ق. حنان على الرغم من التطور الكبير الحاصل في مجتمعنا على كافة الأصعدة، وبصفة خاصة على الصعيد الاجتماعي، بتبدل وتغير الكثير من المفاهيم والأعراف والعادات والتقاليد التي كانت سائدة إلى وقت مضى، فان هنالك بعض المظاهر التي لا تزال راسخة، وان كان ذلك لدى نسبة قليلة من العائلات الجزائرية المحافظة مقارنة بما كانت عليه في السابق، ومن ذلك مثلا، ضرورة تزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، وضرورة انتظار هذه الأخيرة زواج شقيقتها مهما طال أمده، كي تطالب بحقها في الزواج، وان كان العرسان المتوافدون على المنزل، يطلبون يدها هي لا يد شقيقتها الكبرى. ومع أن هذه العادة ظلت راسخة ولأجيال طويلة لدى عدد كبير من العائلات الجزائرية بغالبية مناطق الوطن، إلا أن الظروف الحالية والأزمات المتعلقة بتأخر سن الزواج، وعزوف العديد من الشباب الجزائري عن فكرة الزواج أصلا، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفتيات العازبات في الجزائر، كل ذلك دفع حتى بالعائلات المحافظة، إلى تبني فكرة تزويج بناتها مهما كانت الفروقات العمرية بينهن، ولا يهم أن سبقت الكبرى أم الصغرى، فكل من أتاها نصيبها، وكان صالحا يضمن لها حياة هنيئة، يقوم الأهل بتزويجها دون تردد، والأمل في أن يفتح ذلك الباب لبقية شقيقاتها أيضا. وتبدو هذه النقطة تحديدا أكثر ما أصر يدفع الأولياء حاليا إلى التخلي عن فكرة تزويج الكبرى قبل الصغرى، وقد قالت إحدى الأمهات التي عانت طويلا من عدم زواج بناتها الكبريات الثلاث رغم تجاوزن سن الخامسة والثلاثين، لان مكتوبهن لم يصل بعد، وكان أن تقدم إلى شقيقتهن الصغرى عريس، فزوجوها رغم أن شقيقاتها الثلاث كن بلا زواج، ولكن الغريب انه لم يمر عام واحد على زواج الصغرى حتى تزوجت شقيقاتها الثلاث تباعا، وتعتقد الكثير من الأمهات والجدات، بان زواج البنت الصغرى التي تملك شقيقات اكبر منها بدون زواج، بإمكانهن أن يحل عقدته ورباطهن، ويسهل زواجهن. وان كان الأمر في السابق سببا في نشوب بعض المشاكل العائلية نتيجة لذلك، فانه حاليا لا يشكل كثيرا من الأهمية حتى لدى الشقيقات الأكبر سنا، حيث لا ترغب الكثيرات في تعطيل شقيقاتها الصغيرات عن الزواج، فقط لأنها هي لم تتزوج بعد، وان الأمر في الأول والأخير مرهون بالمكتوب والنصيب، ولا يد لأي احد فيه. كما انه شرعيا لا يوجد أي مانع يمنع تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ''إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه''. كذلك فان هذا العرف يعتبر لدى علماء الدين من الأعراف الفاسدة في المجتمع الجزائري التي لا يمكن اعتبارها مرجعا يقتدى به، بالإضافة إلى ما تداوله العلماء بأنه لا يوجد نص صريح أو حديث نبوي يمنع زواج البنت الصغرى قبل الكبرى كما انه مشكل تجب معالجته بالتحسيس وتكثيف الدروس في المساجد والخطب عن طريق الأئمة لتوعية الآباء كما على الآباء أن يتعاملوا مع البنتين بهدوء واعتماد الحوار والتواصل مع كافة الأطراف، والحرص على إفهام الجميع أن الأمر مقترن بالقسمة والنصيب وان لكل نصيبها المقدر لها في هذه الدنيا وليس لها إلا أن تصبر وتحتسب.