إن لشهر رمضان ميزة خاصة، وأجر غير محدود، فلابد من العمل بكل جد حتى نتمكن من قطف الزهرات التي يتمتع بها هذا الشهر الفضيل عن غيره من الشهور، فأهم هذه الزهرات ، نذكر: الزهرة الأولى: حياة بدون معاصٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَ نَادَى مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّار " (رواه الحاكم). فتصفيد الشياطين، معناه تعجيزهم عن الإغواء و تزيين الشهوات و تفتح أبواب الجنة لتعظيم العمل الصالح و يتضاعف بذلك الأجر و الثواب. الزهرة الثانية: السعادة في الدنيا و الآخرة، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "...لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لقي رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ " (رواه البخاري). إنها سعادة الفرد بالطاعة ، و تنفيذه لأمر الله تعالى .فأي سعادة تضاهي السعادة العظيمة حينما تقدم على ربك جل في علاه ، وتجد جزاء صيامك الذي أعده الله تعالى لك، فكما قال جل و علا: "...إلا الصيام فهو لي و أنا أجزي به." الزهرة الثالثة:الإخلاص و الطهارة من الرياء، إن من أجمل الصيام هو جني من ورائه الإخلاص، الإخلاص الذي هو السر بين العبد وربه لا يطلع عليه ملك فيكتبه، أو شيطان فيفسده !. الزهرة الرابعة: الدعاء المستجاب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهم: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرُ... " (رواه ابن حبان وصححه الألباني ) .الكثير منا يتمنى أن يكون مستجاب الدعوة، إنها المنحة الربانية للنفس الصائمة أن تكون مستجابة الدعوات. الزهرة الخامسة: التميز في الدنيا و الآخرة، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ في الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " ( رواه البخاري ومسلم).إنه التميز على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، حين ينفرد الصائمون بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم. حقا إنه تميز في الدنيا بين العباد بترك الطعام والشراب والشهوات لله، فميزهم الله تعالى يوم القيامة بالدخول من باب الريان. الزهرة السادسة: ثواب حجة مع الرسول عليه الصلاة و السلام، عن أَنَس بن مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و سلم قال " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ مَعِي". (صححه الألباني). و المراد بقوله كحجة، يعني في حصول الثواب. الزهرة السابعة:ثواب عمل أكثر من ألف شهر، يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: " إنا أنزلناه في ليلة القدر و ما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر.."، فلا بد من الاجتهاد في العبادة خصوصا في العشر الأواخر حتى لا نحرم من أن يرزقنا الله تعالى ثواب هذه الليلة الخاصة. الزهرة الثامنة: غفران الذنوب، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " (متفق عليه ) . فلا بد من أن يكون الصوم بنية فرضية الصوم و طلب الثواب. الزهرة التاسعة: الفوز بالشفاعة،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أي رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فشفعني فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فشفعني فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ " (رواه الحاكم). الزهرة العاشرة: العتق من النار، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَة "ٍ ). رواه أحمد وابن ماجة وصححه الألباني ).إنه الهدف الذي نسعى إليه دائما، ونردده في دعائنا كثيرا، " اللهم اجعلنا من عتقائك من النار ". فلنسارع جميعا إلى الطاعة ولنتزود من العبادة في شهر القرآن ، حتى نكون من عتقاء الله تعالى أجمعين.