يبدو أن آفة العنف المدرسي بدأت تأخذ مساحات كبيرة في قطاع التربية على مستوى المؤسسات التعليمية، حيث لم يعد أحد قادرا على إخفاء حقيقة ما يحدث من عنف بين التلاميذ وكذا بين التلاميذ والفريق التربوي من معلمين وأساتذة ومساعدي التربية، في غياب هيئات رسمية لإحصاء هذه المخالفات السلوكية التي يرتكبها التلاميذ في حق المعلمين والأساتذة وأيضا ما ينجم عن العقاب البدني الذي مازال البعض من أعضاء الأسرة التربوية مصرين على تطبيقه للسيطرة على أقسامهم· ويبقى الغموض يهيمن على الحقيقة التي يشهدها واقع هذا القطاع، وحسب أراء المعلمين والأساتذة الذين تحدثوا إلينا عن هذه المعضلة المقلقة جدا والتي بدأت تتسع تدريجيا في الوسط التربوي، فإن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى غياب الأولياء على الساحة وانعدام جمعيات أولياء التلاميذ، حيث أكدوا أن استقالة الأولياء وتنصلهم من المسؤولية العائلية وعدم متابعة أعمال أولادهم في المدرسة وفي الشارع وغيره فإن ذلك ساهم في فتح أبواب الانحراف على مصراعيها، وعليهم تحمل توابع هذا التخلي في المستقبل، حيث سيواجهون مشاكل جمة منها ما يتعلق بالمخدرات وغيرها من الأمور التي قد تجر إليها شريحة الشباب، في حين بعض المؤسسات التعليمية التي أكدت إدارتها عن غياب كلي لجمعيات أولياء التلاميذ رغم أن القانون صنفها ضمن الشريك الأول لها، لكن وللأسف غابت هذه الجمعيات ولم تعد حتى تشارك الفريق الإداري والتربوي في تسيير شؤون المؤسسات في إطار ما يسمح به القانون، وأصبح رؤساء هذه الجمعيات لا يحضرون ولا يشاركون حتى في مختلف المجالس منها مجلس التأديب، التسيير وغيرها، وفي هذه الحالة تبقى المؤسسات التعليمية تواجه مصاعب الانحراف والشذوذ والعنف بصورة يومية، بحيث أن القوانين سارية المفعول المتصلة بالتشريع المدرسي حددت الأطر التي تسمح لإدارة هذه المؤسسات بالتدخل لمعالجة مثل هذه الأوضاع، وعلينا أن نفهم أن جل المجالس الإدارية والتربوية ذات طابع تشاوري وليست سيادية في القرار، كون أن القرار النهائي يعود قانونا لمديرية التربية التي تفصل في الأمر النهائي، وهناك بعض الحالات مثل الطرد النهائي من صلاحيات الوزارة الوصية، والشيء الذي ينقص حاليا المدارس والمتوسطات هو غياب الطب النفسي، حيث أصبح وجودهم في القطاع أكثر من ضرورة، قصد المساهمة في تحليل شخصية الطفل ومعرفة دوافع العنف لديه عن قرب، كما يمكن معالجته نفسيا أو الاستعانة بمصالح الطب النفسي العمومي إذا اقتضى الأمر، وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى قطاع التعليم يصارع حالات العنف والانحراف السلوكي الذي لا يمكن أن يخدم لا مصلحة التلميذ ولا مصلحة المجتمع، وعلى ضوء ذلك يجب إنشاء بنك للمعلومات على مستوى مديريات التربية قصد معرفة الظاهرة بالأرقام والعدد والنسبة وإيجاد مخرج لها بأقل تكلفة·