قبل بضع سنوات قليلة، كان مجرد التفكير في زواج الأخت أو الأخ الأصغر قبل من هم أكبر سنا، أمرا ممنوعا ومحرما في المجتمع الجزائري، لدرجة أن كثيرين، مرت بهم السنوات وهم ينتظرون وينتظرون، ليجدوا أنفسهم محالين دون إرادتهم على قائمة العنوسة، خاصة بالنسبة للفتيات، لكن حاليا، وبالنظر إلى جملة من المتغيرات، لا سيما منها ارتفاع سن الزواج، وعزوف الكثير من الشباب عن فكرة الارتباط، جعل التعجيل بزواج أي بنت في الأسرة، ضرورة وأولوية، بل أصبح بالنسبة لبعض الأسر الجزائرية، الحل في فك عقدة من لا زلن ينتظرن قطار الزواج· وتبدو هذه النقطة تحديدا أكثر ما يدفع الأولياء حاليا إلى التخلي عن فكرة تزويج الكبرى قبل الصغرى، وهو ما كشفت عنه إحدى الأمهات التي عانت طويلا من عدم زواج بناتها الكبريات الثلاث رغم تجاوزن سن الخامسة والثلاثين، لأن (مكتوبهن) لم يصل بعد، وكان أن تقدم إلى شقيقتهن الصغرى عريس، فزوجوها رغم أن شقيقاتها الثلاث كن بلا زواج، ولكن الغريب أنه لم يمر عام واحد على زواج الصغرى حتى تزوجت شقيقاتها الثلاث تباعا، ورزقن كلهن بأطفال الآن، وتعتقد الكثير من الأمهات والجدات، بأن زواج البنت الصغرى التي تملك شقيقات أكبر منها بدون زواج، بإمكانه أن يحل عقدتهن ورباطهن، ويسهل زواجهن· وإن كان الأمر في السابق سببا في نشوب بعض المشاكل العائلية نتيجة لذلك، فإنه حاليا لا يشكل كثيرا من الأهمية حتى لدى الشقيقات الأكبر سنا، حيث لا ترغب الكثيرات في تعطيل شقيقاتها الصغيرات عن الزواج، فقط لأنها هي لم تتزوج بعد، وأن الأمر في الأول والأخير مرهون بالمكتوب والنصيب، ولا يد لأي أحد فيه، بل على العكس، نجد أن البعض منهن، يساهمن في تحضير شقيقاتهن بكل حب وود، للانتقال إلى منازل أزواجهن، لينتظرن هن بدورهن نصيبهن حتى يأتي، لا سيما إن كن عاملات أو موظفات وقادرات على تحمل مسؤولياتهن كاملة· من جانب آخر، فإنه ومن وجهة نظر شرعية، لا يوجد أي مانع يمنع تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه)· كذلك فإن هذا العرف يعتبر لدى علماء الدين من الأعراف الفاسدة في المجتمع الجزائري التي لا يمكن اعتبارها مرجعا يقتدى به، بالإضافة إلى ما تداوله العلماء بأنه لا يوجد نص صريح أو حديث نبوي يمنع زواج البنت الصغرى قبل الكبرى، كما أنه مشكل تجب معالجته بالتحسيس وتكثيف الدروس في المساجد والخطب عن طريق الأئمة لتوعية الآباء· كما على الآباء أن يتعاملوا مع البنتين بهدوء واعتماد الحوار والتواصل مع كافة الأطراف، والحرص على إفهام الجميع أن الأمر مقترن بالقسمة والنصيب وأن لكل نصيبها المقدر لها في هذه الدنيا وليس لها إلا أن تصبر وتحتسب·