قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: إنَّ بعدكم فتناً القاعد خير من الساعي، حتى ذكر الراكب، فكونوا فيها أحلاس بيوتكم وعن جندب رضي الله عنه قال: ستكون فتن، فعليكم بالأرض، وليكن أحدكم حلس بيته؛ فإنه لا ينبجس لها أحدٌ إلاّ أَرْدَتْهُ، وحينما اعتزل سعد بن مالك وعبدُ الله بن عمر الفتنةَ، قال علي رضي الله عنه: للهِ دَرُّ منزلٍ نَزلَه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، واللهِ إنْ كان ذنباً إنه لصغير مغفور، ولئن كان حسناً إنه لعظيم مشكور. تذكّر أخي المسلم ما في الصحيحين من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: إنَّ بعدكم فتناً القاعد خير من الساعي، حتى ذكر الراكب، فكونوا فيها أحلاس بيوتكم. وعن جندب رضي الله عنه قال: ستكون فت ، فعليكم بالأرض، وليكن أحدكم حلس بيته، فإنه لا ينبجس لها أحدٌ إلاّ أَرْدَتْهُ، وحينما اعتزل سعد بن مالك وعبدُ الله بن عمر الفتنةَ قال علي رضي الله عنه: للهِ دَرُّ منزلٍ نَزلَه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، واللهِ إنْ كان ذنباً إنه لصغير مغفور، ولئن كان حسناً إنه لعظيم مشكور. تذكّر أخي المسلم ما في الصحيحين من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قلت: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه· وفي الصحيحين أيضاً من حديث الأحنف بن قيس قال: ذهبتُ لأنصر هذا الرجل - يعني: علي بن أبي طالب - فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل ، قال: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، ثم ذكر بقية الحديث. وفي رواية أخرى للبخاري عن الحسن قال: خرجتُ بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد ؟ قلت : أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، وفي رواية لمسلم : إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح، فهما على جرف جهنم، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلا جميعاً، وهذا كله إذا كان القتل غير مأذون به شرعاً، وقد قصّ الله علينا في كتابه العظيم خبر أول حادثة قتل وقعت في تاريخ البشرية حين قتل أحد ابني آدم أخاه قتله ظلماً وبغياً وحسداً، فقال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ، إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة : 27) ومع إن هذا القاتل قد هدّد أخاه بالقتل وأكد ذلك بقوله: لأَقْتُلَنَّكَ فقد تلطّف معه لعله أنْ يرجع عن عزمه، وأخبره أيضاً أنه لن يمد يده ليقتله مهما هدده، بل إنه حتى ولو باشر عملية القتل فسيكف يده أيضاً خوفاً من الله رب العالمين، فقال له : لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (المائدة : 28)، ثم أخذ ينصح أخاه ويعظه لعله يرجع عما هَمَّ به، ومع كل هذا التلطف والنصح فلم ينفع ذلك أخاه، ولم يثنه عن عزمه على قتل أخيه· وكذلك الظلم والحقد والبغي والحسد كل ذلك يعمي القلب عن الحق، ويصم الأذن عن سماع الحق، فلا يزال القلب مُصِرّاً على المعصية والإثم والموبقة ، والشيطان يدفعه إلى تلك المعصية، فالشيطان هو العدو الأول للإنسان فيدفعه إلى ذلك دفعاً، ويهوِّن عليه الأمر حتى إذا وقع فيها تخلى عنه الشيطان وتبرأ منه ، ثم بعد ذلك تَظْلَمُّ عليه الدنيا وتضيق عليه الأرضُ بما رَحُبَتْ، قال تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة: 30)، ثم بعد ذلك ماذا حصل للقاتل؟ ندم على ذلك الفعل الشنيع، ولكن هل ينفع الندم على قتله؟ لا ينفع الندم، لأنَّ أخاه قد مات، ولن يرجع إلى الحياة الفانية، ثم ماذا يصنع هذا القاتل بعد جريمته تحيّر وبقي يحمله مدة طويلة· أولُ قتيل لا يدري ماذا يصنع به هل يحمله ويضعه في الماء أم هل يضعه فوق الجبال، أشكل عليه الأمرُ ، فالأمر معضلة ومشكلة ، لأنَّه أول حادثة قتل تحدث على الأرض· فأظهر القاتل ندمه على سوء فعلته وصنيعه فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يدفن أخاه حتى أراه الله كيف يدفن الغراب غراباً· منذ ذلك التاريخ وحتى آخر يوم من الدنيا إلا كان لهذا القاتل كفلٌ منها؛ لأنه أول من سن القتل، وهذا شأن كل مَن سَنّ ضلالة أو دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، وقد بيّن الله سبحانه في كتابه بعد أنْ ذكر قصة ابني آدم أنَّ جريمة القتل عظيمة، وأنَّ من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً يقول الله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (المائدة : 32) وهذا الحكم وإنْ كان ظاهره خاصاً ببني إسرائيل إلا إنه عام فينا وفيهم فقد سأل سليمانُ بنُ علي الحسنَ عن هذه الآية فقال: (قلت للحسن: هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل فقال: والذي لا إله غيره كما كانت لبني إسرائيل وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دماءنا)· أخي المسلم الكريم، إنَّ الله تبارك وتعالى قد نهى عن قتل النفس بغير الحق في كتابه الكريم ، وأثنى عز وجل على الذين يجتنبون هذه الجريمة العظيمة، وقد توعّد سبحانه من يفعلها باللعنة والغضب والعذاب العظيم والخلود في نار جهنم فقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (النساء: 93). فاستحضر أخي المسلم هذا التهديد العظيم وهذا الوعيد الكبير فأي تهديد بعد هذا وأي وعيد بعد هذا الوعيد كل ذلك؛ لأنَّ المسلم له مكانة عند الله تعالى· ودم المسلم هو أغلى الدماء التي يجب أنْ تُصانَ ، وأن يُغضَب لإراقتها· أخي المسلم الكريم قد بيّن الله سبحانه وتعالى حرمة المسلم ومكانته عند الله تعالى فقد صحّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) وفي رواية أخرى: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ ). وفي حديث آخر: (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق)، فهذه مكانة المسلم عند الله تعالى فتدبّر أيها القاتل ماذا تصنع بفعلتك؟!! فلزوال الدنيا كلها أهون من قتل رجل مؤمن بغير حق، زوال الدنيا بأموالها ومزارعها ومصارفها ومصانعها وتجاراتها وبناياتها ودولها وأحلافها، وكل ما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق· بل المسلم له حرمة حتى بعد موته فقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كسر عظم الميت، وأخبر أنَّ عظم الميت إذا كُسر فكأنما كُسر وهو حيٌّ، فقد صحّ عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً). أخي المسلم الكريم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذّر أمته أشد التحذير من هذه الجريمة فقال: (سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفر). وقال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) وبيّن أن هذه الجريمة من السبع الموبقات المهلكات· ------------------------------------------------------------------------ أوائل وأرقام لعلَّ أول وأقدم نص احتوى على أسماء الجواهر التي تعدن من الأرض: هو ما جاء في أمالي الإمام جعفر بن محمد المسماة التوحيد، نذكر منها الجص (أكسيد الكالسيوم)، والكلس (كربونات الكالسيوم) والمرتك (أكسيد الرصاص)، والذهب، والفضة، والياقوت، والزمرد، والقار، والكبريت، والنفط· ثم جاء جابر بن حيان تلميذ جعفر الصادق ليضيف بعض الجواهر والمعادن مثل الأسرب (نوع من الرصاص)، والمرقيشيا والياقوت الأحمر· وأضاف إخوان الصفا 31 جوهرًا جديدًا منها: الطاليقوني، والإسرنج، والزاجات، والشبوب، وبواسق الخبز والعقيق والجزع· ثم أضاف البيروني الزفت واليشم والخارصين· وبالجملة نجد أنهم عرفوا من المعادن حتى عصر البيروني نحوًا من 88 جوهرًا مختلفًا مما يستخرج من الأرض. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنون قال جورج سارتون: إن التقدم المادي الخالص مدمّر، وهو ليس تقدمًا على الإطلاق، بل تأخر أساسي· أن التقدم الصحيح - ومعناه تحسين صحيح لأحوال الحياة - لا يمكن أن يبنى على وثنية الآلات ولا على العتلات، ولكن يجب أن يقوم على الدين وعلى الفن، وفوق ذلك كله، على العلم، العلم الخالص، على محبة الله، على محبة الحقيقة، وعلى حب الجمال وحب العدل· وهذا يبدو لنا جليًا حينما نلقي نظرة واحدة إلى الوراء· من هم أولئك الذين كانوا رجالاً عظامًا في التاريخ؟ من هم أولئك الذين أحسنوا إلينا؟ ومن هم أولئك الرجال الذين نحن مدينون لهم بمسرات حياتنا ونعمها؟ لقد كانوا رجالاً أمثال أفلاطون وأرسطو وإقليدس وأرخميدس في تاريخ اليونان· أما في أثناء العصور الوسطى فكانوا رجالاً من أمثال الفارابي وابن سينا وابن الهيثم والبيروني والغزالي وابن رشد وموسى بن ميمون وأبي الفداء وابن خلدون·· إن ما نراه واضحًا حينما نلقي نظرة إلى الوراء يجب أن يكون واضحًا أيضًا حينما نمد نظرنا إلى الأمام فيهدي خطانا إلى المستقبل· قرآننا شفاؤنا وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (سورة سبأ الآية 33)· الله قريب مجيب قال حبيبنا ونبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم: لا يحتلبن أحد ماشية أحد بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته فينتقل طعامه وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم اطعماتهم فلا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه (موطأ الإمام مالك) السنة منهاجنا ماذا تقول يا أبا أمامة قال: أذكر ربي قال: ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار والنهار مع الليل أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه وسبحان الله ملء كل شيء وتقول: الحمد لله مثل ذلك آمين يا قريب يا مجيب· ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب عالج قلبك بالصبر والصلاة وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ· على الإنسان أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه· قال تعالى: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسو ا على ما فاتكم ولا تفوحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ومن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه وادخر له أن صبر ورضي ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي· ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب وليعلم أنه في كل واد بنو سعد ولينظر يمنه، فهل يرى ألا محنة ثم ليعطف يسرة، فهل يرى إلا حسرة؟ وإنه لو فتش العالم لم ير فيهم ألا مبتلى· ومن علاجه أن يعلم أن الجزع لا يردها، بل يضاعفها وهو في الحقيقة من تزايد المرض ومن علاجها أن يعلم أن فوات ثواب الصبر والتسليم وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة· أن يعلم أن الجزع يُشمت عدوه ويسوء صديقه ويُغضب ربه ويسر شيطانه ويُحبط أجره وُيضعف نفسه وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه ورده خاسئاً وأرضى ربه وسر صديقه وساء عدوه وحمل عن إخوانه وعزاهم قبل أن يعزوه في مصيبته· ومن علاجها أن يعلم ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصُل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه ويكفي من ذلك بيت الحمد الذي يُبني له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه· ومن علاجها أن يروح قلبه بروح رجاء الخلف من الله فإنه من كل شي عوض ألا الله فما منه عوض · ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين وارحم الراحمين وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ولا ليعذبه به ولا ليجتاحه وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه وليسمع تضرعه وابتهاله وليراه طريحاً ببابه لائذاً بجنابه مكسور القلب بين يديه رافعاً قصص الشكوى إليه· ومن علاجها أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً، فمن رحمة أرحم الراحمين أن بتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء وحفظاً لصحة عبوديته واستفراغا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه· ومن علاجها أن يعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة يقلبها الله سبحانه كذلك وحلاوة الدنيا هي بعينها مرارة الآخرة ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك· فإن خفي عليك هذا فانظر إلى قول الصادق المصدوق ''حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات''· فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم والسعادة الأبدية والفوز الأكبر وما أعد لأهل البطالة والإضاعة من الخزي والعقاب والحسرات الدائمة ثم اختر أي القسمين أليق بك وكل يعمل على شاكلته وكل أحد يصبو إلى ما يناسبه وما هو الأولى به ولا تستطل هذا العلاج وبالله التوفيق· ------------------------------------------------------------------------ إن من الشعر لحكمة لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها النفس ترغب في الدنيا وقد علمت أن الزهادة فيها ترك ما فيها فاغرس أصول التقى مادمت مجتهدا واعلم بأنك بعد الموت لاقيها