تشهد أسعار الحبوب الجافة والبقوليات عموما ارتفاعا خياليا في الفترة الأخيرة، وعلى اعتبار هذه المادة الاستهلاكية من أساسيات المائدة الجزائرية، خصوصا في فصل الشتاء، فإن الإقبال عليها يكون كبيرا نظرا للقيمة الغذائية التي تحتويها، بالإضافة إلى توفيرها الحيوية والطاقة للجسم· ومن خلال جولة قادتنا إلى بعض محلات بيع المواد الغذائية العامة، وقفنا على واقع الارتفاع الذي مس على الأخص، الحمص، التي كان سعرها يتراوح ما بين 120 و 140 دج، ليقفز الآن إلى مستوى 180 دج، في حين بلغت أسعار العدس والفاصولياء بأنواعها حدود 160 دج، بعدما كانت ما بين 80 و100 دج، أما البازلاء المجففة، فإن سعرها هي الأخرى قفز إلى 130 دج، فيما كانت أرخص أنواع الحبوب، حيث لم يكن يفوق سعرها 60 دج، أما الأرز ورغم الارتفاع الذي مس باقي أنواع الحبوب والبقوليات، بقي في متناول المواطنين، إذ بقي مستقرا عند سعر 70 دج· هذا فيما يخص الحبوب العادية، أما المعلبة وذات النوعيات المعروفة، فقد وصلت أسعارها حتى 200 دج، بالنسبة للحمص مثلا، وهو الإشكال الذي وضع المواطنين، لا سيما أصحاب الدخل المتوسط والمحدود، أمام اختيارات صعبة للغاية، ودفعت البعض منهم للتفكير في الاستغناء عنها، لأنها أصبحت تهدد ميزانيتهم المتواضعة، في ظل هذه الارتفاعات، التي أصبحت موضة جارية بين كل فترة وفترة، ومست لحد الآن مختلف أنواع السلع في السوق، بداية بالخضر والفواكه، وصولا إلى اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء، وها هو الدور الآن يأتي على الحبوب الجافة والبقوليات، التي تعد أهم الأطباق الشتوية على مائدة المواطن الجزائري البسيط· الارتفاع الجنوني في أسعار الحبوب الجافة والبقوليات، ترك استياء بالغا في نفوس المواطنين، وهو ما لمسناه من تعليقات بعضهم، الذين صدموا من الأسعار الجديدة، إذ قالت إحدى السيدات إن هذا الارتفاع جعلها عاجزة عن شراء بعض منها، رغم أنها من أهم الأطباق التي يتم إعدادها عادة في مثل هذه الفترة من السنة، كما أن أطفالها يطلبون منها طهوها، نظرا لكونها تدفئهم وتزودهم بالطاقة والحيوية، وعقبت قائلة، إنه لا عتب على أسعار اللحوم، إذا كانت الحبوب الجافة أيضا قد قفزت إلى مستويات عالية، فيما قالت أخرى إن الارتفاع حرمهم من متعة هذه الأطباق، بل وحرمهم حق مشاهدتها تزين موائدهم، وقالت إنها تفكر في الاستغناء عنها أصلا لأنها أصبحت عاجزة عن اقتناء بعضها· التجار من جهتهم، أرجعوا سبب الارتفاع إلى الأوضاع المتدهورة مؤخرا في العالم العربي، حيث قال أحد الباعة بسوق بن عمار في القبة، في هذا الصدد، إن الثورات العربية، أثرت في السوق العالمية، وجعلت مصدري الحبوب يوجهون سلعهم إلى الدول المتضررة من هذه الثورات، وهو ما تسبب في ندرتها بالسوق المحلية وبالتالي ارتفاع أسعارها، وماداموا هم أساسا يقتنونها من أسواق الجملة بأثمان مرتفعة، فمن البديهي أن يكون سعرها في التجزئة مرتفعا أيضا· تجدر الإشارة إلى أن للبقوليات والحبوب قيمة غذائية عالية، فهي قليلة الدسم، وبالتالي سهلة الطهو، غنية بالألياف الغذائية، تنظم حركة الأمعاء والجهاز الهضمي، كما أنها غنية بالفيتامينات والمعادن، لاحتوائها على البروتين المغذي والضروري للصحة، وهي أيضا مصدر هام للنشويات التي توفر الطاقة والحيوية للجسم· وبين هذا وذاك، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بشدة، يتعلق بمصير المواطن الجزائري البسيط، إن كان عليه تقبل الأمر الواقع والاستسلام للأسعار والتأقلم مع كل وضع طارئ وجديد·