يدين تقرير صدر الخميس الماضي، عن جمعية »لاسيماد« لمساعدة المهاجرين الحكومة الفرنسية في سياستها في منح ورفض التأشيرات بالنّسبة للجزائريين. وأعدّت الجمعية تقريرا سجّلت فيه أهمّ الملاحظات بخصوص المعاناة الطويلة للجزائريين و»التلاعب« بالتبريرات أثناء تلقّي ودراسة ملفات التأشيرات وعدم تقديم أيّ مبرّرات عن أسباب الرّفض. أغرب ما يشير إليه التقرير هو احتلال كلّ من قنصليتي فرنسا في عنابةوالجزائر العاصمة على التوالي المرتبتين الأولى والثانية من حيث عدد الملفات المرفوضة، وذلك مقارنة بكلّ قنصليات فرنسا عبر دول العالم. ويظهر جدول في التقرير أن القنصليتين أسوأ حتى من قنصليات فرنسية في غينيا والكونغو وغانا وهايتي ومدغشقر وجزر القمر وبنغلاداش وكوت ديفوار ومالي والمغرب. وبلغت نسبة الملفات المرفوضة في قنصلية عنابة نسبة 47.82 بالمائة، وهي الأعلى على الإطلاق مقارنة بعديد الدول. ويوضّح التقرير أن عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين عام 2008 بلغ 132 ألف تأشيرة، لتكون الجزائر ضمن ستّ دول التي تسجّل أكثر الطلبات لتأشيرة »شنغن« لدى السفارات الفرنسية، وهي روسيا، المغرب، تونس، الصين، وتركيا، أمّا في 2009 فحصل الرّوس على أكبر عدد من تأشيرات الإقامة القصيرة 253112))، يليهم الصينيون (170188) والمغاربة (من المغرب 151509) والجزائريون (130013). وحدّد التقرير بدقّة حجم المبالغ المالية التي يدفعها الجزائريون لقاء دراسة ملفات التأشيرة، وتشير إلى أن العام 2008 سجّل تحصيل أكثر من 12 مليون أورو، لكن التقرير يشير أيضا إلى أن الحكومة الفرنسية تحصل سنويا على أربعة ملايين أورو من ملفات الجزائريين المرفوضة، وذلك يتعلّق بالملفات التي يدفع أصحابها التكاليف ثمّ ترفض دون تقديم مبرّرات. لذلك لا تجد »لاسيماد« حرجا في القول إن القنصليات الفرنسية تحوّلت مع مرور الوقت إلى »مؤسسات تجارية« مع التوجّه الجديد بتوكيل شركات خاصّة بدراسة الملفات كما هو الحال في الجزائر العاصمة، حيث تتولّى مؤسسة »فيزا فرانس« العملية. ويعتقد تقرير »لاسيماد« أن السلطات الفرنسية تستهدف اليوم مراجعة إتّفاقية 1968 الموقّعة مع الجزائر، والمتعلّقة بتنقّل الأشخاص، وقال إن السلطات الفرنسية والجزائرية معا فشلتا في المفاوضات حول المراجعة. ويكشف التقرير أن السلطات الفرنسية تريد وضع الجزائريين في نفس مستوى الرّعايا الآخرين وإلغاء بعض الامتيازات الممنوحة لهم في الاتّفاق المشار إليه، وبالمقابل تقترح السلطات الفرنسية على الجزائر تسهيل منح تأشيرات التنقّل للجزائريين. ويلمّح التقرير إلى أن الجزائر لا تريد الاستعجال في العودة إلى طاولة المفاوضات، وواضح أن الأمر يتعلّق بلجنة مشتركة كان قال عنها وزير الخارجية مراد مدلسي إنها تعطّلت، ويقصد لجنة مختلطة بين الجزائروفرنسا للنّظر في اتّفاقية 1986، والتي رغم وجودها إلاّ أن فرنسا تقريبا توقّفت عن العمل بها بحجّة »تدهوّر الوضع الأمني في الجزائر«.