يعد فصل الصيف من الفصول التي تزداد فيها معدلات السمنة بين الكثير من المواطنين، بسبب الإفراط في استهلاك الوجبات الخفيفة والسريعة المعروفة بكثرة المواد الدسمة فيها وكذا الحلويات والمثلجات وغيرها، بالإضافة إلى الركون الكبير للراحة، وعدم ممارسة أية نشاطات يومية أو رياضية، حيث يقضي أغلب المواطنين الصيف في عطلتهم ما بين الاسترخاء والاستجمام والنوم والركون إلى الراحة الدائمة والمتواصلة. وتعتبر السمنة لدى الأطفال في الجزائر من المشكلات العويصة التي عرفت طريقها إلى مجتمعنا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تزايد عدد الأطفال الذين يعانون من السمنة في الجزائر بشكل كبير، وسط تجاهل تام من طرف نسبة لا بأس بها من الأسر، التي تعتبر أن السمنة رمز من رموز الصحة والعيش الرغيد، أو إهمال من طرف البعض الآخر، ممن قد لا يولون اهتماما كبيرا لهذه المشكلة الصحية على هذه الفئة، نتيجة المضاعفات الصحية الخطيرة التي تتربص بالأطفال البدناء في كل وقت، وقد تجعلهم عرضة لأنواع شتى من الأمراض. ويمكن أن نلاحظ بوضوح في كل مكان تقريبا، سواء كان ذلك خلال فصل الصيف أو في غيره، أن عددا كبيرا من زبائن محلات الأكل السريع هم من الأطفال والمراهقين، كما أن ضعف رقابة الأهل يؤدي إلى ترك الحرية للطفل الذي يقضي أغلب يومه أثناء فصل الصيف والعطلة المدرسية في الشارع، وغالبا ما ينفق الكثير من الأطفال النقود التي يتحصلون عليها من أوليائهم على شراء الوجبات السريعة والحلويات والمثلجات التي تغريهم بتناولها، بل ويتنافسون في ذلك، ولا تلتفت بعض الأمهات للأسف الشديد إلى خطورة الأكل السريع على أبنائهن، إنما قد يجدن في ذلك حلا فعالا وسريعا، دون الانتباه إلى المخاطر التي تحدق بهم مستقبلا، وإن كانت بعض الأسر تتفطن في الوقت المناسب فتدفع بأبنائها إلى ممارسة الرياضة والتخلي عن عاداتهم السيئة في الأكل، واستعادة وزنهم الطبيعي، فإن أسرا أخرى لا تلقي إلى ذلك بالا، إلا بعد فوات الأوان. وخلصت دراسة ميدانية أجريت قبل فترة من قبل مجموعة من المختصين إلى أن حوالي 30 بالمائة من أطفال الجزائر يعانون من أخطار السمنة التي اعتبرها الأطباء من أخطر الأمراض المزمنة التي يؤدي عدم علاجها إلى ظهور أعراض خطيرة عند الأطفال. وأكدت هذه الدراسة أن السمنة مست الأطفال من ست إلى سبع سنوات بنسبة 37 بالمائة ومن 11 إلى 12 سنة بنسبة 29 بالمئة ومن 14 إلى 16 بنسبة 33 بالمئة. كما بينت أن 62 بالمئة ممن يعانون هذا المرض يمارسون الرياضة، لكن 38 بالمئة منهم فقط يمارسونها بشكل منتظم. وفيما يخص النظام الغذائي الذي يتبعه هؤلاء الأطفال، تبيّن أن 31 بالمئة من الأطفال يتناولون وجبات إضافية و17 بالمئة يتناولون الطعام في محلات ال»فاست فود«، بينما يتناول 48 بالمئة طعامهم في البيت أمام التلفزيون. وأوضح الأطباء أن السمنة عند الأطفال تحتاج إلى وقت طويل ومستمر من العلاج المتواصل والمجاهدة تبدأ بالتخلي عن بعض العادات السلبية على غرار الجلوس أمام التلفزيون لفترة طويلة بعد الوجبات الغذائية والإكثار من تناول الأغذية المالحة والحلويات بمختلف أشكالها وأحجامها، بالإضافة إلى ضرورة ممارسة الرياضة في سن مبكرة لا تتجاوز 10 سنوات. وأضافت الدراسة، أن السمنة عند الأطفال تنتج عنها سلبيات كثيرة عضوية ونفسية واقتصادية واجتماعية، حيث يعاني الطفل البدين مستقبلا من أمراض عضوية عديدة كآلام المفاصل واعوجاج العظام والأنيميا وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أمراض الجهاز التنفسي والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومشاكل صحية عديدة وينتج عن ذلك تعرض الطفل لأعراض نفسية وسلوكية جراء تلك السمنة، أهمها إحساسه بأنه يثير انتباه الآخرين والعجز عن ممارسة أي نوع من الألعاب الرياضية ومجاراة أصدقائه. كما تقف الأسباب الوراثية وراء 40 بالمئة من حالات سمنة الأطفال إذا كان أحد الأبوين يعاني من السمنة، وبيّن أن بعض الدراسات أكدت تفضيل الفرد تناول بعض أصناف الطعام كالدهون بسبب وراثي يتعلق ببعض الجينات التي تكون مسؤولة عنها ولو بصور جزئية.