استنتج الباحث التاريخي عماد مهدي، عضو جمعية الأثريين العرب، في دراسة علمية حديثة أن سيناء هي موقع لقاء نبي الله موسى بالعبد الصالح الخضر، وذلك بشكل قائم على المنهج العلمي وجمع المعلومات التاريخية والنصوص القرآنية وتحليلها والمسح التصويري الفضائي باستخدام تقنية تصوير الأقمار الصناعية للمواقع· ويشير الباحث إلى أن أرض سيناء شهدت هذا اللقاء بين نبي الله موسى والخضر، عليهما السلام، وذلك منذ 3200 سنة في الموقع المذكور في القرآن الكريم (مجمع البحرين) بمنطقة رأس محمد بشرم الشيخ عند نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس بجنوب سيناء· وهدفت الدراسة كذلك لتسجيل محمية رأس محمد منطقة تراث عالمي· واعتمد الباحث على ثلاثة مصادر القرآن الكريم والأحاديث النبوية كمصدر رئيسي لهذا البحث والدراسات التاريخية والأثرية والدراسات الجغرافية والجيولوجية لطبيعة سيناء، وقد حدد الباحث خمسة مواقع تؤكد نظريته وهي مجمع البحرين (الموقع العام للقاء بين موسى والخضر)، صخرة الحوت (نقطة اللقاء بين موسى والخضر)، الممر المائي (سبيل الحوت للخروج للمياه العميقة)، صخرة الارتداد (نقطة الارتداد واكتشاف فقدان الحوت)، الرصيف البحري (موقع انطلاق رحلة سفينة موسى مع الخضر)· مجمع البحرين ذكرت قصة لقاء نبي الله موسى والخضر في القرآن الكريم في سورة الكهف من الآية 60/ 82 وبدأت القصة بذكر موقع اللقاء الذي لا يقل أهمية عن أحداث هذه القصة التي ثار حولها الكثير من الجدل والتهميش التاريخي· وعن تحديد مجمع البحرين يشير الباحث لذكر كلمة مجمع البحرين مرتين في القرآن الكريم في قصة نبي الله موسى والخضر في سورة الكهف (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً{60} فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) وكلمة مجمع كما جاء في صحيح اللغة تعنى (جَمَعْتُ الشيءَ المتفرّقَ فاجْتَمَعَ) وهذا التوصيف اللغوي لكلمة مجمع البحرين لا ينطبق جغرافياً في أي مكان في العالم إلا في رأس محمد وهو مجمع خليجي العقبة والسويس في بحر واحد هو البحر الأحمر. ولفظ مجمع يختلف عن لفظ التقاء مثل التقاء البحر المتوسط مع المحيط الأطلسي عند مضيق جبل الطارق (نظرية طنجة القديمة) أو التقاء خليج البحرين مع خليج عمان (نظرية بحر فارس) وهما خليجان يلتقيان مع بعضهما البعض ولا يجتمعان في بحر أو محيط واحد كما هو الوضع الجغرافي ة في رأس محمد، حيث تجتمع مياه خليج العقبة وخليج السويس في البحر الأحمر عند رأس محمد بشرم الشيخ· ويتبين دقة التوصيف القرآني وإعجازه اللفظي والعلمي في توصيف المكان وقد أوضح القرآن الكريم في عدة آيات توصيفات مختلفة للطبيعة البحرية للبحار والأنهار من مرج البحار أو التقاء البحار أو مجمع البحار في سورة الرحمن آية 20 والفرقان آية 53 وفاطر آية 12· وتؤكد الحقائق الجغرافية نظرية رأس محمد لمجمع البحرين وهذه النظرية تطابق جغرافياً لمنطقة الأحداث التاريخية للقاء النبي موسى والخضر كما جاء بالقرآن والسنة، وتؤكد نظرية رأس محمد عبقرية المكان لمجمع البحرين وهي البقعة الساحرة التي رسمها الله سبحانه وتعالى لتتناغم فيها الطبيعة الساحرة في مشهد يشكل أروع بقاع العالم الطبيعية والغنية بالتنوع البيولوجي للكائنات الحية في العالم· حيث شكل التنوع الجيولوجي بفعل الأخدود الإفريقي والفرق بين عمق خليج العقبة وخليج السويس واختلاف ملوحة المياه بينهما وتلاقي مياه الخليجين في موقع رأس محمد بيئة غنية بالتنوع البيولوجي للمئات من الأسماك الاستوائية والشعاب المرجانية التي شكلت إحدى النظم الإيكولوجية الفريدة في العالم· صخرة الحوت جاء ذكر الصخرة في السرد القرآني في قول يوشع فتى نبي الله موسى (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيت الْحُوتَ) ولفظ: أوينا تعني الإيواء والمبيت عند الصخرة· وكما جاء في صحيح اللغة المأوَى: مكانُ كلِّ شيءٍ يأوي إليه ليلاً أو نهارا للاحتماء من الأخطار وفيه سكن ومأوى، وفي قوله تعالى (إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلى الكَهْفِ) الإيواء هو الإقامة المؤقتة بينما المأوى الاستقرار الدائم قال تعالى (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات41 ولفظ: الصخرة تعني الحجر العظيم الصُّلْب والذي يصلح للاحتماء والإيواء· وهذا ينطبق مع الصخرة المشار إليها بالخريطة بموقعها الجغرافي وحجمها الذي يصلح للإيواء وموقعها على البحيرة المائية والتي تتطابق منطقيا وجغرافيا لتسرب الحوت كما هو موضح بالصورة الدائرة الحمراء الصخرة والدائرة الزرقاء السبيل لتسرب الحوت· كما يوجد توصيف آخر لهذه الصخرة حيث تتوسط طريق الدخول لرأس محمد وهي الصخرة الوحيدة المناسبة للإيواء والمبيت في طريق السير المستقيم للداخل في عمق يابسة رأس محمد وتمثل نقطة مشاهدة لمجمع البحرين كما تمثل نقطة اليقين للنبي موسى لبلوغه آخر نقطة في اليابسة لمجمع البحرين· وتوضح الصورة وقوع الصخرة في خط مستقيم في طريق الوصول لآخر نقطة في اليابسة في موقع مجمع البحرين وأن المسافة المرجَّحة التي قطعها الحوت من الصخرة حتى المياه العميقة تبلغ حوالي 2كم والمسافة التي قطعها نبي الله موسى من نفس الصخرة حتى نقطة الارتداد واكتشاف فقد الحوت توازي نفس المسافة 2كم وهذه الصخرة تتوسط الأحداث وهي نقطة الجمع بين أطراف القصة داخل (رأس محمد)· * يشير الباحث إلى أن أرض سيناء شهدت هذا اللقاء بين نبي الله موسى والخضر، عليهما السلام، وذلك منذ 3200 سنة في الموقع المذكور في القرآن الكريم (مجمع البحرين) بمنطقة رأس محمد بشرم الشيخ عند نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس بجنوب سيناء· يتبع بقلم: الدكتور عبد الرحيم ريحان· محيط·