وهران.. انطلاق قريبا في أشغال ازدواجية الطريق الوطني رقم 4 اتجاه بلدية طفراوي    توقيع اتفاقية تعاون بين أفريبول وشركة كاسبرسكي : خطوة كبيرة لتعزيز الدفاع الرقمي في القارة الإفريقية    تقرير حديث للبنك الدولي : الجزائر حققت نموا "قويا" خلال السداسي الأول 2024    الاحتلال الإسرائيلي يمعن في عدوانه.. شهداء وجرحى ونسف متواصل للمباني في غزة    مقتل 150 من «الدعم السريع» غرب البلاد.. "فيتو" روسي يسقط مشروعا بمجلس الأمن لوقف حرب السودان    وجه رسالة قوية للاعبين قبل تصفيات المونديال.. خطط بيتكوفيتش تنجح مع الخضر ومحرز يعود الى مستواه    بطولة شمال إفريقيا : المنتخب الوطني (تحت 20 عاما) يفرض العادل على مصر    آليات الحفظ والتثمين : ملتقى وطني تكويني حول الممتلكات الثقافية العقارية    يوم 11 ديسمبر المقبل.. الملتقى الوطني الثالث حول " اللغة العربية والمقاومة الثقافية الهوية وبناء الوعي"    أيام قرطاج السينمائية بين 14 و21 ديسمبر المقبل : الفيلم الجزائري "فرانتز فانون" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة    الذكرى المزدوجة لاستشهاد ياسر عرفات والإعلان قيام دولة فلسطين.. دعوة لتوحيد الصف الفلسطيني وإشادة بمواقف الجزائر    الأسبوع العالمي للمقاولاتية.. تبون: الجزائر تسعى لتصبح قطبا إفريقيا للتكنولوجيا والابتكار    هذه توجيهات وزير التربية لمسؤولي القطاع..    متابعة كبيرة ل نزال الأجيال    ريان شرقي يطرق أبواب الخضر    5 قتلى على الطرقات    أمن الأغواط يحصي 896 مخالفة مرورية    حققنا الكثير تنموياً.. ونريد المزيد    الفاف تنعي الحكم زوبيري    أكثر من 180 عارضا منتظرون بقصر المعارض    من قال إنّ الجزائري لا يقرأ؟    الصالون أصبح موعدا مهمّاً وطنياً ودولياً    افتتاح الطبعة الثامنة للصالون الدولي لاسترجاع وتثمين النفايات بمشاركة حوالي 80 عارضا    النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاح الأسبوع العالمي للمقاولاتية بالجزائر    الجزائر..وضع حد لنشاط ورشة سرية بالسحاولة تصنع وتقلد مكملات غذائية    كرة القدم/ كاس افريقيا للأمم للسيدات 2024 : اجراء القرعة يوم 22 نوفمبر    هدنة: تركيب 9 ملايين كاشف لأحادي أكسيد الكربون في بيوت الجزائريين وهدفنا بلوغ 22 مليون للتصدي للقاتل الصامت    القمة ال7 للمؤتمر العالمي للابتكار في الرعاية الصحية: سايحي يتباحث بالدوحة مع نظيره الفلسطيني    سونلغاز: ربط أزيد من 66 ألف مستثمرة فلاحية و41 منطقة صناعية بشبكة الكهرباء    وزير الصحة يشارك بالدوحة في أشغال القمة ال7 للمؤتمر العالمي للابتكار في الرعاية الصحية    لبنان: ارتفاع عدد شهداء الجيش منذ بدء العدوان الصهيوني إلى 36    استهداف الجزائر ب 70 مليون هجمة سبيرانية خلال 10 أشهر    معركة الجزائر متواصلة انتصارا لأم القضايا    المجلس الشعبي الوطني يستأنف أشغاله اليوم    وزارة الداخلية تفتح باب التوظيف    بطاقة خضراء وامتيازات جديدة لمستخدمي القطارات    واشنطن حريصة على دعم العلاقات مع الجزائر وتكثيف الحوار الاستراتيجي    التبليغ عن المواد الصيدلانية التي تشهد ندرة في السوق    قدرات الجزائر تؤهّلها لخلق آلاف المؤسّسات    شبيبة تيارت واتحاد الحراش يشددان الخناق على المتصدرين    اتحادية الجيدو تنظم متلقى وطنيا بوهران هذا الأسبوع    سيدي عمار يبيّن موقف الأمم المتحدة    الجزائر ستتصدر قائمة منتجي الفوسفات إفريقيا    إطلاق برنامج مكافحة العنف ضد النساء والفتيات    شتوتغارت الألماني يصر على الفوز بصفقة إبراهيم مازة    الجيل الجديد من الشباب يحتاج للمرافقة    مشاركة مميّزة بإصدارات جديدة وصور نادرة    استذكار الكاتب الصحفي أمزيان فرحاني    سرطان البروستات من الأمراض الصامتة والتشخيص سبيل للشفاء التام    تأكيد على دور الإعلام في مكافحة الظاهرة والوقاية منها    المناعة الطبيعية أحسن دواء لنزلات البرد    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الصيدلي يلعب دورا محوريا في اليقظة الاستراتيجية للدواء    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ إفريقيا المسروق!
نشر في أخبار اليوم يوم 24 - 01 - 2012

لقد جعلني استرداد بيرو لتراثها الثقافي أتمنى نفس الشيء للتحف والقطع الأثرية المنهوبة من إفريقيا، ولكن بيرو تختلف جوهرياً عن أي دولة إفريقية، فقد دلَّل الطلب الذي تقدمت به بيرو لاستعادة هذه القطع احتراماً لماضيها، فهذه القطع الأثرية تذكِّر أهل بيرو بحضارة الإنكا العظيمة التي دمرها الغزاة الأوروبيون·
ذكرتني الأنباء التي تحدثت عن موافقة جامعة ييل على إعادة الآلاف من القطع الأثرية التي أخذها أحد باحثيها من بيرو في عام 1911 بحفل حضرته أخيراً، وهو الحفل الذي اضطررت إلى مغادرته في وقت مبكر·
كانت إحدى صديقاتي الإفريقيات دعتني إلى حضور ذلك الحفل في منزل أحد معارفها، وبكل فخر عَرَض علينا المضيف، وهو ثري أمريكي، المجموعة التي يمتلكها من اللوحات والمنحوتات، وبينما كان يرينا منزله، تراءى لي أن إحدى القطع التي عرضها علينا إفريقية، ولكنني لم أكن على يقين من ذلك، ففي بعض الأحيان كنت أعتبر بعض القطع الفنية إفريقية إلى أن يتبين لي أنها في واقع الأمر تنتمي إلى الأمريكيين الأصليين·
وكانت القطعة عبارة عن جلد حيوان ممدود ومزخرف بالخرزات الملونة، وموضوع في إطار خلف لوح زجاجي، وكانت الخرزات من نفس النوع الذي يستخدمه قومي، الماساي، ولكن اللون الغالب كان أزرقا، وليس الأحمر لوننا المفضل·
سألت وأنا أشير إلى القطعة على الجدار: (من أين هذه؟)· فأجابني مضيفنا: (هذه من زيمبابوي، إنها تنورة زفاف ارتديت في زفاف ملكي في نديبلي في عام 1931)·
بالنسبة إلى إفريقي يعيش بعيداً عن موطنه، فإن العثور على أي قطعة معروضة تنتمي إلى إفريقيا ولو كانت تافهة، كفيل بجعله في غاية السعادة· فعندما أرى قهوة كينية أو إثيوبية معروضة للبيع في نيويورك أو باريس على سبيل المثال، فإن هذا يجعلني أشعر بالفخر لأن هناك بعض الأمريكيين والأوروبيين يعتبرون شيئاً ما من بلادي قيماً، وعندما علمت أن أحد الأثرياء الأمريكيين يعتبر تنورة إفريقية تقليدية شيئاً ثميناً ويضعها في بيته، داعبني نفس الشعور بالفخر·
ولكن التعليق التالي الذي ألقاه مضيفنا كان سبباً في محو ذلك الشعور على الفور، فقد تباهى بأنه حصل على التنورة بشكل غير مشروع عن طريق أحد أصدقائه الذي _دفع_ لأحد المسؤولين في حكومة زيمبابوي لتهريبها خارج البلاد، وعلى الفور تبادلنا نظرات الاندهاش أنا وصديقتي، وحاولنا جاهدتين ألا نظهر استياءنا·
ثم أسَرَّت لي صديقتي قائلة: (أنا أشعر بالاشمئزاز الشديد، فلنخرج من هنا قبل أن أتلفظ بكلام غير لائق لهذا الشخص)·
تركنا الحفل، وفي طريقنا إلى منزلنا، انطلقنا في حديث غاضب عن ذلك الحدث الذي شهدناه، ولكن شعورنا بالاحتقار كان يحركه في الأساس ذلك الدور الذي لعبه الغرب في دعم الفساد في إفريقيا، ولم يكن نابعاً من أسفنا لمصير تلك القطعة الفنية في حد ذاتها، والواقع أنني لم أبدأ بالتفكير في القطع الأثرية الإفريقية باعتبارها تمثل أهمية ثقافية وتاريخية إلا بعد أن سمعت أن جامعة ييل أعادت القطع الأثرية المأخوذة من بيرو·
لا شك أن العديد من التحف والقطع الأثرية الإفريقية انتهت بها الحال إلى متاحف غربية أو بين أيدي جامعي التحف في الغرب· والواقع أن هذه القطع كانت إحدى الغنائم التي نهبت من إفريقيا أثناء عصر تجارة العبيد والحقبة الاستعمارية، وربما كانت القطعة الأكثر شهرة هي تلك المنحوتة المعروفة باسم ملكة بانجوا، التي تُعَد القطعة الأغلى ثمناً بين القطع الفنية الإفريقية، والتي قدرت قيمتها بملايين الدولارات·
تتضمن معارض الفن الإفريقي عادة قصصاً عن أصل كل قطعة، وكثيراً ما ترتبط هذه القصص بمملكة إفريقية، ولكن المعلومات عن رحلة كل قطعة إلى الغرب كثيراً ما تكون غامضة أو لا وجود لها على الإطلاق· على سبيل المثال، نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) مقالاً في العام الماضي عن معرض فني إفريقي أقيم في متحف متروبوليتان، ولقد ذكرت الصحيفة أن ملكة بانجوا امتلكها العديد من الجامعين المشهورين على التوالي (منذ تركت مقامها الملكي الكاميروني في أواخر القرن التاسع عشر)·
والواقع أن ملكة بانجوا _تركت_ الكاميرون مع غوستاف كونراو، المستكشف الألماني الاستعماري الذي سلم التمثال في وقت لاحق إلى أحد المتاحف في موطنه، وإذا نظرنا إلى التكتيكات المشبوهة التي يستخدمها الوكلاء الاستعماريون عادة لفصل الأفارقة عن ممتلكاتهم، فسيتبين لنا أن ملكة بانجوا لم تغادر مقامها بمحض إرادتها على الأرجح، وترتبط القطع الأثرية الإفريقية المعروضة في نيويورك ولندن وباريس، وأماكن أخرى من العالم، بقصص مشابهة·
لقد جعلني استرداد بيرو لتراثها الثقافي أتمنى نفس الشيء للتحف والقطع الأثرية المنهوبة من إفريقيا، ولكن بيرو تختلف جوهرياً عن أي دولة إفريقية، فقد دلَّل الطلب الذي تقدمت به بيرو لاستعادة هذه القطع احتراماً لماضيها، فهذه القطع الأثرية تذكِّر أهل بيرو بحضارة الإنكا العظيمة التي دمرها الغزاة الأوروبيون·
أما الأفارقة على الجانب الآخر فإنهم يميلون إلى الانتقاص من ماضيهم، ويبدو أن الأفارقة استوعبوا لدرجة ما الفكرة الاستعمارية المتعالية بأن الأفارقة كانوا عبارة عن شعوب بدائية تحتاج إلى من يحولها إلى شعوب متحضرة، وعلى هذا فإننا لا نقدر كنوزنا التاريخية حق قدرها، لأنها تذكرنا بالدونية المزعومة لحضاراتنا الثرية·
لا عجب إذن أن يتم تهريب قطعة بهذا القدر من الأهمية الثقافية، بوصفها تنورة زفاف ملكي، بهذه السهولة ومن دون أن يلحظ ذلك أحد، وإلى أن يدرك الأفارقة قيمة تاريخهم فإن النتاج الفني لحضاراتهم وثقافاتهم سيظل لقمة سائغة لكل راغب في نهبه·
* كاتبة إفريقية ومخرجة أفلام وثائقية، وأول حاصلة على جائزة (فلاهيرتي) الوثائقية السنوية التي تقدمها مجلة (سينسورس) السينمائية·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.