بدأت تتّضح بعض معالم وأسرار التعديل الحكومي الذي أقرّه رئيس الجمهورية »عبد العزيز بوتفليقة« بدعوته الحكومة لأوّل مجلس وزراء منذ تنصيب أعضائها الجدد قبل أسابيع، إلى مجلس وزراء أمس يتضمّن جدول أعماله كيفية مراقبة صرف أموال الميزانية المقبلة، والتي تفوق ال 286 مليار دولار خلال المخطّط الخماسي الجديد الذي تتجنّد الحكومة كلّها لإنجاحه. واستدعى الرئيس »عبد العزيز بوتفليقة« وزراء الحكومة في اجتماع للوزراء تضمّن جدول أعمال يشرح المرسوم الرئاسي المتضمّن كيفيات تنظيم الصفقات العمومية حتى يتمّ اعتماد مضامينه بصفة رسمية كإطار قانوني لمنح المشاريع التي يتضمّنها برنامج الاستثمارات العمومية للمخطّط الخماسي الذي رصد له غلاف مالي يقدّر ب 286 مليار دولار. ويعتقد أن المجلس الوزاري سيكون الأخير خلال الصائفة الجارية، على خلفية أن الرئيس سيستدعي بصفة رسمية وزراء الحكومة إلى جلسات »استماع« يتّمها سنويا خلال شهر رمضان. وعلم من مصدر حكومي أن الوزير الأوّل أحمد أويحيى سيحصل على الضوء الأخضر من »بوتفليقة« لبداية تحديد تواريخ الاستماع إلى كلّ وزير على حِدة، لكن الفارق عن جلسات الأعوام الماضية هو تضمين المراسلات نوع التقارير التي يبحث »بوتفليقة« مدى تطوّرها والعطل الذي أصابها. ويعوّل »بوتفليقة« على المرسوم الجديد في تخطّي عيوب المرحلة السابقة، والتي أدّت إلى مغادرة بعض الوزراء على وقع فضائح فساد خطيرة، وستطال المراقبة الصفقات العمومية لمحاربة الفساد التي تلاحق منح صفقات المشاريع وتجعلها خارج أطر القانون. والشائع أن اختيار الرئيس فترة ما بعد تقرير مجلس الوزراء السابق موازنة قدرها 286 مليار دولار للسنوات الخمس المقبلة، كانت الدافع إلى تعديل حكومي يراعي المرحلة ويأخذ في الاعتبار سلبيات الحكومة السابقة لجهة حجم الفضائح المالية ومستوى القطاعات التي طاولتها في الطاقة والأشغال العمومية والمياه والصيد البحري. وكانت هذه الخلفية سبب مغادرة شكيب خليل منصبه رغم قربه من »بوتفليقة«. وتوصي التعديلات الجديدة بوصف قانون الصفقات العمومية ساريا على جميع المؤسسات العمومية الاقتصادية، بما فيها تلك الحاملة لصفة الاستراتيجية على نقيض ما كان عليه الأمر في وقت سابق بالنّسبة للشركة الوطنية للمحروقات »سوناطراك« والشركة الوطنية لتوزيع الكهرباء والغاز »سونلغاز«، وذلك لسدّ الفراغ القانوني الذي كان سببا في ظهور فضائح عقب إبرام صفقات دون مراعاة المصلحة العامّة للمؤسسات الاقتصادية. وقرّر الرئيس أن يفاضل المؤسسات الوطنية في عروض الصفقات العمومية، إذ سيتمّ إطلاق مناقصات توسّع حظوظ المؤسسات الوطنية الصغيرة والمتوسّطة، وإخضاع المشاريع لمناقصات وطنية في حال وجود فرضية قدرة المؤسسات الوطنية العمومية والخاصّة والمنتوجات الجزائرية على الإيفاء بالغرض، مع إلزام الشركات الأجنبية بالمناولة. حيث سيصبح تخفيض الجزء المحوّل من العملة الصّعبة إلى الخارج معيارا من المعايير التي يتمّ وفقها انتقاء الفائز بالمناقصات، الأمر الذي سيملي ضرورة إبرام شركات أجنبية جزائرية إلى جانب التموين بالمنتوجات الجزائرية. ويعيب مراقبون على الرئيس تأخّره في إطلاق لجنة مكافحة الفساد رغم مرور سنوات عن صدور المرسوم الذي يؤسسها، لكن الحكومة تقول إنها سترى النّور قريبا.