يتجه الاستثمار السياحي في بلادنا إلى تغطية العجز المسجل في مجال الإيواء، هذا الأخير الذي يبقى بعيدا عن تلبية الطلب في هذا الجانب في ظل الرواج المتزايد للسياحة الجزائرية، وتندرج الاستثمارات التي منها ما هو في طورالإنجاز، في إطار الإستراتيجية الوطنية الخاصة بتهيئة القطاع السياحي في آفاق 2025 والتي هي جزء لا يتجزأ من المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الذي يرمي إلى خلق نوع من التناسق والتناغم في إنجاز مختلف المشاريع القطاعية، وتم في هذا الإطار الانطلاق في تجسيد مشاريع سياحية ضخمة من شأنها الاستجابة للتدفق الهائل المرتقب للسياح، وإنعاش السياحة المحلية والوطنية، ويخص الأمر إنجاز سبعة أقطاب سياحية بامتياز، و50 قرية سياحية ذات مواصفات عالمية، بمختلف ولايات الوطن. دخل القطاع السياحي في الجزائر مثله مثل عدد كبير من القطاعات، مجال الخوصصة سنة 1988، وتم على إثر ذلك فتح الباب أمام القطاع الخاص لولوج المجال، وحسب مدير السياحة لولاية الجزائر السيد صالح عكموم في تصريح ل"المساء" فإن آخر مركب سياحي بادرت الدولة ببنائه هوحمام القرقور والذي يعد أحد المرافق السياحية ذات الخصوصية الحموية والاستشفائية والطبية، وتم في ذات السنة إصدار مرسوم تنفيذي يحدد مناطق التوسع السياحي بهدف توفير عقارات مؤهلة لاستقطاب المشاريع السياحية، وتم في هذا الإطار تحديد 174 منطقة توسع سياحي على المستوى الوطني، كما تم إدراج عملية الاستثمار في القطاع السياحي ضمن الملفات القطاعية الكبرى منها ما يخص مشاريع الهضاب العليا والجنوب الكبير. ويرتكز العمل في هذا المجال على تدارك التأخر المسجل في المجال السياحي في بلادنا، وتأهيل القطاع وجعله في المستوى الذي يجب أن يكون عليه في ظل ما يتوفر عليه من مؤهلات طبيعية ومادية وتاريخية وتراث مادي وغير مادي، وهي مؤهلات مشجعة للتدفق السياحي ومدعمة لهذا النوع من الاقتصاد الذي يقف في قائمة الاقتصاديات المدرة للثروات والخالقة للقيمة المضافة. وحسب السيد صالح عكموم فانه تم إدراج مسألة دعم المرافق السياحية والخدمات المرفقة، في مخططات التعمير وتهيئة الإقليم سواء على المستوى المحلي أوالوطني، وترتكز هذه العملية على قواعد أساسية، منها اعتماد مخطط نوعية الخدمات والترقية السياحية، تشجيع الاستثمار في المجال السياحي وإنشاء قرى سياحية كما يتم الأخذ بعين الاعتبار عند إنجاز أي مشروع تنموي الجوانب الأخرى المدعمة للسياحة، منها النقل والمرافق العامة ومختلف الخدمات التي تشجع على التدفق السياحي. ويعد المخطط الوطني لتهيئة الإقليم في آفاق 2025 أرضية العمل الرئيسية لتنمية السياحة في الجزائر كغيرها من القطاعات الأخرى، ويتضمن هذا المخطط الإطار الاستراتيجي والمرجعي لتطبيق السياسة السياحية في الجزائر في حدود 2025، وتجسيد التوجه الرامي إلى تثمين الإمكانيات التي تتوفر عليها الجزائر، منها الطبيعية والثقافية والتاريخية وجعل هذه الإمكانيات في خدمة السياحة، ومن ثم تغطية العجز المسجل خاصة في مجال الإيواء الذي لا تتعدى سعته 80 ألف سرير على المستوى الوطني، 10 بالمائة منها فقط مطابقة للمواصفات العالمية، يقابلها عدد كبير من الطلبات على الإيواء في الجزائر يفوق الملايين سنويا. مشاريع للمديين القريب والمتوسط من ضمن المشاريع الكبرى التي يتضمنها المخطط ومنه الإستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة، إنجاز سبعة أقطاب سياحية بحلول 2025، بالإضافة إلى إنجاز 20 قرية سياحية وحدائق ايكولوجية ذات بعد سياحي تتوزع على التراب الوطني، وهي نماذج سياحية تسمح بهيكلة الإقليم وتحسين الوجهة السياحية للجزائر، تشمل مجموعة من القرى السياحية بدرجة امتياز وعددا من التجهيزات ومرافق الإيواء ومختلف النشاطات، بشكل يتناغم مع ما يتضمنه مشروع تنمية الإقليم، وتستجيب هذه الأقطاب إلى احتياجات السكان الثقافية والتجارية. ومن جملة هذه الأقطاب، القطب الواقع بشمال شرق الوطن ويمس ست ولايات هي عناية والطارف وسكيكدة وقالمة وسوق أهراس وتبسة، والقطب الثاني يتوسط شمال ووسط الوطن ويشمل كل من الجزائر العاصمة وتيبازة وبومرداس والبليدة والشلف وعين الدفلى والمدية والبويرة وتيزي وزو وبجاية، ويتوسط القطب الثالث، الولايات الواقعة شمال غرب الوطن ويضم كل من مستغانم ووهران وعين تموشنت وتلمسان ومعسكر وسيدي بلعباس وغليزان، ويتوسط الولايات الواقعة جنوب غرب الوطن منها غرداية وبسكرة والوادي والمنيعة قطبا سياحيا رابعا، ويتوسط الخامس الولايات الواقعة جنوب غرب الوطن، منها منطقة توات وقرارة وأدرار وتيميمون وبشار، كما تتضمن هذه المشاريع إنجاز قطبين بالجنوب الكبير، الأول يضم التاسيلي وإليزي وجانت والثاني يشمل الهقار والتاسيلي. وتم خلال شهر جوان من هذه السنة، إدماج 50 مستثمرا وطنيا جديدا لتجسيد 50 مشروعا استثماريا في مجال الفندقة بالأقطاب السياحية المذكورة، من شأنه توفير 6800 سرير وخلق 10 آلاف منصب شغل وهي عملية تضاف حسب الجهة الوصية إلى تلك التي تم الانطلاق في تجسيدها السنة الماضية (2008) والتي ترمي إلى بعث 283 مشروعا سياحيا بسعة 25 ألف سرير وتوفير 35600 منصب شغل. ويصل عدد المشاريع الاستثمارية الخاصة بإنجاز القرى السياحية، 20 قرية موزعة على كل من الطارف وعنابة وبجاية بومرداس وتيبازة وسكيكدة ووهران والعاصمة وتلمسان وتميمون، تضاف لها ثلاث حدائق "دنيا بارك" وهي من نوع الحدائق الايكولوجية ذات البعد السياحي، بكل من العاصمة ووهران وعنابة، ويفوق إجمالي عدد الأسرة المزمع توفيرها بمختلف هذه القرى، 52 ألف سرير. وحسب المختصين فإن الجزائر التي كانت سنوات السبعينيات مقصدا سياحيا عالميا هاما ستسترجع مكانتها بشكل كبير ومتميز خاصة وأنها مدرجة حاليا حسب المنظور السياحي في خانة الوجهات السياحية غير المكتشفة، هذا المنظور الذي يأخذ بعين الاعتبار توجه السياح إلى اختيار الوجهات الجديدة غير المكتشفة وهوما من شأنه إعطاءالجزائر درجة امتياز في استقطاب السياح العالميين وربما تصدر قائمة الدول السياحية.