قالت والدة محمد البوعزيزي الذي فجّر ما أصبح يعرف (بالربيع العربي) حين أشعل النّار في نفسه إن أوّل انتخابات حرّة جرت في تونس أمس الأحد هي لحظة انتصار لروحه ودعت للحفاظ على روح الديمقراطية والحرية التي نالتها تونس بعد عقود من القمع· وأحرق محمد البوعزيزي نفسه في 17 ديسمبر العام الماضي احتجاجا على مصادرة عربة للخضر يملكها ليفجر موجة غضب عارمة اجتاحت البلاد لتنتقل بعد ذلك إلى بلدان عربية أخرى مثل مصر التي أطاحت برئيسها ولييبا التي قتل قائدها بعد اشهر من ثورة مسلحة دعَّمها (النّاتو)· وبعد عشرة أشهر من وفاة البوعزيزي أصبحت تونس أول بلد ضمن ما يعرف بالربيع العربي ينظّم انتخابات لاختيار اأضاء مجلس تأسيسي لكتابة دستور جديد للبلاد· وتثير هذه الانتخابات اهتماما واسعا في أنحاء العالم لأنها منطلق الثورات العربية التي أعادت تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط· وقالت منوبية البوعزيزي والدة محمد الذي أصبح ينظر إليه في الخارج على أنه بطل وملهم: (أنا فخورة جدّا بابني·· أنه ضحّى بحياته حتى تعيش تونس هذا اليوم)، وأضافت في مقابلة مع (رويترز) أجريت في بيتها بضاحية المرسى بالعاصمة الذي انتقلت اليه هذا العام: (هذه الانتخابات لحظة انتصار لروح ابني الذي مات دفاعا عن الكرامة والحرّية ووقوفا في وجه الظلم والاستبداد)· وأدلى ملايين التونسيين أمس الأحد بأصواتهم لاختيار جمعية تأسيسية مهمّتها كتابة دستور جديد وتشكيل حكومة مؤقّتة جديدة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتوقع اجراؤها العام المقبل· وقالت منوبية إن ابنها أصبح مصدر فخر لها بالفعل، وأضافت باكية: (كلّ هذا لم يكن ليكون لو لم يثر ابني ضد القمع والتهميش والإهانة)· لكن والدة الشابّ الذي أصبح اسمه على ساحات في تونس وحتى في باريس كانت تؤكّد على أنه يتعيّن الوفاء لروح ابنها بضمان استقرار البلاد والمحافظة على نسمات الحرّية التي نالتها تونس ودفع البوعزيزي حياته ثمنها· وقد اختلطت مشاعر والدة البوعزيزي بين الحسرة على فقدان ابنها والفخر بما حقّقته البلاد نتيجة حادث غيّر مجرى الأحداث في المنطقة، وقالت بتأثّر: (ما أتمنّاه هو أن يحافظوا على أمانة ابني، وأن يفكّر من سيحكم البلاد في مصير الفقراء والمهمّشين في المناطق الداخلية للبلاد)، ومضت تقول: (ما كان أحد يتوقّع قبل أن نعيش مثل هذا الآن·· من قبل كنّا فقط نفكّر كيف سنكسب مورد الرّزق، لكن الآن موت ابني مكّننا من التغلّب على القمع والاستبداد والتحدث حتى في السياسة·· يتعين الحفاظ على ذلك)، وقالت: (أعتقد أن مستقبل تونس سيكون أفضل لكنني أريد أن تتوحّد الأحزاب السياسية مع بعضها، وأن تتفادى كلّ المشاكل والخلافات). وأضافت منوبية البوعزيزي التي ودّعت مدينة سيدي بوزيد أنها اضطرّت إلى ذلك لأنها أصبحت عرضة للإشاعات في المدينة، وأن أوضاعها الاجتماعية مازالت سيّئة جدّا وتأمل أن توليها الحكومة اهتماما أكبر·