سمعت عنها الكثير على غرار الكثيرين أيضا، هي جزء من مصر "أم الدنيا" ولعلها أجمل جزء ولو لم يتح لي زيارة محافظات أخرى من مصر• هي المكان المفضل لبعض الرؤساء والنجوم لقضاء العطلة••••إنها المنتجعات الفاخرة ل"شرم الشيخ" ذاك الجزء من جنوبسيناء الذي حولته السواعد من صحراء قاحلة إلى تحفة طبيعية رائعة تتوفر على شروط الراحة والسياحة• لقد أتيحت لي الفرصة لأن أزور "شرم الشيخ" مع الوفد المرافق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لتغطية أشغال قمة الاتحاد الإفريقي مؤخرا، ورغم أننا كنا ملتزمين بساعات العمل التي لم تمكنا من التجوال في "شرم الشيخ " نهارا فقد دفعنا الحس الصحفي وروعة المكان إلى تنظيم وقتنا -الوفد الصحفي- وعدم تفويت فرصة التجوال في "الشرم" والاطلاع على أجمل منتجعات العالم وأكثرها استجلابا للسياح• * سكون بالنهار وحياة أخرى بالليل••••••••••••* عندما حطت بنا الطائرة في مطار "شرم الشيخ" أحسسنا بحرارة عالية تلفح الوجوه لم نتعود عليها في الجزائر العاصمة على الأقل، وتساءلت كيف يمكن أن تكون الحياة نهارا ب"شرم الشيخ"، والتي حاولنا التعرف عليها في اللحظات الأولى من وصولنا من خلال حديث السائق عنها، قبل أن نبرمج زيارات لأماكن مختلفة من منتجعات "الشرم" الرائعة• والفندق الذي أقمنا به منحنا نظرة عن طبيعة المنشآت السياحية في "الشرم"، التي تمكنت بالمزاوجة بين الحداثة والتقليد في بعض الأحيان من جلب أعداد هائلة من السياح الأجانب، جعلت من المواطنين المصريين قلة تشرف على المراكز التجارية والفنادق• وعند حلول الليل تيقنا أن الحياة الحقيقية في منتجعات "شرم الشيخ" تبدأ بعد الثامنة مساء عندما تتحول حرارة الجو إلى دفء يشجع على التجوال بين المركبات السياحية، والتي لا تكاد تخلو من العروض الفنية المصرية بالدرجة الأولى أبرزها الرقص الشرقي، وانتشار تحف فرعونية وتماثيل نصفية ضخمة للملكة الأسطورة "نفرتيتي" على غرار مدخل سوق "الشرم القديم"، وكل شيء ترغب في شرائه من "شرم الشيخ" يحمل العلامة المصرية الممثلة أساسا في صور الفراعنة• في شرم الشيخ الجميع مجند للترويج للسياحة في مصر * ما لاحظناه عند اقترابنا من بعض المواطنين المصريين بدءا من السائق "عمي بيومي" الذي كان مكلفا بمرافقتنا، أن أصحاب المحلات وحتى رجال الأمن ممن كانوا يرتدون الزي المدني- ولا أدري إن كان الشأن كذلك بالنسبة للمحافظات الأخرى- فإن الجميع مجند تلقائيا للترويج للسياحة في مصر، فكثيرون ممن صادفناهم خلال زيارتنا التي دامت أسبوعا في "شرم الشيخ" اقترحوا علينا زيارة أماكن أخرى لا تقل جمالا وروعة عن منتجعات الشرم، مثل الأقصر والغردقة والإسكندرية والأهرامات، ومنهم من دعانا لتمديد الإقامة حتى نطلع على ما تزخر به مصر من مواقع سياحية• ولاحظت أنه ليس من المفروض أن تقابل عاملا في السياحة حتى تدعى لزيارة الأقصر والأهرامات وغيرها، فحتى تجار المحلات ما إن يتأكدوا من انك أجنبي لم تزر مصر قبلا حتى "ينطلقوا" في التعريف بالمواقع السياحية المشهورة في مصر، وهي ثقافة قد نفتقدها نحن الجزائريون "للأسف"• والملاحظ أيضا أنه ليس روعة المكان فقط التي تجذبك ولكن الترحاب الكبير بالسائحين خاصة العرب له مفعول خاص• *موقع "شرم الشيخ" على رأس البحر الأحمر يصنفها أشهر مدينة سياحية* جغرافيا تقع شرم الشيخ في جنوبسيناء ازدهرت منشآتها من خلال برنامج تنموي انطلق فيه سنة 1994، وكانت رأس سدر أول مدينة في جنوبسيناء قبل أن تتوسع المشاريع الاستثمارية التي حولت جنوبسيناء من صحراء صخرية قاحلة إلى تحفة طبيعية صنعتها الإرادة واستثمارات تفوق ال 500 مليار دولار، وهناك مشاريع أخرى قد وضع لها الأساس لإنجازها، هناك تلاحظ أن يمينك قد يكون مساحات صخرية خالية ويسارك فنادق فخمة لأشهر السلسلات العالمية من الهيلتون وشراطون وغيرها، وقرى سياحية تطل أغلبها على زرقة وهدوء البحر الأحمر، وتشكل سيناء 25 بالمائة من مساحة مصر ومكنت المؤهلات الطبيعية من صحراء ومياه شرم الشيخ من أن تصبح أشهر مدينة سياحية في العالم لموقعها على رأس البحر الأحمر، فهي النقطة الحاكمة في أقصى جنوبسيناء وافتراق خليجي السويس والعقبة، ولم تمنع ندرة المياه من تحويلها إلى أجمل المواقع السياحية في العالم، حيث يعتمد على تحلية مياه البحر من أجل تزويد الفنادق والمنتجعات• كما تشتهر مدينة شرم الشيخ بمحميات طبيعية منها رأس محمد ورأس أم سيد ومحمية نبق، والتي تتنوع فيها تصاميم الفنادق والقرى السياحية بين الفخامة الغربية وأصالة التقليد، يصل عددها إلى 150 فندق أكثرها صممت على أن تكون منتجعا موزعة على مساحة 424 كلم2• *تصاميم معبد "ابو سنبل" بالأقصر تنسخ في فندق جديد بنبق* رغم إعجابي الكبير بمنتجعات شرم الشيخ وتصاميمها الرائعة فقد احتفظت ذاكرتي بتصميم فندق جديد يسمى "الحياة" أنجز في محمية "نبق"، ومن المقرر أن يتم تدشينه الأسبوع القادم، وهو تحفة مصورة تفصيلا عن معبد "أبو سنبل" بالأقصر فالنحت المصور على الجدران وركائز المعابد لا يوحي أبدا أن ما تقف عليه هو فندق حديث، فحتى تصاميم الغرف التي شكلت فيها نوافذ ضيقة وطويلة تجعلك تدخل عصرا آخر من الخيال دون قصد منك• وحسب عرض مختصر عن أحد الشباب العاملين في الفندق فإن التصاميم شارك في وضعها نحاتون مصريون وكوريون ليتوصلوا في آخر العمل إلى صنع تحفة أخرى تزيد مدينة شرم الشيخ روعة وجمالا• من خليج نعمة إلى ألف ليلة وليلة•••لم أرَ إلا القليل••• يشكل منتزه "ألف ليلة وليلة " أشهر المنتزهات في شرم الشيخ يقع في الهضبة او تحديدا "رأس أم سيد" يوفر كل الخدمات للسائحين، وأهم ما يجلب الزائرين إليه التصميم المعماري حيث يخيل لك أنك في عصر غير سنة 2008 من خلال البوابات النحاسية وقاعة علي بابا، مع كثرة عروض الرقصات الشعبية من مختلف محافظات مصر، وهي أيضا -العروض- مبرمجة في سهرات "خليج نعمة " الذي يقال له باللهجة المصرية "المول" في الركن الجبلي المسمى ب"البانوراما"، ويقع خليج نعمة في الجزء الأيسر من "شرم الشيخ" يضاف إليه "السوق القديم" الذي يشهد حركة غير عادية ليلا على غرار الحال في "خليج نعمة" الذي يعد أكثر زواره الأجانب، إلى حد خيل لي أنني في إحدى العواصم الأوروبية، ولكن الملاحظ في أسواق "شرم الشيخ" أن أغلب الباعة متمكنون من فنيات التسويق فغالبا ما كنا نجد أنفسنا داخل محل لم تكن لدينا النية في دخوله وكل هذا من الجملة السحرية "تعالوا حضرتكو خذوا فكرة" او جملة "أتفضلي حضرتك وأتفضل ياباشا" التي تجرنا إلى المحل وشراء بعض الهدايا• والطريف في الأمر أني وباقي أفراد الوفد الصحفي انتعشت ذاكرتنا من المسلسلات المصرية الشهيرة التي كنا نشاهدها فقد وجدنا أنفسنا مجبرين على الحديث باللهجة المصرية لما اكتشفنا أن المصريين لا يفقهون في اللهجة الجزائرية شيئا حتى أبسط الأمور، بالإضافة إلى عدم تمكنهم من اللغة الفرنسية التي يستعملها الجزائريون غالبا فكان الحل تذكر العبارات من بعض المسلسلات حتى نتواصل مع الأشقاء بدلا من العربية الفصحى••• لأنه بصراحة لم نتعود على الحديث بالغة العربية الفصحى وهذا عيب الكثيرين • *رياضة الغوص و"السفاري" تساهم في رفع مداخيل السياحة في شرم الشيخ* لا تقتصر مدينة شرم الشيخ على فنادق ومنتجعات عادية ولكن إستراتيجية السياحة فيها مكنت من تحقيق مداخيل خيالية من خلال تشجيع بعض أنواع الرياضات التي تتناسب والطبيعة المميزة للمدينة، وتعد رياضة الرالي أو "السفاري" مثلما يطلق عليها هناك من أشهر الرياضات في "الشرم" نظرا للطبيعة الصحراوية التي تلفها الجبال• ولكن الأمر لا يقتصر على هذا فلرياضة الغوص أيضا شهرة لا تضاهيها شهرة في "شرم الشيخ" وهي متعة الكثيرين خاصة للأجانب الذين تفتقد بلدانهم لبعض المؤهلات السياحية الموجودة في مصر خاصة والدول العربية عامة، حيث وصل عدد مراكز الغوص إلى 346 مركز عام 2005، ولدى مصر 3 مواقع صنفت على أنها من أهم ثلاثة مواقع للغوص على مستوى العالم أو الرحلات المائية للتمتع بالثروات المائية والطبيعية خاصة الشعب المرجانية• ومنهم من تستهويه عروض الدلافين بالقرب من فندق "ريتز كارلتون"، بالإضافة إلى سياحة "الهجن" او الجمال التي تكثر ليلا بعد أن تنخفض درجة الحرارة• وتلاحظ أيضا في "شرم الشيخ" انتشار "سياحة المؤتمرات" حيث غالبا ما تستضيف "مدينة السلام" مثلما يطلق عليها قمم ومؤتمرات دولية، وقد صنفت من طرف منظمة "اليونسكو" ضمن أفضل خمس مدن سلام على مستوى العالم من بين 400 مدينة عالمية، وتمكنها سياحة المؤتمرات من حصد المزيد من الأرباح والترويج أكثر لمنتجعاتها بشكل تغادرها والرغبة تتملكك في العودة لمدة أطول•