يُعد مشروع المتحف الإسلامي بأستراليا -والذي يتم تجهيزُه حالياً- سابقة رائدة لتخليص العقل الجمعي الغربي من الأفكار النمطية السائدة عن الإسلام بصفة عامة وعن الجالية المسلمة بأستراليا على وجه الخصوص. حيث يسعى المشروع إلى تسليط الضوء على ما قدمته الحضارة الإسلامية من إسهامات هامة في التاريخ البشري العام وتاريخ الحضارة الغربية بصفة خاصة والأسترالية بصفة أكثر خصوصية. ويؤكد موقع (Inside Islam) والمعني بترسيخ ثقافة التعددية ومواجهة الأفكار النمطية عن الإسلام في العالم -في تقرير عن هذا المتحف- أن المسلمين يشكلون ملمحا أصيلا من النسيج الشعبي الأسترالي عبر قرون عديدة خلت. ويضيف الموقع الرسمي لمشروع المتحف، والمزمع إسدال الستار عنه بشكل رسمي خلال عام 2013، أن عددا من الصيادين والتجار المسلمين القادمين من إندونيسيا قد حطوا بالشواطئ الأسترالية في القرن السابع عشر الميلادي على أكثر تقدير (حيث تشير دراسات تاريخية أخرى إلى قدوم المسلمين إلى أستراليا قبل هذا التاريخ) وتتابع قدوم المسلمين في القرون التالية، حتى بلغت أعدادُهم بحسب الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان بأستراليا عام 2006 (340 ألف نسمة) منهم 129 ألف ولدوا بأستراليا. وتُعد هذه المبادرة (المتحف الإسلامي بأستراليا) جزءا لا يتجزأ من توجُّه عام يغشى العديد من الدول الغربية لعرض تاريخ الإسلام والمسلمين على أراضيها ولاستعراض إسهامات الحضارة الإسلامية في البناء الحضاري العالمي العام، ولعل المتحف الدولي للثقافات الإسلامية بمدينة جاكسون في ولاية ميسيسبي الأمريكية أحد النماذج الهامة في هذا المضمار. ويمكن لمثل هذه المتاحف أن تلعب دورا محوريا في إلقاء الضوء على العلاقات الراسخة بين الثقافات المتعددة، الأمر الذي دفع بالجالية المسلمة بأستراليا لتبني الفكرة للتعريف بجذورهم التاريخية وإسهاماتهم الحضارية كأحد روافد الثقافة الاسترالية. ويحظى المتحف بدعم كامل من "نيكولاس كوتسيراس"، وزير شؤون التعددية الثقافية والمواطنة بالحكومة الأسترالية والذي أكد-بحسب الموقع- أن المشروع "سيساعد على التعريف بعمق وتنوع الهويات الإسلامية وتغيير الأطر النمطية والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام والعمل في اتجاه خلق مجتمع يقوم على التفاهم والتراحم.. إنها فكرة نبيلة ورؤية تستحق الاهتمام". ولعل المغزى الرئيسي لهذا النوع من المشاريع يأتي للتأكيد على زيف دعاوى الاغتراب والتصادم بين الحضارتين الإسلامية والغربية، والتعريف بأن الإسلام -شأنه في ذلك شأن غيره من الأديان- شريك أصيل في المشهد التاريخي والواقع التعددي للمجتمعات الغربية. ويسعى الموقع لدعم روح الشراكة والإيجابية والتلاحم بالدعوة لإبداء الرأي في هكذا مشروعات ولفت الانتباه إلى إمكانية قدرة مثل هذه الأعمال على إحداث التغيير المطلوب في توجهات بعض التيارات، والتواصي باقتراح مزيد من الآليات التي يمكن أن يُفعلها المسلمون لإبراز الدور الحضاري للإسلام في الدول التي يعيش فيها.