أصبحت البوسنة والغابون ونيجيريا صاحبات القرار في معركة الفلسطينيين في مجلس الأمن الدولي للحصول على أصوات لدعم طلبهم منح العضوية الكاملة لدولة لهم في المنظمة الدولية. وتواجه الدول الثلاث ضغوطاً دبلوماسية مكثفة من القيادة الفلسطينية من جهة، ومن الولاياتالمتحدة وإسرائيل اللتين تعارضان دولة فلسطينية في الأممالمتحدة من جهة أخرى . ومع أن واشنطن هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، يسعى الفلسطينيون للحصول على أصوات غالبية الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن لتحقيق انتصار معنوي للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ان الفلسطينيين تمكنوا من الحصول على تأييد ثمانية أعضاء في المجلس، بينما يفترض ان يحصل المشروع على تسعة أصوات لتمريره، مما سيجبر الولاياتالمتحدة بعدها على اللجوء إلى الفيتو. وحساب الأصوات معقد مع الفلسطينيين الذين حصلوا على تأييد علني من ست دول أعضاء في المجلس هي البرازيل والصين والهند ولبنان وروسيا وجنوب افريقيا. واكدت الدول الاوروبية أنها لم تقرر بعد موقفها، لكن دبلوماسيين ذكروا أن بريطانيا وكولومبيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال والولاياتالمتحدة ستمتنع عن التصويت او ستصوت ضد القرار. وهذا يجعل البوسنة والغابون ونيجيريا في الخط الأمامي. وسيزور المالكي البوسنة التي تشهد رئاستها الثلاثية (من الصرب والكروات والمسلمين) انقساماً بشأن دعم الفلسطينيين. وسيتوجه وفد آخر عالي المستوى الى الغابون ونيجيريا، كما ذكر مسؤولون فلسطينيون، مع ان المالكي اكد انه تلقى تأكيدات من ان الدولتين ستدعمان الطلب الفلسطيني. واعترفت هذه الدول الثلاث بالدولة الفلسطينية بشكل فردي من قبل، لكنها تدرك أيضا ثقل وزن الدبلوماسية الأميركية. وقال دبلوماسي في مجلس الامن إن "الولاياتالمتحدة تملك وسائل سياسية واقتصادية". فعُضوَا المجلس الرئاسي البوسني المسلم والكرواتي بكر عزت بيغوفيتش وزيليكو كومسيتش يدعمان الطلب الفلسطيني الذي يعارضه العضو الثالث الصربي نيبويسا رادمانوفيتش. وتصوت البوسنة على قرارات الاممالمتحدة عادة بالانحياز للإجماع المتوفر. لذلك قال دبلوماسيون ان هذا الانقسام والعلاقات الوثيقة مع الولاياتالمتحدة يمكن ان يجبرا البوسنة على الامتناع عن التصويت. وقال كومسيتش لصحيفة دنيفي افاز الجمعة الماضية "اتعاطف مع الفلسطينيين وفلسطين كدولة. لكن السياسة ليست تعاطفا ومواقف شخصية فقط". وفي الغابون قال مصدرٌ في الرئاسة لوكالة فرانس برس ان بعثة فلسطينية تتواجد في الغابون منذ سنوات، لكن الغابون قد تمتنع عن التصويت. واضاف ان الغابون إما ستؤيد الفلسطينيين او تمتنع عن التصويت. واكد وزير الخارجية النيجيري اولوغبينغا اشيرو من جهته دعما للطلب الفلسطيني، لكنه لم يوضِّح كيف سيصوت اكبر بلد إفريقي في عدد السكان في مجلس الامن . ونصف سكان نيجيريا البالغ عددهم 150 مليون نسمة مسلمون، وهي دولة واجهت الولاياتالمتحدة صعوبات في الماضي في التأثير عليها. لكن نيجيريا ستكون في وضع حساس، اذ انها ستتولى رئاسة مجلس الامن في اكتوبر بما في ذلك لجنة العضوية والاجتماعات الكاملة اذا كان سيجرى تصويت . وسيزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنفسه البرتغال هذا الاسبوع قبل ان يتوجه الى كولومبيا للضغط على حكومتي البلدين من اجل دعم مطلب الفلسطينيين، مع انه يعرف ان هذا النجاح لن يؤدي سوى إلى دفع واشنطن الى استخدام الفيتو. وتعارض الولاياتالمتحدة واسرائيل منح دولة فلسطينية عضوية كاملة في الاممالمتحدة، وتؤكدان ان اقامة الدولة يجب ان يتم عبر مفاوضات مباشرة بين الدولة العبرية والفلسطينيين. وقال ديفيد ماكوفسكي مدير مشروع عملية السلام في الشرق الاوسط في معهد سياسة الشرق الادنى في واشنطن ان عباس "أخطأ في حسابه" ومراهنته على الدول الاعضاء في المجلس. واضاف ان "مراهنته على الحصول على موافقة مجلس الامن الدولي تفقد زخمها" على الرغم من التصفيق الحار لخطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر . وسيدفع الإخفاق في الحصول على تصويت في مجلس الأمن الدولي او فيتو اميركي الرئيس الفلسطيني إلى خطة بديلة تقضي بضمان منح فلسطين صفة دولة مُراقب عبر تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضوا، ويمكنه الحصول على اغلبية بسهولة ولا فيتو فيها. وقال عباس لصحيفة كريستيان ساينس مونيتر هذا الاسبوع "درسنا هذه المسألة، وناقشنا أدق تفاصيلها لأكثر من سنة ". واضاف ان "الولاياتالمتحدة معقل الديمقراطية سترتكب خطأ بحق الشعب الفلسطيني إذا أنكرت حقهم في الحرية وفي تقرير المصير وسيكون عليها تحمل مسؤولية أفعالها".