برمجت محكمة الجنايات خلال دورتها العادية الثانية للسنة القضائية 2011/2012 ما لا يقلّ عن 120 ملف (خطير) تصدّرت قضايا القتل العمدي القائمة ب 23 ملفا، أبرزها قضية قتل الأصول، وهي الجريمة التي عرفت تناميا كبيرا خلال السنتين الماضيتين. كما تمّت جدولة 17 ملفا يتعلّق بالارهاب، حيث يتابع المتّهمون بجنايات التمويل والإشادة والانخراط، في حين سيعود إلى الواجهة أحد أبرز الملفات الأمنية المتعلّق بالجوسسة، ويتعلّق الأمر بالجزائري الذي جنّده حنبعل نجل العقيد الرّاحل معمّر القذافي، إلى جانب ملف الطبيب النّفساني (ب· نور الدين) المتابع هو أيضا بجناية التعامل مع دولة أجنبية. كما ستعرف الدورة التي ستنطلق في 20 ماي الحالي معالجة 20 قضية تتعلّق بالمساس بالأمن الاقتصادي و04 قضايا متعلّقة بتصدير المخدّرات، كما عرفت القضايا الأخلاقية ارتفاعا محسوسا، حيث برمجت 20 قضية هتك عرض· من المرتقب أن تعالج الدورة الجنائية عددا هامّا من القضايا الأمنية، أبرزها القضايا الإرهابية التي عرفت تراجعا محسوسا مقارنة بالدورات الأخيرة باستثناء برمجة ملف آخر عائدين من غوانتانامو، ويتعلّق الأمر بكلّ من (ع· هواري) و(ع· أحمد) المتابعين بجناية الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط في الخارج. وحسب الملف القضائي للمتّهمين فقد تمّ توقيف المتّهم (ع· أحمد) سنة 2002 في باكستان مع عدد من العرب، وقد استجوبه محقّقون من 15 دولة أثناء فترة مكوثه في السجن، حيث كانت بداية رحلته نحو أوروبا نهاية التسعينيات وكانت وجهته الأولى ألمانيا لينتقل بعدها إلى باكستان من أجل تسوية أوضاع إقامته في ألمانيا، وتمّ القبض عليه رفقة 12 مقيما عربيا في باكستان في هجوم نفّذته قوّات مشتركة أمريكية-باكستانية راح ضحّيته شخص من جنسية سورية، وقد تميّزت فترة بقائه مدّة 3 أشهر لدى الباكستانيين بالتحقيق المعمّق والمتواصل حول طبيعة وسبب إقامته غير الشرعية في باكستان، ثمّ نقل إلى سجن قاعدة (باغرام) الجوّية بأفغانستان، أين انتقلت مهمّة التحقيق معه إلى قوّات التحالف المشتركة المتواجدة في أفغانستان، وتواصل هذا التحقيق 50 يوما لتبدأ بعد ذلك قصّته مع معتقل غوانتانامو الذي نقل إليه يوم 5 أوت 2002· حنبعل القذافي جنّد جزائريا لضرب مواقع سويسرية! ستعالج جنايات العاصمة واحدا من أخطر الملفات الحسّاسة التي تمسّ بأمن الدولة، والذي تمّ تأجيله السنة الماضية بسبب الجدل السياسي الذي عرفه الملف المتابع فيه المتّهم (س· إسكندر) بتهمة إجراء مخابرات مع عملاء دولة أجنبية من شأنها الإضرار بالدبلوماسية الجزائرية وبمصالحها الاقتصادية بناء على خطّة محكمة من طرف حنبعل نجل العقيد الرّاحل معمّر القذافي، والذي يتواجد حاليا على أرض الوطن بعدما استقبلته الجزائر لظروف إنسانية أثناء فراره من ليبيا رفقة شقيقته، والدته وشقيقه محمد بعد الثورة. وقد كان هذا الأخير يهدف إلى زعزعة العلاقات الجزائرية-السويسرية عن طريق تفجير مطار جنيف ونسب العملية إلى تنظيم القاعدة، إلى جانب ضرب المصالح الاقتصادية للجزائر عن طريق نسف أكبر مجمّعين اقتصاديين بروما وباريس· وحسب الملف فقد قام حنبعل القذافي بتجنيد المدعو (س· إسكندر) المنحدر من ولاية عنابة، والذي هاجر إلى ليبيا أين استقرّ به الوضع سنة 2008 كنادل في مركز استراحة الشخصيات بمدينة طرابلس وذلك تحت إشراف (مرتضى كمال) الرجل الثاني في مجلس قيادة الثورة اللّيبية وشقيقه (عصام)، أين كان يتوافد على هذا المركز شخصيات هامّة من أصحاب النّفوذ والسلطة، على غرار قائد القوّات البحرية اللّيبية نجل الرئيس القذافي، وكذا زعيم المخابرات اللّيبية (عبد اللّه السنوسي)، أين كانوا يلتقون في ذلك المركز أو في مراكز خاصّة أخرى ينقل إليها (إسكندر) لخدمتهم وهو مغطّى الوجه كاحتياط أمني بعدما تمّ تزويده بهوية مزوّرة وبطاقة مهنية عسكرية برتبة نقيب وسلاح فردي· وحسب الملف القضائي فقد تعرّض المتّهم لأشدّ أنواع التعذيب بعد أن أفشى أسرار قائد البحرية اللّيبية (حنبعل القذافي) لشقيق الرجل الثاني في مجلس قيادة الثورة، أهمّها قيام حنبعل وزوجته بضرب خادمتهما في فندق وهما في حالة سكر شهر مارس 2009، ما عرّضه للتعليق على جذع شجرة والجلد مدّة ثلاثة أيّام، كما تمّ سحب جواز سفره غير أنه تمكّن من استرجاعه بعد تدخّل المدعوّة (سنتيا) التي تعمل في التنظيف لدى المسمّى (أحمد عبد الإسلام جلود)، ثمّ عاد للعمل في نفس مركز الاستراحة بعدما أقنعه المدعو (البشير خيري خالد)، هذا الذي قطع له وعودا بعدم تكرار ما وقع له من تعذيب وإهانة مستقبلا، وفي إطار عملية تجنيده تمّ إهداءه رحلة إلى مراكش للاستجمام، وبمجرّد عودته شاهد عملية اغتيال فتاة من جنسية مغربية بعدما تعرّض لنفس أنواع التعذيب، ما جعله يقرّر العودة إلى الجزائر· وقد تمكّن المتّهم بتاريخ 7 مارس 2010 من الدخول إلى الجزائر عبر منطقة (الدبداب)، أين أبلغ السلطات الجزائرية بكلّ ما جرى له في ليبيا خوفا من اتّهامه بالجوسسة، ومن عنابة توجّه إلى القنصلية الفرنسية هناك وطلب منهم رقم السفارة السويسرية للإبلاغ عن استهداف مطار جنيف· كما سيعود إلى الواجهة ملف الطبيب النّفساني (ب· نور الدين) المتابع هو الآخر بجناية الجوسسة لصالح جهات أجنبية بعد أن سافر إلى العراق في بعثة إنسانية رفقة طاقم طبّي أوروبي، وأثناء تواجده في أحد المعتقلات بمدينة الوصل وجد رعايا من عدّة جنسيات محتجزين، هؤلاء طلبوا منه نقل معاناتهم إلى سفارات دولهم بالجزائر من أجل إنقاذهم، وبمجرّد عودته راسل كلا من سفارة روسيا وقطر ومدّهما بمعلومات عن مخطّطات إرهابية لتنظيم القاعدة لضرب مواقع حسّاسة· فضيحة تصدير النّفايات وتبديد أموال الأمن في الواجهة كما ستنظر جنايات العاصمة خلال هذه الدورة في 250 قضية تتعلّق بالمساس بالاقتصاد الوطني، أهمّها ملف تصدير النّفايات الحديدية المتابع فيه 12 جمركيا رفقة 05 مصدّرين تمكّنوا من تبديد 03 آلاف مليار من الخزينة العمومية في صفقات مشبوهة، حيث تلاعبوا بالأسعار الحقيقية للمواد الحديدية وقاموا بتصديرها بطرق ملتوية إلى فرنسا· ويواجه الجمركيون المتورّطون في القضية تهما ترتكز أساسا على التزوير في محرّرات رسمية والإهمال الواضح في ضياع أموال عمومية، لكن المتّهمين قدّموا طعنا بالنّقص لدى المحكمة العليا. وبعد مداولة هذه الأخيرة رفض الطعن وأرجعت المحكمة العليا الملف إلى مجلس قضاء العاصمة لجدولة القضية في الدورة الجنائية، أمّا المصدرّون الخمسة فتتمثّل التهم الموجّهة إليهم في جريمة التزوير في محرّرات رسمية وتجارية واستعمالها والتصريح الجمركي المزوّر في القيمة والوزن. للإشارة، فإن اللّجنة الرئاسية المشتركة التي شرعت في تحقيقاتها سنة 2000 موازاة مع التحقيق القضائي، توصّلت إلى أن هناك 03 آلاف ملف مشاركة في تصدير النّفايات الحديدية وغير الحديدية كبّدت خسائر للخزينة تقدّر ب 03 آلاف مليار، تمّ بيع هذه المواد منذ 1994 بأسعار منخفضة تراوحت بين 0 و50 فرنك فرنسي وواحد فرنك مقارنة بالأسعار التي تباع بها في الخارج، والتي تتراوح بين 4 و11 فرنكا فرنسيا، وهو ما ترتّب عنه حسب الملف التملّص من دفع الرّسوم الجمركية بحقيقتها، التهرّب الجنائي، مخالفة التشريع والتنظيم الخاصّين بالصّرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وعدم استرداد الأموال إلى الوطن· كما سيتمّ الفصل خلال شهر جوان المقبل في ملف تبديد أموال المديرية العامّة للأمن الوطني المتورّط فيه عدد من عناصر الشرطة، من بينهم مفتش بالمخزن الولائي·