أجمع أساتذة وخبراء ومختصّون على أن العديد من المواقع الإلكترونية تشكّل خطرا حقيقيا على استقرار الجزائر، مشيرين إلى أن كلاّ من التطرّف والانحراف (يتغذّيان) من بعض مواقع الأنترنت التي ينبغي محاربتها أو على الأقل التخفيف من أثارها الوخيمة ومضارها الخطيرة، والعمل على تحصين مختلف شرائح المجتمع وخاصّة الشباب من الأفكار المتطرّفة والمنحرفة والسموم الفكرية اللاّ أخلاقية التي تنفثها· أكّد بعض الباحثين والأساتذة الجامعيين أن (التطرّف يتغذّى من بعض المواقع الإكترونية)، حيث تقدّم خدمة كبيرة لمختلف الفئات الاجتماعية وذلك خلال أشغال الملتقى الوطني (التطرّف وتداعياته في الفكر والدين والسياسة) المنظّم من طرف جامعة الجزائر (3)· وفي هذا الشأن قال الأستاذ بومدين بوزيد أيضا مسؤول بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف إن هناك (عدّة كتب في مجال التطرّف تحمل وتستلهم من مواقع إلكترونية)، مشيرا إلى عدم وجود رقابة على تلك المواقع الإلكترونية الخطيرة· وقال المتحدّث إن تلك المواقع تلعب دورا كبيرا في نشر أفكار دينية متطرّفة وجهادية، مطالبا بوضع قوانين عن الإجرام الإلكتروني مثل ما هو معمول به في أوروبا وأمريكا· وعن موضوع التطرّف في الجزائر قال الدكتور بوزيد بومدين: (إن مشكلتنا كباحثين هي أننا لا ندرس الظواهر)، مضيفا أن كثيرا من الظواهر لم تتمّ معالجتها معتقدا أن موضوع الملتقى يجب أن يقوم البحث فيه بإشراك (فرق ومراكز بحث متخصّصة) من أجل وضع استبيان وتقديم كلّ المعلومات والتفاصيل والخلفيات والمؤشّرات ذات الصلة بالتطرّف في الجزائر وهذا دون الاعتماد على مراكز أجنبية، سواء من أوروبا أو أمريكا· في هذا المضمار تقوم مؤسسات وطنية بالبحث ووضع التقارير في مجال التطرّف وغيره من الظواهر الاجتماعية، مضيفا المتحدّث أن ذلك يحتاج إلى (رؤية سياسية جديدة) تشجّع العلوم الاجتماعية وأخرى تموّل البحوث· وأفضى النّقاش في مختلف الجلسات إلى أن هناك إهمالا للعلوم الاجتماعية ودورها في إيجاد حلولا· من جهة أخرى، نوّه عميد جامعة العلوم السياسية والإعلام الدكتور أحمد حمدي بنجاح الملتقى في ملامسة جوانب مختلفة لظاهرة التطرّف، مضيفا أن الموضوع يحتاج إلى ملتقيات دراسية مكمّلة له· ومن جهته، قال الأستاذ سليم قلالة أستاذ بجامعة الجزائر إن المشاركين تناولوا بالدراسة ظاهرة التطرّف في أبعادها المتعدّدة، محبّذا لو ركّز المتدخّلون على (السبب الرئيسي المحرّك للتطرّف)، ذاكرا في هذا الشأن بعض العوامل منها على وجه الخصوص (العامل الخارجي في المغذّي لهذه الظاهرة السلبية)· وفي سياق ذي صلة، اعتبر خبراء وأساتذة جامعيون أن التطرّف يعدّ (مظهرا من مظاهر السلوك المنحرف لأنه يبتعد عن الاعتدال)، الأمر الذي يؤدّي إلى (سلوكات تهدم مصالح الأفراد والجماعات والدول)· وفي هذا الصدد أوضح الدكتور بن بريكة الذي ترأس جلسة في الملتقى تحت عنوان (التعصّب في الممارسة والغلو في الدين) أنه تمّت معالجة موضوع التطرّف في مظاهره المختلفة الفكرية والسياسية والدينية· وذكر نفس المتحدّث أن التطرّف (أمر موجود في الديانات السماوية جميعا)، فبعض أتباع هذه الديانات (يتّخذون مواقف متطرفة سواء اليهود أو النّصارى أو المسلمين)· ومن جانب آخر، دعا باحثون وخبراء إلى (العودة إلى الاجتهاد من خلال المؤسسات). وأكّد الدكتور محمد عيسى أستاذ بجامعة الجزائر في مداخلة له تحت عنوان (المقاربة العلمية في التعامل مع التساؤلات الدينية وكيف يتمّ تجنّب الغلو والتطرّف في الدين)، أن العلماء عندما كانوا يطبّقون القواعد العلمية خلال تناول النصّ المقدّس والسنّة لم يكن هناك تطرّفا ولم يكن التطرّف طاغيا، مماّ يستدعي -كما قال- (العودة إلى الاجتهاد من خلال المؤسسات)·