لم تستطع المحامية الفلسطينية قمر مشرقي، أن تكتم ضحكة مُرة وهي تتحدث عن الحالة الغريبة التي تتولاها أمام القضاء الصهيوني: سكان مستوطنة (سوسيا) جنوب الخليل يطالبون بإزالة (بؤرة استيطانية فلسطينية) هي قرية سوسيا المحفورة في صخور الجبال وكهوفها· وقالت المحامية قمر، وهي من فلسطينيي مناطق ال48 لصحيفة (الحياة): (لا توجد وقاحة أكثر من هذه، المستوطنون استولوا على أرض القرية، وهجّر الجيش السكان فلجأوا الى الجبال وأقاموا في الكهوف، واليوم يلاحقهم المستوطنون معتبرين أنهم بؤرة استيطانية غير قانونية تجب إزالتها، لأنها تهدد أمن المستوطنة)· وأضافت: (للمرة الأولى في حياتي أسمع هذه الصفة: بؤرة استيطانية فلسطينية· لكن من الآن ربما علينا أن نعتاد عليها)، مشيرة الى العمل الدؤوب للمستوطنين على طرد الفلسطينيين من أرضهم للاستيلاء على أرضهم والحلول محلهم· وبدأت قضية قرية سوسيا مطلع الثمانينات عندما أقامت السلطات الصهيونية مستوطنة على أراضيهم عام 1982 تحمل الاسم ذاته (سوسيا)· وفي عام 1986، هدم الجيش الصهيوني القرية التي كانت في حينه مؤلفة من (بيوت الشعر) (خيام منسوجة من شعر الماعز)· وقال نصر النواجعة أحد أبناء القرية الناشط في متابعة الانتهاكات الصهيونية فيها: (كان عدد سكان القرية نحو 500 عائلة، وتشتت الناس في القرى المجاورة، وأقامت عائلات في كهوف في التلال القريبة من القرية، لكن المستوطنين ومعهم الجيش ظلوا يلاحقوننا من أجل طردنا منها والاستيلاء عليها)· وأضاف: (نعيش في أرضنا، ونربي مواشينا، ولا يوجد لنا مصدر رزق وحياة آخر سوى هذه الأرض، لذلك لم نتركها، ولن نتركها)· وبعد طرد سكان سوسيا وتشتيتهم (لم يتبق منهم سوى 350 نسمة)، بدأ المستوطنون والجيش بالزحف على أراضيهم· فأقام الجيش معسكراً له على أراضي القرية، واستولى المستوطنون على جزء كبير من الأراضي وزرعوها بالكروم وغيرها·