آيت علجت.. رجل أفنى حياته في محاريب العلم الجزائر تبكي شيخها الجليل الرئيس تبون: نُودّع مجاهداً إماماً أخلص في جهاده ونفع بعلمه س. إبراهيم عاشت الجزائر أجواء حزينة منذ أن تم الإعلان عن وفاة الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت وتحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر للبكاء على فقيد الجزائر وشيخها الجليل كما تهاطلت التعازي على عائلته فيما اتسم تشييع جثمانه إلى مرقده بحضور جمع شعبي غفير إلى جانب حضور رسمي يتقدمه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان. وُري الثرى ظهر الأربعاء جثمان العلامة آيت علجت بمقبرة عيسات إيدير ببني مسوس بالجزائر العاصمة بحضور جمع غفير من المشيعين جاءوا من مختلف مناطق الوطن لم تسعهم الساحة التي أقيمت بها صلاة الجنازة بمحاذاة المقبرة. وحضر مراسم تشييع جنازة الفقيد الوزير الأول السيد أيمن بن عبد الرحمان ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والقضائية السيد بوعلام بوعلام واعضاء من الحكومة على غرار وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد يوسف بلمهدي ووزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة ووزير الاتصال السيد محمد بوسليماني إلى جانب الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وعميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني وإطارات سامية في الدولة بالإضافة إلى جمع غفير من المواطنين ومن محبي وتلاميذ الشيخ ورفاقه في الجهاد وكذا أئمة ودعاة. وفي كلمة تأبينية قال السيد يوسف بلمهدي إن الجزائر تودع في الشيخ آيت علجت عالما ربانيا فذا فقيها مقرئا وهو عالم الجزائر ومجاهدها وهو بحق رجل ينبغي اتخاذه قدوة فتأخذ الأجيال من علمه وعمله . وأضاف أن الفقيد أسهم في جهاد التحرير إبان الاستعمار وفي جهاد التشييد بعد الاستقلال حيث أنه حمل السلاح ضمن كتيبة العقيد عميروش خلال الثورة التحريرية المجيدة وحمل بعد الاستقلال لواء الجهاد الأكبر فخدم الثورة والعلم معا . وأشاد الوزير بما كان للشيخ من تقدير واحترام وتبجيل من طرف علماء العالم لما اتسم به من دعوة وسطية وعلم راكز . وكان الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت قد انتقل إلى رحمة الله ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء عن عمر ناهز 106 أعوام بعد عمر أفناه في معركتي تحرير الوطن وتحصيل العلم وتبليغه. ويعد الفقيد من مواليد بلدية تمقرة دائرة أقبو بولاية بجاية سنة 1917 وقد حفظ القرآن الكريم بزاوية جده الشيخ سيدي يحيى العيدلي أين تلقى المبادئ الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية لينتقل بعدها إلى زاوية الشيخ بلحملاوي بوادي العثمانية بنواحي قسنطينة أين درس مختلف العلوم الشرعية من فقه ولغة إضافة إلى الحساب والفلك وكذا العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافيا. وشارك الفقيد في ثورة التحرير هو وسائر طلبة زاوية سيدي يحيى العيدلي الذين التحقوا كلهم بركب الكفاح بعد أن فجر المحتل الفرنسي زاويتهم سنة 1956. وفي أواخر سنة 1957 سافر بإشارة من العقيد عميروش إلى تونس لينتقل بعدها إلى طرابلس الليبية أين عين عضوا في مكتب جبهة التحرير الوطني هناك. وعقب الاستقلال عاد الراحل الشيخ آيت علجت إلى وطنه حيث عين أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة وثانوية عمارة رشيد ببن عكنون إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978. وبناء على طلب من وزارة الشؤون الدينية عاد الفقيد إلى نشاطه المسجدي ليمارس دروس الوعظ والإرشاد وخطابة الجمعة بمسجد الغزالي بحي حيدرة ومسجد دار الأرقم. وتخرج على يدي الفقيد آيت علجت العديد من الطلبة المتمكنين الذين تصدروا المشهد الفكري والديني في الجزائر كما خلف العديد من المؤلفات من بينها كتاب على شكل مذكرات يروي سيرته الذاتية وتاريخ الثورة الجزائرية وتقييمه للأحداث وتسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني ومختارات سلسلة شرح الموطأ. وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد يوسف بلمهدي قد قام يوم الاثنين وبأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بزيارة الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت الذي كان يرقد بقسم الإنعاش بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة قبل أن تفيض روحه إلى بارئها. رئيس الجمهورية يعدّد مناقب الراحل بعث رئيس الجمهورية أمس الأربعاء برسالة تعزية إلى عائلة الفقيد الشيخ العلامة محمد الطاهر آيت علجت الذي وافته المنية عن عمر ناهز 106 سنة. وجاء في رسالة التعزية لرئيس الجمهورية: بسم الله الرحمن الرحيم. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . صدق الله العظيم. فاضت روح فقيدنا فضيلة العلامة الشيخ التقي الورع المجاهد رفيق الشهداء والإمام الصادق النافع الواعظ الصادق تغمده الله سبحانه وتعالى بالرحمة والمغفرة . وأضاف رئيس الجمهورية: إن الشعب الجزائري يودع فيه مجاهدا إماما أخلص في جهاده ونفع بعلمه وظل ما أمده الله في العمر داعيا إلى الهدى بالتي هي أحسن مثابرا على النصح داعيا إلى الفضيلة وإلى التمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وإلى قيم التسامح والتآخي تعلقت بإطلالاته المباركة وبإشراق وجهه بنور الإسلام ومحبة الجزائر قلوب الجزائريين الذين يشيعونه بحسرة وألم ويضاعفون بدعواتهم أجر وثواب ما ادخره في هذه الدنيا من الأعمال الصالحة . وخلص رئيس الجمهورية إلى القول: وأمام هذا المصاب الأليم أتوجه إلى عائلته وذويه ومحبيه بأخلص التعازي وأصدق مشاعر المواساة داعيا المولى عز وجل أن يشمله إلى جواره مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا عظم الله أجركم وأحسن عزاءكم . يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي . قوجيل يعزي عائلة الفقيد بعث رئيس مجلس الأمة السيد صالح قوجيل أمس الأربعاء رسالة تعزية إلى عائلة الفقيه العلامة محمد الطاهر آيت علجت أكد فيها على مآثر الفقيد وخصاله الحميدة وضلاعته الدينية. وقال السيد قوجيل في رسالة التعزية: خاضعا متبتلا إلى رب العزة تبارك وتعالى تلقيت كما الجزائريات والجزائريين بعميق التأثر والحسرة نبأ انتقال المغفور له بإذن الله رئيس اللجنة الوزارية للفتوى واللجنة الوطنية للأهلة والمواقيت الشرعية العلامة والشيخ الجليل والمجاهد محمد الطاهر آيت علجت إلى رحمة الخالق وعفوه في هذه الأيام المباركات من شهر ذي القعدة الحرام . وأضاف بالقول: وإذ ننعى بأسى كبير رحيل الفقيد رفيق الشهيد البطل العقيد عميروش فالمقام يستوجب ذكر مآثره وخصاله الحميدة التي حفلت بها دنياه التي جاوزت قرنا من الزمن بجهد دائب في الشؤون الدينية والأخروية . فاتسم الراحل وهو سليل أسرة عريقة يضيف السيد قوجيل بوقار العلماء ورصانة الأشياخ فكان قلبه يلهج بالإيمان ويفيض بالإحسان وينضح بالتقوى.. كان مرهف الروح نقيها يعرج في الأعالي فأضحى بذا ممن انطبعت فيهم أخلاق الإسلام فصاروا مرآته مكنته من تصدر شاشة التلفزيون العمومي على مدار عقود بفتاويه التي تدل على ضلاعته الدينية وقوة عارضته وسعة تفكيره وصاعقته في سعة الملكة وظل على ذلك إلى أن وافاه الأجل المحتوم فكانت فتاويه الفقهية المرتكزة على الحنيفية السمحى وعلى الوسطية والاعتدال ونبذ التعصب والغلو أحد الينابيع التي نهلت منها أجيال رحمه الله تعالى . وكتب رئيس مجلس الأمة في رسالته: أمام هذا الرزء العظيم الذي ألم بالجزائر والذي أشاطركم أحزانكم فيه وجميع أفراد عائلتكم الفاضلة أعرب لكم أصالة عن نفسي ونيابة عن أعضاء مجلس الأمة عن صادق العزاء وخالص الدعاء ضارعا إلى الباري أن يغمر روح الفقيد بأنعام مغفرته كما أدعوه جل وعلا أن ينزل على قلوبكم جميل الصبر وعظيم السلوان . ربيقة يعزي في وفاة المجاهد آيت علجت تقدم وزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة أمس الأربعاء بتعازيه اثر وفاة المجاهد والعلامة الشيخ الفاضل الطاهر آيت علجت عن عمر ناهز 106 سنوات حسب ما أفاد به بيان للوزارة. وجاء في البيان ببالغ التأثر تلقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد العيد ربيقة نبأ وفاة المجاهد عضو جيش التحرير العلامة الشيخ الفاضل الراحل الطاهر آيت علجت عن عمر ناهز 106 أعوام. وأمام هذا المصاب الجلل يضيف ذات المصدر يتقدم السيد العيد ربيقة لعائلة الفقيد المجاهد العلامة الشيخ الفاضل الطاهر آيت علجت ولرفاقه في الجهاد وتلامذته وكل أهل العلم بخالص العزاء وصادق المواساة في فقدان عالم من علماء الجزائر الأجلاء الذي كان وسيظل الأسوة والقدوة بأعماله الخالدة ومحامده الشريفة وخصاله الحميدة مبتهلا إلى الله عز وجل أن يتقبله قبولا حسنا وأن يكرم وفادته إلى جواره ويتغمده بأنعام رحمته الواسعة .