يشعر المعارض العراقي جواد الشمري الذي أمضى أكثر من عشرين عاما في مخبأ تحت الأرض جنوبي بغداد خوفا من بطش النّظام السابق، بحسرة لأن السلطات الجديدة لم توله اهتماما كغيره من المعارضين أو السجناء السياسيين أو المهجرين· ولم يفلح الرجل بعد سنوات على خروجه من مخبئه في الحصول على وظيفة، بينما لا تعترف الحكومة به سجينا سياسيا ولم يحصل على أيّ تعويض يساعده وعائلته على كسب العيش· ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الشمري الذي تقوّس ظهره بعد جلوسه سنوات طويلة داخل قبوه ولم يجد إلاّ زراعة خضراوات بسيطة لكسب عيشه، قوله إنه يتمنّى العودة إلى قبوه بسبب الإهمال الذي قوبل به من قبل النّظام الجديد· وقد بدأ الشمري الذي يبلغ من العمر نحو خمسين عاما، نشاطه السياسي في 1974 بانضمامه إلى حزب الدعوة عندما كان طالبا في المرحلة الإعدادية، وأصبح مطاردا بسبب انتمائه إلى هذا الحزب المحظور وصدر في حقّه حكم غيابي بالإعدام ولم يكن أمامه متّسع من الوقت للإفلات من حبل المشنقة، لذلك قرّر بعد مرور نحو سنة من الاختباء حفر قبو تحت منزل العائلة لا يزيد عمقه عن مترين وعرضه متر ونصف المتر وفيه أمضى عشرين عاما بمساعدة والدته متواريا عن أنظار أجهزة النّظام التي ظلّت تقتفي أثره دون جدوى، وكانت تتعامل بقسوة كبيرة مع المعارضين السياسيين الذين صدرت أحكام بالإعدام في حقّ عدد كبير منهم· ويعيش الشمري في منزله في بلدة النّعمانية في ظروف من الكفاف والضيق المادي، ويقول: (إنها أيّام أسوأ من تلك التي عشتها في الحفرة عندما كنت معارضا في عهد النظام السابق)· ويمنح السجناء السياسيون الذي اعتقلوا في عهد صدام حسين منحة مالية تقدّر بنحو 80 مليون دينار عراقي (نحو 66 ألف دولار) وقطعة أرض للسكن وراتبا شهريا يصل إلى 500 ألف دينار (نحو 400 دولار)، من قبل الحكومة الحالية·