صرّح وزير المالية كريم جودي في ندوة له عقدت أوّل أمس الاثنين بالأكاديمية الدبلوماسية الوطنية بباريس بأن قيمة خدمة الديون الجزائرية عرفت انخفاضا بنسبة 30 بالمائة بفضل السياسة الاقتصادية التي انتهجتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى جعل الاقتصاد الجزائري في تنمية دائمة· وأكّد الوزير خلال ندوته أن الجزائر تتبع منذ سنوات نظاما اقتصاديا جديدا يهدف إلى جعلها تسير نحو تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة، حيث تكون أقلّ تبعية إلى الاضطرابات التي تعرفها السوق البترولية· وإلى الآن تعرف هذه السياسة الاقتصادية الجديدة نجاحا باهرا بانخفاض نسبة الديون الجزائرية بنسبة 30 بالمائة، بالإضافة إلى الانتقال النّوعي الذي ميّز القطاع الاقتصادي. حيث أكّد الوزير أن هذا القطاع عرف انتقالا من مرحلة (انكماش شبه كلّي إلى مرحلة انتعاش متواضعة للنمو)، وذلك بتراجع عجز الميزانية وانخفاض وتيرة مؤشّر الأسعار عند الاستهلاك. وقد عرفت حصّة القيمة المضافة خارج قطاع المحروقات ضمن القيمة المضافة الإجمالية ارتفاعا من 60 بالمائة في سنة 2000 إلى 65 بالمائة سنة 2010، كما سجّلت حصّة القطاع الخاص في القيمة المضافة الإجمالية خارج قطاع المحروقات ارتفاعا من 75 بالمائة سنة 2000 إلى 85 بالمائة سنة 2010، وهذه النّسبة في ارتفاع مستمرّ على حدّ تعبير الوزير الذي رأى أن انتهاج الجزائر لهذه الاستراتيجية الاقتصادية طوال عشر سنوات (2000 - 2010) قد أتى بثماره بدليل أن الدولة استطاعت تسليم مليون وحدة سكنية عمومية إيجارية وسكنات مدعّمة، بالإضافة إلى توفير 1.4 مليون مقعد بيداغوجي في الجامعة، وقد ساهم هذا في تخفيض نسبة العجز في مجال التجهيزات وتعزيز عائدات الأسر والاستجابة للمطالب الاجتماعية· كما أشار الوزير في حديثه على سبيل المقارنة إلى فترة سابقة تطرّق فيها إلى الأزمة التي عاشها الاقتصاد الجزائري ما بين 1986 و1993، حيث عرف الاقتصاد الجزائري آنذاك نوعا من التدهور في ظلّ عجز الميزانية وارتفاع حجم الديون سنة 1986 إلى ما يزيد عن 30 بالمائة من النّاتج الخام لتمتصّ خدمة الديون حوالي 60 بالمائة من عائدات الصادرات، وذلك بعد الانخفاض الذي ضرب أسعار البترول في هذه السنة، حيث انخفض سعر البرميل من قيمة 33 دولارا في الفترة ما بين 1980 و1985 إلى أقلّ من 15 دولارا للبرميل سنة 1986، وزاد حجم الديون سنة 1993 ليزيد الوضع تأزّما مع تشكّل مخزون ديون قدّر آنذاك ب 26 مليار دولار، فارتفعت قيمة خدمات الدين لتحصد 82 بالمائة من عائدات الصادرات، إضافة إلى انخفاض العائدات الخارجية للجزائر بنسبة 40 بالمائة· وقد أكّد الوزير أن انتهاج هذه السياسة الاقتصادية خلال العقد الماضي أدّى إلى تحسّن المستوى الاقتصادي للبلد بشكل ملفت مع أن نتائج مثل هذه الاستراتيجيات الاقتصادية يظهر عادة على المدى الطويل، وصرّح بأنه (رغم استرجاع التوازن الداخلي والخارجي طوال عشرية 2000 / 2011 إلاّ أن الحذر يبقى واجبا فيما يخصّ الاهتمام بسوق المحروقات الذي يخضع إلى تأثيرات خارجية(. وتطلّع كريم جودي إلى تحسّن أكبر خلال السنوات القادمة التي سيتمّ العمل فيها على تنويع المداخيل الداخلية والخارجية وامتصاص البطالة لدى الشباب، خاصّة حاملي الشهادات، ولتحقيق ذلك (لابد من تجنيد كلّ الموارد بمساعدة الشركاء في إطار شراكات مثمرة تعود بالفائدة على كلّ الأطراف). ويضيف الوزير أن كلّ هذه الإجراءات تهدف إلى وضع (ديناميكية للتنمية) على المدى الطويل لضمان اندماج أفضل في الاقتصاد العالمي، واعتبر أن القدرات البشرية تعدّ (حجر الأساس) لنجاح هذه المبادرة·