كشفت مصادر إعلامية، مساء أمس الأحد، نقلا عن جهات موثوقة في مالي أن الدبلوماسيين الجزائريين السبعة الذين احتجزوا كرهائن في شمال مالي الذي يسيطر عليه المتمرّدون أفرج عنهم، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول حيثيات الإفراج ولا عن المكان الذي تمّ نقلهم إليه، علما أن جريمة خطفهم أثارا استنكارا عالميا· ولم يرد تعقيب فوري من السلطات على المعلومات التي تداولتها العديد من المواقع الإلكترونية الموثوقة أمس، منها موقع يومية الوطن المناقة باللّغة الفرنسية· وكان الدبلوماسيون خطفوا خلال الأسبوع الماضي في بلدة غاو الواقعة بمنطقة في شمال مالي تخضع الآن لسيطرة انفصاليين يقودهم الطوارق· وقال متحدّث من الانفصاليين إن جماعة إسلامية على صلة بالانفصاليين كانت وراء عملية الخطف، فيما أوضحت وزارة الخارجية الجزائرية أن الرّهائن هم قنصل الجزائر في جاو وستة من العاملين معه. وتعالت في الأيّام الأخيرة الاستنكارات والتنديدات بالاعتداء الذي استهدف القنصلية الجزائرية وأسفر عن اختطاف سبعة دبلوماسيين بمالي، حيث شهدت الساحة الجزائرية ردود فعل مندّدة من مختلف التشكيلات السياسية والمنظمات الإنسانية التي وصفت العمل بالإرهابي والمخالف للقوانين والأعراف الدولية، ويأتي كلّ هذا وسط تحفظ جزائري على القضية وتضارب آراء حادّ ميّز الأجهزة الإعلامية التي راحت توزّع الاتّهامات فبعد ما تداولته الصحافة الجزائرية حول وقوف جهة تدعى بجماعة التوحيد والجهاد وراء الاعتداء أشارت وكالة الأنباء الفرنسية أمس إلى أن منفّذ العملية هو المدعو مختار بلمختار الذي يقال إنه قائد جماعة الملثّمين بمنطقة الساحل الإفريقي· خرق للقوانين الدولية استنكر رئيس الهلال الأحمر الجزائري حاج حمو بن زقير أوّل أمس السبت بوهران الاعتداء الذي تعرضت له القنصلية الجزائرية بمالي الخميس الماضي والذي أسفر عن اختطاف القنصل الجزائري رفقة ستّة من معاونيه، معتبرا ذلك خرقا للقوانين الدولية التي تقضي باحترام حقوق الإنسان. وقد أعرب رئيس الهلال الأحمر الجزائري حاج حمو حمو بن زقير في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية على هامش لقاء إعلامي حول تطبيق الاتّفاقيات الدولية في مناطق النزاعات عن استنكاره لعملية اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في مالي إثر اقتحام مقرّ القنصلية الجزائرية يوم الخميس الفارط بمنطقة غاو المالية من طرف مسلحين مجهولين، معتبرا أن عملية الاختطاف تعد خرقا للقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني. واعتبر بن زقير أن هذا الملتقى الذي نظم بمبادرة من لجنة ولاية وهران للهلال الأحمر الجزائري بمناسبة اليوم العالمي للصحة فرصة للتذكير بضرورة الالتزام بالقوانين الدولية التي تقضي باحترام حقوق الإنسان، مؤكّدا أن هذه القوانين تحفظ حقوق الإنسان حتى خلال فترات التوتر والنزاعات المسلحة مهما كانت طبيعتها سواء نزاعات داخلية أو دولية، موضّحا أن اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية قد حددت الخطوط التي لا يمكن تجاوزها ودعا بالمناسبة كلّ من يحمل السلاح إلى ضرورة الاطلاع على هذه النصوص ومعرفتها واحترامها· وفي ذات السياق، أكّد رئيس الهلال الأحمر الجزائري أن منظّمته في اتصال دائم مع ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالجزائر العاصمة، والتي تم تفويضها من طرف المجموعة الدولية من أجل ضمان احترام اتفاقيات جنيف، مضيفا أن الهلال الأحمر الجزائري على استعداد لأيّ تدخّل إنساني في مناطق النزاع سواء فيما يخص عمليات الإسعاف أو الدّعم النّسي وإعادة الرّوابط العائلية· التشكيلات السياسية تستنكر عملية الاختطاف هذا، وقد جاءت ردود أفعال التشكيلات السياسية مشابهة، حيث ميّزتها التنديدات والاستنكارات التي عبرت عنها بعض الأحزاب السياسية عقب عملية الاختطاف التي طالت القنصل الجزائري بمالي رفقة ستّة من مساعديه قبل حوالي أربعة أيام. حيث أدان حزب جبهة التحرير الوطني هذه العملية واصفا إياها بالعمل الإرهابي والجبان الذي يتنافى مع الأعراف الدولية ودعا الحزب في ذات السياق المختطفين إلى تعجيل الإفراج عن الدبلوماسيين الجزائريين الذين كانوا يؤدون مهامهم وواجبهم اتجاه الجالية الجزائرية هناك، وأعربت التشكيلة السياسية عن تضامنها مع عائلات الدبلوماسيين المختطفين مبدية ارتياحها للجهود التي تبذلها السلطات الرّسمية في سبيل تحرير المختطفين وإعادتهم إلى الوطن قريبا. ولم يفت جبهة التحرير الوطني أن تذكّر بالموقف الجزائري الرّافض لأيّ تدخّل أجنبي سيدخل المنطقة في فوضى حقيقية· وإلى جانب ذلك، عبّر الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى بتمنراست عن استنكاره للاعتداء الذي طال القنصلية الجزائرية بمالي معتبرا ذلك اعتداء على حرمة الدولة الجزائرية، لا سيّما وأن المعتدين قد احتلوا مقرّ القنصلية بغاو واقتادوا موظفيها إلى جهة مجهولة. كما أدان رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني عملية اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين بمدينة غاو المالية مطالبا الخاطفين بتسليمهم دون أية مساومات على حد تعبيره . وزيادة عن ذلك نددت الحركة الشعبية الجزائرية بالاعتداء الذي استهدف القنصلية الجزائرية بغاو معتبرة ذلك سلوكا يتنافى والقوانين التي تسير العلاقات الدولية مطالبة المختطفين بالتحرير الفوري للرعايا الجزائريين، وبدورها نددت رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي بجميع التجاوزات التي خلفتها عملية الانقلاب التي قادها عسكريون ضد الرئيس المالي أمادو توريه احتجاجا على سياسة التهاون التي ميزت موقفة اتجاه حركة المتمردين في شمال البلاد، واستنكرت صالحي الاعتداء على القنصلية الجزائرية الذي أسفر عن اختطاف القنصل الجزائري إلى جانب ستة دبلوماسيين وطالبت في السياق ذاته بالحفاظ على وحدة التراب المالي وكشف تلك الجهات التي تريد تمزيق دول الساحل على حسب قولها· بلمختار في قفص الاتهام وفي حين تتضارب الآراء حول الجهة المنفذة لهذا الاعتداء أشارت وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) أمس الأحد إلى أن المدعو مختار بلمختار الذي قيل أنه أمير كتيبة الملثمين بمنطقة الساحل، وهي الجماعة التي تنتمي إلى ما يعرف بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي هو من يقف وراء هذه العملية، حيث استندت في تحليلها إلى فترة عودة هذا العنصر إلى الأراضي المالية بعد ورود أخبار عن تنقله إلى ليبيا من أجل التزود بالأسلحة، حسب ما أفادت به مصادر أمنية- في وقت سابق. وأكّدت وكالة الأنباء الفرنسية أن المدعو بلمختار وصل إلى مدينة غاو شمال مالي ليلة ما بين الجمعة إلى السبت، ونقلت الوكالة عن مصدر محلي قالت إنه ابن أحد الأئمة بمدينة غاو أفاد بأن المدعو بلختار قد التقى برجال دين في المدينة وصرح أنه مع الدين وسيعمل من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية ودعم التصالح بين مسلمي شمال مالي، ولمحّت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن هذا الشخص هو من يقف وراء عملية اختطاف القنصل الجزائري وستة من مساعديه حيث ذكرت وكالة الأنباء أن بلمختار قد توجه عقب لقائه برجال الدين إلى مقرّ القنصلية الجزائرية رفقة جماعة من مؤيديه على متن قافلة من السيارات التي كانت معه، ونقلت وكالة الأنباء هذه المعلومات دون أن تستند إلى أية أدلة، غير أنها أكدت على أن هذا الخبر قد ورد عن مصدر أمني قال إنه قد تلقاه من مصدر موثوق في مدينة غاو المالية·