** حدثت لديَّ مشكلة في المدرسة مع إحدى المعلمات، حيث إنها خططت أسئلة الاختبار النهائي للطالبات، فقمت أنا واستشرت إحدى المعلمات، وقالت لي: بلِّغي الإدارة، فبلَّغتهم وتفاهموا مع المعلمة وانتهى الموضوع· المشكلة أن إحدى المعلمات تربطني بها علاقة أخبرتها بما جرى، فغضبت عليَّ، وقالت لي ما كان لي أن أبلِّغ الإدارة؛ فتقبلت كلامها لكن ما اقتنعت به؛ لأني أرى أن فعلي صحيح·· فقامت معلمة قريبة لي بمناقشة تلك المعلمة، وقالت لها: لِمَ تكلمين قريبتي هكذا؟! وبعد هذا الكلام صارت تلك المعلمة تتحاشى أن تتكلم معي·· مع العلم أني معلمة وهي أرادت أن تنصحني لكن أسلوبها معي كان جافاً فظاًّ·· أرشدوني كيف أتعامل معها؟ * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبعد: الأخت الفاضلة·· o في البداية نحب أن نوضح أنه غالباً ما يحدث سوء الفهم في محيط العمل بين الزملاء مما يؤثر على العلاقات بين العاملين· والحقيقة أن هناك نوعين من العلاقات التي تنشأ في العمل: علاقات شخصية وعلاقات مهنية· o والعلاقة المهنية في العمل هي الأهم، ولكي تنجح العلاقات الشخصية والمهنية معًا عليك أن تعي المشكلات النابعة من الخلط بين علاقات العمل والعلاقات الشخصية· o وتهدف العلاقة المهنية لإنجاز العمل فقط، فعليك أن تتنحي جانباً بمشاعرك الشخصية حيال الجميع، فهذه العلاقة رسمية· أما في العلاقات الشخصية، فيُفترض وجود تكافؤ بين الطرفين· o وهناك بعض الآليات والوسائل التي من شأنها أن تحسِّن وترتقي بعلاقتنا وتعاملنا مع زملاء العمل لتصبح بيئة العمل أكثر إنتاجاً وتفاهماً وتعاوناً لتؤدي إلى الاستقرار النفسي والوظيفي· وعليك أن تعرفي أن التعامل مع زميلات العمل فنٌّ يحتاج إلى مهارات وقدرات خاصة، ويحتاج إلى وقت لاكتسابها، ولعل قلة خبرتك بالعمل كمعلمة لم تكتشف لك هذه المشاكل ولم تكتسبي بعد مهارات التعامل معها، وقد أُلفت في هذا الموضوع الكتب الكثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر (فن التعامل مع الزملاء، لنورمان هيل)· أما بالنسبة لموضوع المشكلة فإنه كان من الأفضل أن تواجهي المعلمة التي خططت أسئلة الاختبار النهائي للطالبات بما فعلت، وتناقشيها فيما فعلت لعلها تقتنع بوجهة نظرك ونصيحتك وتصحح خطأها، وإذا لم تفعل فإن الخطوة الثانية هي إبلاغ الإدارة، وعليها أن تقوم من واقع مسؤوليتها باتخاذ ما تراه مناسبا حتى ولو خالف رأيك فهي المسؤولة أولا وأخيرا عن الإدارة· النصيحة دعامة من دعامات الإسلام· قال تعالى: (والعصر· إن الإنسان لفي خسر· إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) [العصر]· وقال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)· قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) [متفق عليه]· وعن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم· [متفق عليه]· وللنصيحة جملة من الآداب، منها ما يتعلق بالناصح، ومنها ما يتعلق بالمنصوح· فمنها أن تكون النصيحة في السر: المسلم لا يفضح المنصوح ولا يجرح مشاعره، وقد قيل: النصيحة في الملأ (العلن) فضيحة· وما أجمل قول الإمام الشافعي: تَغَمَّدَني بنُصْحِكَ في انفِرادِي* وجَنِّبْنِي النصيحةَ فِي الجَمَاعةْ فإنَّ النُّصْحَ بَين الناسِ نوعٌ* من التوْبيخ لا أَرْضَى استِمَاعَه ومنها أيضا: أن يتقبل النصيحة بصدر رحب، وذلك دون ضجر أو ضيق أو تكبر، وقد قيل: تقبل النصيحة بأي وجه، وأدِّها على أحسن وجه· فلا تثريب عليك إن نصحت، وعليك بالعمل على اكتساب مهارات حسن التعامل مع زميلاتك في العمل مما يكون دافعا لك في النجاح والتميز في عملك إن شاء الله· نسأل الله تعالى لك كل توفيق وهدى وسداد، وأن يعيذك من شرور الخلق أجمعين·