الجلفة أكد فيها على أن زيارته لولاية الجلفة جاءت بناء على موقعها الاستراتيجي الهام والإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها الولاية، خصوصا السياحية منها، والتي انبهر خلالها بالموقع السياحي الهام بمنطقة حجر الملح المتواجد على بعد 30 كلم من مدينة الجلفة، حيث يمثل إحدى المعالم الأكثر أهمية في ميدان الجيولوجيا، فهو من الملح الذي يظهر في وسط من المكونات القارية الذي يعلو بحوالي 100 م. ويمثل حجر الملح في الميدان السياحي الألوان المتغيرة من الأصفر إلى الأخضر، البنفسجي في بعض المرات إلى الأحمر في منظر متجانس وجميل، أين تخرج عدة عيون التي لها شطوط بيضاء أين يجد الماء مسلكا صعبا في زربية دائمة من الملح.