تعتبر بلدية عين الرمانة في البليدة من بين البلديات الفتية التي أنشئت خلال التقسيم الإداري الأخير وهي منطقة جبلية عانت لسنوات عديدة من ويلات الإرهاب في عشرية الجمر، وتحتل البلدية المرتبة الثانية من حيث المساحة ب 101 كلم مربع يقطن بها حوالي 12483 نسمة وتزخر المنطقة بمناظر طبيعية خلابة وتقبع بمحاذاتها واحدة من أروع البحيرات العالية على سطح الأرض في العالم وهي بحيرة الضاية بارتفاع يقدر ب 7 كلم على سطح البحر غير أن هذه المؤهلات لم تشفع لها لأن تركب قطار التنمية على غرار نظيراتها في الولاية ما خلف استياء كبيرا لدى السكان· عرفت بلدية عين الرمانة انطلاقة تنموية، إلا أنها توقفت إبان سنوات الإرهاب بعد أن هجرها الكثير من سكانها ولازالت إلى غاية اليوم حيث تفتقر البلدية لمراكز استشفائية تغطي حاجة السكان وتستوعب الكم الهائل من الوافدين عليها في ظل تزايد الكثافة السكانية بالبلدية· قطاعا الصحة والنقل يحتاجان إلى إنعاش فقطاع الصحة بالمنطقة يعيش حالة من الركود التام والتأخر الشديد بسبب شبه غياب المؤسسات الصحية والموجودة منها تفتقر لأدنى الشروط اللازمة التي يحتاجها المواطن بصفة يومية وعلى رأسها مستلزمات مصلحة الاستعجالات التي لا تكاد ترى فيها ما يوحي إلى أنها مصلحة خاصة باستقبال أصحاب الحالات المستعجلة وذالك بسبب فقرها الكبير وانعدام أغلب الأدوية وأدوات الإسعافات الأولية والحاجيات الضرورية، ناهيك عن باقي المصالح التي تعيش بدورها نقصا فادحا في الخدمات المطلوبة من قبل المواطنين خاصة وأن المنطقة تبعد على أقرب عيادة متعددة الخدمات بحوالي 11 كلم أو 16 كلم وهي الواقعة ببلدية موزاية أو تلك الواقعة بالعفرون، هذه الحالة المزرية لقطاع الصحة بعين الرمانة ذات الكثافة السكانية المتجاوزة ل 20 ألف ساكن خلقت لدى السكان تذمرا شديدا، وحسب بعض السكان فقد أكدوا أنهم كثيرا ما طالبوا بتحسينها من قبل السلطات الوصية وعلى رأسها المصالح الولائية والمديرية الولائية للقطاع وذالك للقضاء على شبح رحلة البحث عن وسائل للنقل تسمح لهم بنقل مرضاهم إلى موزاية أو إلى باقي مستشفيات البليدة التي ربما لا تستطيع استقبال العدد الهائل من طالبي خدماتها وهذا نظرا لاكتظاظها، ولعل أبرز شيء يخشاه وأصبح يمثل لدى أبناء البلدية النائية كابوسا حقيقيا هو التنقل من مصحة أو من عيادة إلى أخرى من أجل استقبال النساء الحوامل، لذالك يلح أهالي عين الرمانة على مسؤولي المنطقة بضرورة التكفل بهذا المشكل الذي يعد قضية جوهرية بالنسبة لهم والإسراع في توفير مؤسسات صحية قادرة على توفير خدمات أحسن وترفع عنهم معاناة طال انتظار حلها· من جهته فإن قطاع النقل يعرف عجزا تاما في توفير الخدمات المطلوبة للسكان ويرجع ذالك إلى عدة أسباب أهمها قدم حظيرة وسائل النقل التي لا تزال تضم حافلات قديمة يرجع تاريخ تصنيعها إلى سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي مع معاناتها من الاهتراء والضيق الشديد والتي لا تصلح لنقل المسافرين، ناهيك عن الصعوبة الكبيرة التي تتلقاها هذه الأخيرة عند التوجه إلى عاصمة البلدية الواقعة وسط سلسلة جبلية وعرة ويعود ذالك إلى ارتفاعها الشديد مع احتوائها على انحرافات وممرات خطيرة مصحوبة بمشكل الطرق المتشققة والضيقة يصعب على أصحاب الحافلات المرور عليها وهو ما يضطرهم إلى تخفيض السرعة تجنبا لحوادث المرور دون إهمال قضية الوقت الطويل والممل الذي يفرضه أصحاب هذه الوسائل على المسافرين من أجل الانطلاق، حيث ينتظر هؤلاء امتلاء الحافلة عن آخرها من أجل التحرك والذي ربما قد ينتظر فيها مستعمل هذه الأخيرة مدة زمنية تصل إلى أكثر من ساعة· مشاريع استحسنها السكان في انتظار البقية استفادت بلدية عين الرمانة بعد سنوات الجمر من العديد من المشاريع التنموية والتي كان على رأسها مقر للفرقة الإقليمية للدرك الوطني بحي الريحان وذلك لاستتباب الأمن بالمنطقة الذي فقدته في وقت سابق وكذا مقر للأمن الحضري بنفس الحي إلى جانب الإنارة العمومية التي وصلت إلى أكثر من 80 بالمائة كما تم تزويد البلدية بالغاز الطبيعي وتم إدراج العديد من المشاريع التي من شأنها النهوض بالمنطقة في الكثير من القطاعات منها قطاع السكن تم برمجة مشروع سكنات اجتماعية ومتوسطتين، إكمالية، أقسام، ملحقات، مركز صحي، مركز تكوين مهني، قاعة ولادة، قاعة للعلاج، ساحات للعب، دار شباب، مكتبة، مركز ثقافي وغيرها و23 مشروعا يخص قطاع الري أهمها مشروع إقامة سد لخزان مائي، مشروع إيصال شبكة المياه الصالحة للشرب لسكان مزرعة 22 توسيع شبكة المياه الصالحة للشرب بحي (الريحان)، تجديد القنوات الرئيسية وإعادة تأهيلها لتجديد القنوات المياه الرابطة بين (عين الكحلة) و(النحاوة)، توسيع وتجديد قنوات الشرب بحي (النحاوة) بعد إعادة هيكلة الحي، إنشاء سد على مستوى (واد النحاوة)، جسر على مستوى (واد النمل لكحل) وهي المشاريع التي من شأنها أن تقضي على مشكل المياه بالمنطقة بصفة نهائية وقطاع الأشغال العمومية ب 22 مشروعا أهمها وضعية الطرقات كترميم الطريق الولائي رقم 62، تحويل اتجاه الطريق الرئيسي وصيانته من الطريق رقم 62 عن طريق الحوارش على مسافة 3،5 كلم الرابط بين منطقة النشاطات الصناعية ومركز عين الرمانة· الشباب يعزفون عن المحلات المهنية بالرغم من استفادة بلدية عين الرمانة بدائرة موزاية والواقعة غرب ولاية البليدة، من حصتها من برنامج المحلات المهنية التي تندرج في إطار برنامج رئيس الجمهورية القاضي بفتح 100 محل في كل بلدية، إلا أن شباب المنطقة لم يتحمسوا كثيرا للمشروع الذي يبدو أنه بعيد عن طموحاتهم التي تبقى مرتبطة بمساعدات تمكنهم من الاستثمار في المجال الفلاحي، وهو الطابع الغالب على هذه البلدية، خاصة بعد أن مرت فترة العشرية السوداء التي كانت السبب في ترك العديد من السكان لمهنتهم الأصلية، غير أن الحنين إلى الأرض لم يفارقهم بعد، والدليل على ذلك هو الإقبال الضعيف على المحلات المهنية التي أقرها رئيس الجمهورية والموجهة للشباب البطال والحائز على شهادات تكوينية من المعاهد المهنية المتخصصة، حيث أن المحلات التي تم إنشاؤها عبر بلدية عين الرمانة، والتي قسمت حسب التجمعات السكانية التابعة إقليميا لها، أين استفاد حي الريحان ب 20 محلا مهنيا أما منطقة النحاوة والمتواجدة في أقصى بلدية عين الرمانة استفادت من 10 محلات مهنية، وفي انتظار مشاريع جديدة تستفيد منها المنطقة، يبقى شباب عين الرمانة يتطلعون إلى إعانات تساعدهم على المضي قدما في المجال الفلاحي· بحيرة "الضاية" كنز سياحي منسي بحيرة (الضاية) أو ما يصطلح على تسميتها (بحيرة تامزغيدة)، تتوسط حظيرة غابية تجمع بين ولايتي البليدة والمدية، تقع في أعلى الجبال على ارتفاع يزيد عن 1238 متر عن سطح البحر، مما جعلها مقصدا للعديد من عائلات الولاية التي كانت تتوجه إليها خاصة في فصل الصيف للاستمتاع بنسيم الجبال وعذوبة مياهها، وخلال سنوات الاستعمار الفرنسي تم ابتكار عدة تقنيات لنقل المياه إلى سكان المناطق المجاورة واستغلالها كذلك في مجال الفلاحة لسهول غرب متيجة، لكن سنوات الإرهاب أدخلت البحيرة عالم النسيان دام إلى غاية اليوم، فعودة الأمن إلى المنطقة لم تسايره عودة المواطنين والسياح إلى البحيرة، ويقول أحد سكان بلدية عين الرمانة، أن البحيرة كانت في السابق تستهوي العديد من العائلات والشباب الذين يقصدونها خلال نهاية الأسبوع هروبا من ضجيج المدينة بغرض التخييم، وهناك من كان يجلب الخيول لتسرح على ضفاف البحيرة وتأجيرها للزوار، الذين كانوا يجدون متعة في ركوبها والتنزه على طول البحيرة المشهورة بعذوبة مياهها، كما تضم البحيرة العديد من أنواع الطيور منها النسر الملكي والعقاب، البط، الحجل وغيرها من الطيور المهاجرة، الأمر الذي جعل البحيرة بنكا معلوماتيا للباحثين والإيكولوجيين، على أن تستغل طاقاتها في تطوير البحوث إذا ما تم تنظيم زيارات لباحثين وطلبة لمتابعة التنوع البيئي بها·· علما أن الثروة السمكية بالبحرية منعدمة بسبب برودة مياها خلال فصل الشتاء وعلوها المرتفع عن سطح البحر، إلا أن هذا الكنز السياحي يبقى مهملا من قبل السلطات المعنية والتي وبقليل من الاهتمام ستحتل هذه البحيرة الريادة في مجال السياحة خاصة وأن طاقاتها الطبيعة تؤهلها لذلك وبجدارة ·