بقلم: الدكتورة سميرة بيطام * كثيرة هي التضحيات التي قُدمت في صمت ولم تسجل بعد بمداد الذهب على صحف الحقيقة جميلة هي تنازلات المخلصين في سبيل أن يستمر الركب بلا اصطدام ولا خصام ولا قشعريرة بدن توحي بالشعور بالبرد وقت الصيف اللامع . رائعة هي أشكال الاستماتة التي تجمل بها أهل الكفاح والصبر والاحتساب برداء الوقار والعفاف فيحسبهم الجاهل أنهم سعداء بما لديهم والواقع أن تنحي هذا الصنف من الناس على حافة النكران كان لابد منه في فترة من الفترات أين اشتد التنافس الذي في غالبيته لم يكن لا بالمشروع ولا بالمُجاز في خبرة العارفين بملامح الابتلاء. لا زالت الشعوب وسط هذه الديباجة المختصرة تتطلع لواقع أفضل ومع الأسف لم يفهم البعض منهم ما هو التغيير المنشود تحديدا؟ أو على الأقل كم هي تكلفة هذا التحول الراقي الذي يحتاج للصفاء والإخلاص والوضوح أكثر منه لسواعد بشرية ولماديات تيسر العمل وتخفض من تكلفته الباهضة الى أسعار معقولة. وعلى الجانب الآخر من خفايا بعض البشر مقربون كانوا أم بعيدون تسقط الأقنعة منهم تباعا والظروف هي من تقسطها رغما عنهم لأنهم يحاولون أن يظهروا على غير حقيقتهم التي يخبؤونها للغير فيريدون أن تكون وسامتهم ثابتة لا تحركها شكوك ضحاياهم ولا أدلة اجرامهم ولا وقائع أخطائهم التي نخرت في أجساد من طعنوا في ظهورهم علامات الغدر والخيانة وللأسف لا أحد كشف أفعالهم ولا أحد يريد أن يلمح الى حقيقتهم في حين تتناوب السهام ايلاما في خاصرة كل صادق نزيه تقي لازم طريق الله على رغم المكائد والفتن والمشاكل التي بُعثرت على حافتيه لم ينجو من خطوب الحيل الا من كتب الله له النجاة وفوق ذلك هم اليوم مهمشون مقصون مبعدون بقوة من مواقعهم الحقيقية التي استمدوها من شرعية العمل والجد والنباهة ولم يستتروا تحت أي غطاء من أجل النجاح أو التفوق انها علامات التناقض وعلامات تلميع صور من لا علامة يعرفون بها لأنهم في حقيقتهم مفسدون وكانوا في ماضيهم مفسدون متحايلون كاذبون وأمام جمهور الناس يتكلمون عن حقوق الميراث ومشروعية القانون في ضبط التجاوزات ومخالفات من لا يعرفون القانون وكيفية اثبات التهم سريعا . *شخصيات مخادعة حقيقة هؤلاء الصنف من الناس مبدع في خداع الآخرين بتسمياتهم المهنية ورُتبهم العلمية المهم لديهم هو التسلق والوصول الى منصات التفوق بأي شكل من الأشكال ولا يهم كيف سيصلون فالمهم هو الوصول في حين يلتزم المكافحون والمثابرون ببنود وشروط المنافسة الشريفة فلا يتخطون خطا محرم عليهم تخطيه ولا ينافسون في مناصب الغير حيازة غير متاحة لهم هم يعرفون أن الكفاح نزاع وصراع بين الخير والشر سجال لذلك هم يطبقون على أنفسهم هذا المنطلق الواقعي الذي له من مخارج النتائج ما يعطي لكل ذي مجتهد نصيب. لكن ما بنا اليوم نشهد تراجعا للمضحين وللصادقين والمجتهدين تراجعا في الوصول الى مبتغاهم وأهدافهم تحقيقا لطموحهم الجميل؟ ما بنا اليوم نرى وجوها قد نعرف عنها الكثير وقد نعرف هنها الجوهر المخفي من شخصياتهم التي انتحلوا فيها ملامح الذكاء والمعرفة ولكننا نجهل أن لهم أدوار تناقض تلك الملامح والحقيقة أنهم مراوغون بامتياز وقد ساعدهم التشهير ليظهروا للعامة بمظهر الشخصيات المألوفة والموزونة في كلامها والمتقدة الشعلة في نصائحها ولكنها غابت في أن تنصح نفسها بأن تبدو كما هي حقيقة في أن تقول حقا في أن تذكر لمتابعيها من يقف وراء تقدمهم وشهرتهم المؤقتة أقول المؤقتة لأنه لا يستمر عمل فيه تحايل وتلاعب وتمويه لمشاعر الناس وادراكهم لواقعية ما يتابعونه من حصص ومداخلات الا والفرز اللازم مطلوب لأننا سئمنا المتابعة بمجرد أن نقرأ أسماء هذه الشخصيات التي يرفض الواقع أن يسميها شخصية عامة اذا لم تكن ملتزمة بأخلاق ومبادئ الآدمية التي تصور النموذج الحقيقي للإنسان الناجح الذي يبدأ نجاحه في أسرته ومع ذويه من أقارب فقراء ومعوزين أو ميسوري الحال فتلك علامة على عدم التكبر وعدم التعالي على من هم في مستوى بسيط من المعيشة الاجتماعية التي جعلت منهم أشخاصا لا يُعرفون الا في مناسبات العيد . نعم نتابع عن قرب أو عن بعد ظهور شخصيات ترافع أمام الناس فتشرح لها القضايا الاجتماعية وتغوص في أعماق المشكلات لتجد لها الحلول وتقدمها لهم في براعة لأنهم اهل الاختصاص وأهل التخصص لا يخطؤون وقد نسى هؤلاء أنهم جزء من المعضلة التي تعاني منها الشعوب اليوم وهي البحث عن آليات التغيير الحقيقي لواقع لا يزال يحمل بين طياته أشخاص لا تتوفر فيهم شروط النهضة الحقيقية اذ بتوفر شرط العلم يغيب شرط الأخلاق أو بتوفر شرط الأخلاق يغيب شرط النزاهة وهكذا دواليك بقيت شعوب العالم العربي تائهة في البحث عن الصدق والحق والعدل مناشدة لدى هذه الشخصيات التي ترتدي أقنعة ان توضح لها أكثر خلفية ظهورهم وارتدادهم منصات النقاشات العامة حول مواضيع سياسية كانت أو ثقافية أو اجتماعية ثم من كلف هؤلاء الأشخاص بالظهور أمام العامة وتوجيه عقولها نحو الوجهة التي يريدونها هم ألم يقطعوا هم أنفسهم صلة أرحامهم تحت طائلة المنافسة الغير مشروعة وحب الظهور بأنانية مفرطة ؟ انهم يملؤون ذاك النقص في شخصيتهم بحب الظهور بمظهر الاتزان والمعرفة والتواضع لكن الحقيقة دائما تتدخل مهما طال الزمن فتعيد تقديم شخصيات أخرى تعكس صور الشخصيات الأولى وتوضح الخلل الكامن فيهم أنهم هم انفسهم فاسدون لوكن بمسميات شخصيات إصلاحية فنوع آخر من الناس جواهر ولكنهم مهمشون لأن الخطر في ظهورهم لو أصلحوا وغيروا وبنوا وأحدثوا فارقا جوهريا ملحوظا بعكس من اتخذ من الكلام مجرد مطية ليخدر العقول ويجعلها تصدق كل ما تسمع أو تراه. * فئة دخيلة عجبا نعم عجبا لفئة غاصت بكل جرأة لتفسد وقد أفسدت حين احتقرت مستضعفا من أهلها أو أبعدت ناجحا من ساحتها بطريقة لا يُحسب للغدر دور فيه نعم هي شخصيات مريضة تشعر بمركب النقص إزاء كل نجاح حتى لو كان الناجح من الأهل هؤلاء المتحايلون هم كثر في زماننا هذا وبسببهم تعطلت عجلة التغيير ولم تتحرك بعد وان كان تحركها بطيئا بقدر ما يوحي أن كل شيء على ما يرام ما دام الأمن موجود والاستقرار مضمون ولكن ماذا بعد الأمن والاستقرار وهذا الصنف المفسد من الناس هو من تعلو به الرتب وتصدح به الشاشات وترتفع به الحناجر ألا يوجد رقيب على سلوكاتهم وعلى سوابقهم الماضية انهم يحملون لواء أمانة المعلومة والمصداقية فكيف نلازم بتتبع مثل هؤلاء الذين يتقنون فن التلاعب بالمشاعر واصطيادها وجرها نحو التصديق ببذلة رسمية جديدة وبربطة عنق جميلة اللون وبحذاء يلمع من بعيد وبكلام منمق وبلغة بسيطة يفهمها الكل وحتى من لا يفهمها فالمغزى العام يكفيه. لأن هدفهم هو الظهور والاستيلاء على المنصات وشد الانتباه وفقط البقية من مراحل تسلق سلم النجاح لا يهم فقد يؤدي الهاتف وظيفة التسهيل وقد يؤدي مبلغ من المال مهمة التبليغ ناهيك عمن يزاحمون بلا داع واضح لهذا الزحام فمن كرمه الله بالعقل والفهم هو مبجل ومن وُلد على فطرة الذكاء فهو مكرم فعلى ما تتنافسون اذا؟. ان ازدهار الحضارات السابقة لدى العرب أو غيرهم انما كان بظهور شخصيات متخلقة لها باع من العلم والثقافة التي تجعل ظهورها محبب في أوساط الجماهير الشعبية على اختلاف مراتبها وحتى طوائفها هي شخصيات لازمت القرآن والسنة النبوية منهجا وتعلمت على أيادي كبار العلماء فنهلت منهم العلم الحقيقي واكتسبت من تجاربها الحكمة والفهم الصحيح لحلول مشكلات الحياة ولم تقصد في ظهورها لا اعلام ولا مشهرين لهم بل تركت أفعالهم هي من تتكلم عنهم فذاع صيتهم وأحدثوا إصلاحات عميقة أمثال الشيخ بن باديس والابراهيمي وغيرهم كثر من أبطال المعارك التي خاضوها ببسالة ولم يؤلفوا حتى كتبا تروي سيرتهم الثاقبة لأنهم لا وقت لديهم فكل وقتهم هو عطاء للغير وبلا مقابل أليس حري بنا اليوم أن نقف وقفة صريحة مع أنفسنا ونعترف أن ثمة أخطاء ومزايدات وجب تصحيحها أو تعديلها قبل الخروج بمظهر المعتدل أمام الناس؟. حري جدا أن يبدأ الإصلاح بأسماء صالحة ومتخلقة بعيدة كل البعد عن التنميق وتجميل المظاهر ومن أراد النجاح على حساب مصلحته الشخصية فليثق من الآن أن نجاحه مؤقت وسيأتي من يقدم البديل الأكثر صدقا واخلاصا وبالتالي الأكثر نجاحا ريثما يكملون تهيئة أنفسهم وتخليصها من شوائب التعطيل والتأخير التي نصبها لهم غيرهم ممن حسدوهم في انجازاتهم فسارعوا لإيقافها حتى لا تستمر والله سبحانه وتعالى يؤكده بوعده الصادق لهذه الفئة الطيبة مصداقا لقوله تعالى : يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون سورة التوبة الآية 32. ولكي تحقق الأمم نهضتها الحقيقية نعم الحقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معان الصدق والمصداقية والواقعية أن يتخلص المخلصون من قيودهم المفروضة عليهم من الغيروحتى من انفسهم لينهضوا من عثراتهم ويكملوا مسيرتهم الحقة لأنهم هم أولى بأن يبصموا بصمتهم الواضحة فلهم كل الحق ولهم كل الحرية في ذلك ما داموا قد تبنوا مشروعهم منذ سنوات على الأقل ليفهم المتحايلون أن تذاكرهم لا تسمح لهم بالانتقال الى الضفة الأخرى من الانبعاث الحضاري لأنه مشروع رقي وسمو وليس لمن هب ودب أن يسجل اسمه فيه على أساس أنه منخرط في المشروع اذا لم يتحلى بالأخلاق والصدق كشرطين أساسيين أو على الأقل مراجعة سيرهم الذاتية وكيف تمت انجازاتهم وعلى أي صفيح تم طهي أفكارهم التي ربما كانت بدافع المنافسة الغير شريفة لا أكثر ولا أقل مثلما قيل عن الصدق أنه يعزز الهوية الشخصية ويجعلك قائدا لذاتك فليكن الصدق شعار النجاح.