يناقش نوّاب الغرفة البرلمانية السفل بداية من يوم الاثنين مشروع قانون الإعلام الجديد الذي يأتي في سياق جملة من القوانين المستمدةّ من توجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أقرّ مطلع العام الجاري جملة من الإصلاحات التي مسّت مختلف القطاعات، ولم تستثن الإعلام الذي يُنتظر أن يشهد (ثورة إصلاحية) حقيقية من شأنها الارتقاء بالمشهد الإعلامي الوطني المكتوب والمسموع والمرئي نحو مستويات أفضل· ومن المقرّر أن يشرع نوّاب المجلس الشعبي الوطني هذا الاثنين في مناقشة مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام الذي عرف تعديل 51 مادة من بين 132 مادة، ويتضمّن مشروع القانون 63 مادة جديدة بينما أدخلت تعديلات على 51 مادة أخرى (بين معدلة ومكررة) وتمّ الإبقاء على 18 مادة· ** السمعي البصري بين أيدي الخواص مسّت التعديلات التي أدخلت على نص مشروع القانون المادة الثانية التي أصبحت تتضمّن 13 مبدأ، بالإضافة إلى اقتراح عدد من الأحكام الجديدة كعدم قابلية الاعتماد للتنازل ووجوب تخصيص كلّ نشرية دورية جهوية أو محلّية لخمسين بالمائة من المساحات التحريرية للمضامين المتعلقة بمنطقة تغطيتها الجغرافية· وتضمّنت التعديلات الواردة على هذا النص فتح القطاع السمعي البصري من الإعلام الوطني وإنشاء سلطتي ضبط مستقلتين واحدة للصحافة المكتوبة وأخرى للسمعي البصري (لتعويض المجلس الأعلى للإعلام)· أمّا فيما يخص الصحافة المكتوبة فجاء المشروع بجديد يخص منح الاعتماد للصحف، حيث لن يكون ذلك من صلاحيات الإدارة أو وزارة العدل وإنما سيكون من صلاحيات سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي جاءت لتعويض المجلس الأعلى للإعلام· وينبثق نصف أعضاء هذه الهيئة من المهنيين المنتخبين من طرف الأسرة الإعلامية ويعين النّصف الباقي من قبل رئيس الدولة وغرفتي البرلمان· وينصّ المشروع أيضا على أن إصدار كلّ نشرية دورية يتمّ بكلّ حرّية ويخضع لأعراض التسجيل ومراقبة صحّة المعلومات إلى إيداع تصريح مسبق من طرف المدير المسؤول عن النشرية لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وذلك قبل ستين يوما من صدور العدد الأوّل· وتضمّنت التعديلات التي أدخلت على نص مشروع القانون منع تخصيص أكثر من ثلث المساحة الإجمالية للصحيفة المكتوبة للإشهار والاستطلاعات الإشهارية وكذا ترقية توزيع الصحف بالجنوب· ** حماية اجتماعية ومهنية للصحفيين علاوة على ذلك احتوت التعديلات الواردة في النص الجديد ضمان حماية اجتماعية ومهنية للصحفيين الممارسين ووضع حدّ لتردّي حالهم ومعاناتهم (انعدام الضمان الاجتماعي والأجور الزهيدة واستغلال المتربّصين)· في هذا الإطار، تجري مشاورات لوضع شبكة أجور إلزامية وجديدة للصحفيين، وكذا تحديد كيفيات منح البطاقة المهنية للصحفيين وحماية المراسلين في مناطق النزاعات والحروب وتحديد آداب وأخلاقيات المهنة وإنشاء مجلس أعلى لذلك· وفي جانب ممارسة مهنة الصحافة أقرّ نص مشروع القانون (ضمان حقّ الردّ والتوضيح حتى في وسائل الإعلام الالكترونية) مع (إلغاء العقوبات السالبة للحرّية من الجنح الصحفية)، ناهيك عن (تكريس مساعدة الدولة للصحافة المتخصصة والجوارية ولتكوين الصحفيين)· كما يأتي مشروع القانون العضوي هذا ب (تكفّل صريح بقضية الوسائط الإعلامية السمعية البصرية والوسائط الإعلامية العاملة على شبكة الأنترنت)· وفي مجال أخلاقيات مهنة الصحافة يقترح المشروع إحداث (هيئة وطنية لأدبيات الصحافة وأخلاقياتها تسهر على امتثال الوسائط الإعلامية للقواعد الأخلاقية) ينتخب أعضاؤها من طرف محترفي الصحافة· ومن أهمّ ما يميّز مشروع قانون الإعلام الجديد خلوه من أحكام تعاقب الكتابة الصحفية بجميع أشكالها بالسجن ويكون بذلك قد جسّد قرار رئيس الدولة برفع التجريم عن الكتابة الصحفية· وكان وزير الاتّصال السيّد ناصر مهل قد أكد أن مشروع القانون العضوي الخاص بالإعلام يضمن (حماية أكثر للحياة الخاصّة للمواطن، لا سيّما ضمان حقه في الإعلام، وكذا ضبط النشاط الإعلامي مشيرا إلى أن هذا النص القانوني "يعمل على ضبط النشاط الإعلامي بطريقة تسمح ببلوغ مستوى التوازن بين الواجبات والحقوق لمختلف المتعاملين) من خلال تنصيب مجلس أعلى لآداب واخلاقيات مهنة الصحافة وتأطير شروط ممارسة مهنة الصحفي (عقد عمل وبطاقة مهنية وتأمين على الحياة)· واعتبر المسؤول الأوّل عن قطاع الإعلام أن هذا النص القانوني يشكل (قفزة هامة) وذلك من خلال نصه وللمرة الأولى في الجزائر على (فتح النشاط السمعي البصري لرأس المال الخاص الجزائري اضافة إلى إنشاء سلطات ضبط مستقلّة)· ** تعديلات جوهرية عرف مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام إدراج مجموعة من التعديلات (الجوهرية) المقترحة من طرف لجنة الثقافة والإتصال والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني مسّت أزيد من 10 مواد ذات صلة مباشرة ب (ترقية العمل الصحفي وضبط المجال الإعلامي)، حسب ما علم اليوم السبت لدى هذه اللّجنة· وذكر رئيس اللّجنة السيّد الطيّب بادي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن هذه التعديلات جاءت نتيجة عمل تميز ب (الموضوعية والعمق) كانت الغاية منه (ضبط المصطلحات وإضفاء المزيد من الوضوح) على النص الذي سيعرض على نواب المجلس الشعبي الوطني ابتداء من الإثنين المقبل والذي سيحلّ محلّ قانون 1990· وتوقّع السيد بادي أن يحظى مشروع القانون بنقاش (مستفيض) من طرف النواب اذ كشف عن تسجيل 58 متدخل لحد الآن والرقم مرشح للارتفاع، مشيرا إلى أن نواب المجلس أبدوا (اهتماما كبيرا) بالنص عند دراسته على مستوى اللّجنة· ومن بين أهم هذه التعديلات إدراج بنود جديدة تتعلّق بالشروط المطلوب توفّرها في الناشرين، حيث اقترحت اللّجنة في هذا الإطار (إلزامية توفّر الناشرين على الشهادة الجامعية، إضافة إلى 10 سنوات خبرة في المهنة بالنسبة لمسؤولي النشر في الإعلام العام بدل خمس سنوات" كما جاء في مشروع القانون فيما اقترحت "5 سنوات خبرة لمسؤولي النشر في الدوريات المتخصصة)· وتبنّت اللجنة تعديلا آخر يقضي ب (تمديد آجال صلاحية الاعتماد إلى سنة كاملة من تاريخ الحصول عليه بدل 3 أشهر)، يضيف السيد بادي· وفي ذات الصدد تمّ إدراج تعديل آخر يقضي ب"تمديد آجال تنصيب المجلس الأعلى لأدبيات وأخلاقيات الصحافة لمدة سنة بعد إصدار هذا القانون بدل ستة أشهر نظرا للعراقيل التي قد تواجه العملية" إضافة أيضا إلى (تمديد آجال حق الرد من 8 أيام إلى 30 يوما). وشملت التعديلات أيضا سلطة الضبط للصحافة المكتوبة والقطاع السمعي- البصري التي تم استحداثها بموجب مشروع القانون الجديد حيث تمثل تعديل اللجنة في (تخفيض النصاب القانوني الواجب توفره لعقد إجتماعاتها من 12 عضوا إلى 10 أعضاء)، علما أن هذه الهيئة تتشكل من 14 عضوا سبعة منهم صحفيون منتخبون واثنان يعينهما رئيس الجمهورية إضافة إلى رئيس الهيئة بالإضافة إلى أربعة آخرين من غرفتي البرلمان· وذكر السيد بادي بأن اللجنة ووعيا منها بالاهمية (الحيوية) التي يكتسيها هذا النص القانوني خاصة في ظل التطور المذهل لتكنولوجيات الإعلام والإتصال وسعيا منها للالمام بكل جوانبه قد استمعت إلى 70 مهنيا من صحفيين في المجال السمعي- البصري والصحافة المكتوبة والإلكترونية، وكذا مراسلي القنوات الفضائية في الجزائر إضافة إلى ناشرين ومدراء وأساتذة في القانون والإعلام وعلم الإجتماع·