** يلتمس المسلمون ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان ومعلوم أن الليل في نصف الكرة الأرضية يقابل النهار في النصف الآخر، فهل يعني ذلك أن ليلة القدر تكون في جزء من الأرض فقط أم أنها تنتقل إلى النصف الآخر عند ما يحين فيه الليل؟ * يقول الشيخ سعد فضل من علماء الأزهر الشريف مجيبا عن هذا السؤال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد.. فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتماس ليلة القدر وإحيائها كي يحظى المسلم بالثواب الجزيل الذي أعده الله تعالى لعباده الصائمين القائمين؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وجاءت روايات عند النسائي وأحمد تزيد "وما تأخر". وقد التمس الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة القدر في العشر الأوائل من رمضان فلم يصادفها، ثم التمسها في العشر الأوسط فلم يصادفها، وأخيرًا بلغ أصحابه بوقوعها في العشر الأخير، بل حددها لهم بأنها في الوتر من العشر الأخير، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأخير من رمضان". والقول بأن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان قول اجتهادي لا ينفي أقوالاً، ولعل في إخفاء هذه الليلة ما يحفز المسلم إلى دوام المراقبة واليقظة الدينية، وكون الليل يتكرر على مستوى الكرة الأرضية لا يعني أن ليلة القدر تكون في جهة دون أخرى، كما أن النهار يتكرر على مستوى الكرة الأرضية، وكل مسلم مطالب بصيام نهار رمضان عندما يحل عليه ذلك النهار دون ارتباط بوجود النهار في بقعة أخرى من الأرض. فالمسلم مطالبٌ شرعًا بتحري هذه الليلة المباركة والتماسها على ضوء الواقع الجغرافي لمنطقته، ويكون التحري بالاعتكاف في المساجد والمحافظة على الجماعة في الصلوات المكتوبة وتلاوة القرآن والدعاء إلى الله والتهجد ليلاً. والمسألة ابتداءً وانتهاءً هي ثواب الله يتفضل به على عباده المؤمنين الأصفياء ويمنحه لمن شاء ليلاً أو نهارًا ولا حرج على فضل الله، قال تعالي ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ (الفرقان:62) نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر وأن لا يحرمنا أجرها.