هل من الصدفة أن تحتل كل من قنصليتي فرنسا في عنابةوالجزائر العاصمة، على التوالي المرتبتين الأولى والثانية من حيث عدد الملفات المرفوضة وذلك مقارنة بكل قنصليات فرنسا عبر دول العالم؟ وهل من المعقول أن تتفوق المغرب التي بها عدد أقل من السكان قياسا للجزائر على جارتها الشرقية من حيث عدد التأشيرات الممنوحة؟ وزير الهجرة الفرنسي يقول أنه سيتم بداية من يوم 5 مارس 2011 تقديم الأسباب التي تحول دون الموافقة على منح التأشيرات، وطبعا لن ينتظر كثير من الجزائريين نحو ثمانية أشهر لمعرفة لماذا ترفض فرنسا هجرتهم إليها بطريقة شرعية، حيث سيركب البعض »قوارب الموت« على أمل بلوغها بطريقة غير شرعية، فيما سيفضل آخرون الهجرة لأي بلد آخر غير فرنسا التي تغلق أبوابها في وجه الجزائريين، وسيكون على البقية البقاء في بلادهم التي وإن جارت عليهم تبقى عزيزة بلا شك.. الحكومة الفرنسية تحصل سنويا على أربعة ملايين أورو من ملفات الجزائريين المرفوضة، وهو مبلغ مالي كبير يجعل القنصليات الفرنسية في الجزائر تتحول بامتياز لمراكز تجارية كبرى تحصل على مزيد من الأرباح كل سنة. الأرقام التي كشف عنها التحقيق الميداني لجمعية لاسيماد الفرنسية أثبتت أن الجزائريين غير مرغوب فيهم بفرنسا، وبيّنت أن وصول نيكولا ساركوزي إلى الحكم في باريس أحدث تغييرا كبيرا في طبيعة العلاقة بين المهاجرين الجزائريين والدولة الفرنسية التي باتت تنظر بعين القلق حينا، والخوف حينا آخر، لمسألة تنامي أعداد الجزائريين المقيمين بفرنسا، وحرصهم على التعبير عن هويتهم علنا، خصوصا في الفترة التي شهدت تألق المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم. وإذا كان الأرقام المعلن عنها قد وجهت رسالة باريسية مباشرة للجزائريين مفادها »فرنسا لا تريدكم«، فإن الجزائريين اليوم مطالبون بالرد بطريقتهم على هذه الرسالة، ليس بتكثيف رحلات الهجرة غير الشرعية، وإنما بتقليص تنقلاتهم نحو هذا البلد الذي لم يحبهم يوما إلى أقل حد ممكن..