الإسلام دين التآلف والتراحم وتدعو تعاليمه إلى المحبة والصلة بين أبنائه، مما يزيل الجفوة من النفوس، ويثبت أركان التآخي فكانت رابطة الإيمان أقوى وشيجة بين المسلمين وجعلت أوامر هذا الدين للمسلم على أخيه حقوقا، يلزمه الوفاء بها والحرص عليها، ومنها زيارة المريض، التي تؤدي إلى تماسك المجتمع وزيادة المحبة والألفة بين أفراده، ويصلي سبعون ألف ملك على من يقوم بها· والأمراض في القرآن الكريم نوعان مرض القلوب، ومرض الأبدان والحديث هنا عن النوع الثاني، قال تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) النور:61، وقال: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر) البقرة: 184، والشفاء من عند الله تعالى كما جاء على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء: 80· الدعوة واهتمت السنة المطهرة بزيارة المريض فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)· والعيادة هي الزيارة وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فكوا العاني-يعني الأسير- وأطعموا الجائع وعودوا المريض) وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح)· وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة كلهن حق على كل مسلم عيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس إذا حمد الله عز وجل)· وعنه أيضا أنه قال: (إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني· قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعُده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني· قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني· قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي)· قال العلماء: وإنما أضاف المرض إلى نفسه سبحانه وتعالى، والمراد مرض العبد تشريفاً للعبد وتقريبا له و(لوجدتني عنده) استعارة، أي لوجدت ثوابي وكرامتي، وقال القرطبي هو تنزل وتلطف في الخطاب والعتاب، ومقتضاه التعريف بعظيم ثواب تلك الأشياء· وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عاد مريضا أو زار أخا في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا) · جمهور العلماء فلعائدِ المريض أجرٌ عظيم، وتحسب له خطواته من حين يخرج من بيته إلى أن يصل حسنات، وتحيطه في ذهابه وإيابه ملائكة الرحمة، تستغفر له، وتدعو له، ويحظى ويتمتع بثمار الجنة حتى يرجع من زيارته وقال صلى الله عليه وسلم: (إن المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل: يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جنانها· ويؤكد جمهور العلماء أن عيادة المريض سنة مؤكدة ومنهم من ذهب إلى وجوبها وذكروا كثيرا من الآداب لها وكلها تصب في مواساته ورفع معنوياته والحرص على راحته وعدم إزعاجه واستحباب الجلوس عند رأسه والدعاء له بالشفاء حتى يشعر باهتمام أخيه المسلم به· ولا يدخل على المريض في وقت راحته ونومه أو وقت شرب الدواء ومع عدم الإطالة في الجلوس حتى لا يضجر وأن يدعو له بطول العمر والشفاء· وزيارة المريض تشتمل على صور عديدة من الحكم والفوائد فهي سبب في تماسك المجتمع وترابط أفراده وتقوي إيمانه وتشد من عزيمته، وتسري عنه همومه وتذكر بنعمة الصحة وهي باب من أبواب الدعوة إلى الله تعالى لأن لها أثرا نفسيا عظيما في نفسه وتزيل ما بالنفس من أحقاد وتحل محلها المودة ففي عيادة المريض تحقيق للتواصل بين المسلمين، وإشاعة روح المحبة بين الناس، ونشر روح الحب والتعاون وكذلك في عيادة المريض تطييب لخاطره ورفع لروحه المعنوية مما يعجل له الشفاء· تكفير الذنوب وتطلعنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم على هديه النبوي في زيارة المرضى، فكان إذا سمع بمرض أحد بادر إلى زيارته والوقوف بجانبه، وتلبية رغباته واحتياجاته، ثم الدعاء له بالشفاء وتكفير الذنوب إن كان مسلما، ودعوته للإسلام إن كان غير ذلك· * عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح)·