نهى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن ترويع الآمنين والإشارة إلى مسلم بسلاح أو نحوه سواء جادا أو مازحا ونهى عن تعاطي السيف المسلول· عن أبى هريرة _ رضي الله عنه _ عن رسول الله قال: (لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدرى لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) متفق عليه· وفى رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم (من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع وإن كان أخاه لأبيه وأمه)· المعنى الإجمالي للحديث: حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه، لا أن يرعبه بحمل السلاح تجاهه لقتله أو قتاله أو تهديده أو تخويفه أو حتى ما يصيبه عرضاً أو حتى ترويعه بالمزاح· فالذي يشير إلى المسلم أو الذمي بسلاحه أو حديدة أو حجر أو ما أشبه ذلك كأنه يريد أن يرميه به فقد نهى النبي عن ذلك لأنه ربما يشير بهذا كأنه يريد أن يرميه بالحجر أو بالحديدة أو نحوها فينزغ الشيطان أو يفري الشيطان بينهما حتى يضرب أحدُهما الآخر بسلاحه فيحقق الشيطان ضربته ومنه قوله تعالى (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) يوسف: 10 وينطلق من يده الحجر أو الحديدة فيقع في حفرة من النار وكذلك ما يفعله بعض السفهاء يأتي بالسيارة مسرعاً نحو شخص واقف أو جالس أو مضطجع يلعب عليه ثم يحركها بسرعة إذا قرب منه حتى لا يدوسه هذا أيضاً يُنهى عنه كالإشارة بالحديدة لأنه لا يدرى لعل الشيطان ينزغ يده فلا يتحكم في السيارة وحينئذ يقع في حفرة من النار· المهم أن جميع أسباب الهلاك يُنهى الإنسان أن يفعلها سواء كان جاداً أم هازلاً كما دل عليه الحديث· ومما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضوان الله عليهم أنه في إحدى الغزوات (كان زيد بن ثابت فيمن ينقل التراب، وغلبته عيناه فنام في الخندق وكان الحر شديداً، فأخذ عمارة بن حزم سلاحه (أي سلاح زيد بن ثابت) وهو لا يشعر فلما قام فزع فقال رسول الله: (يا أبا رقاد أنمتَ حتى ذهب سلاحُك!) ثم قال: (من له علمٌ بسلاح هذا الغلام؟) فقال عمارة: يا رسول الله هو عندي· فقال: فردَّه عليه ونهى أن يروّع المسلم ويؤخذ متاعه لاعباً)· وقس على ذلك أن بعض الناس يخفي أحذية بعضٍ أو متاعهم على سبيل الدعابة والهزل وهذا من الترويع أيضاً· قال ابن العربى: (إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن، فكيف الذي يصيب بها؟ وإنما يستحق اللعن الذي يشير إشارة تهديد سواء كان جاداً أم لاعباً وإنما أخذ اللاعب الحكم لما أدخله على أخيه من الروع ولا يُخفى أن إثم الهازل دون الجاد ومن باب أولى الأدوات الحادة كالسكين والمطواة وغيرها)· فما بالك بأولئك الذين يحصدون قوى الإسلام وشبابه وطاقاته حصداً بسلاح لا يعرف رحمة ولا شفقة في حرب ليست مع أعداء الإسلام، وإنما هي مع المسلمين أنفسهم! وروى الشيخان عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي قال: (إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين)· وأخرج الإمام أحمد والبزار عن جابر رضي الله عنه: أن النبي مر بقوم في مجلس يسلون سيفاً يتعاطونه بينهم غير مغمود فقال: (ألم أزجر عن هذا؟ إذا سلَّ أحدُكم السيف فليغمده ثم ليعطه أخاه)· * قال ابن العربي: (إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن، فكيف الذي يصيب بها؟ وإنما يستحق اللعن الذي يشير إشارة تهديد سواء كان جاداً أم لاعباً وإنما أخذ اللاعب الحكم لما أدخله على أخيه من الروع ولا يُخفى أن إثم الهازل دون الجاد ومن باب أولى الأدوات الحادة كالسكين والمطواة وغيرها)·