من المنتظر أن يعلن المجلس الدستوري عن النتائج النّهائية بعد عملية التدقيق في الحسابات اليوم الثلاثاء على أقصى تقدير ليفسح المجال للأحزاب والقوائم الحرّة للطعن خلال 48 ساعة بغية تنصيب البرلمان في المدّة المحدّدة قانونا والمتمثّلة في 10 أيّام التي تلي عملية الاقتراع، ليجد النوّاب الجدد أنفسهم بعدئذ أمام امتحان الوفاء بالعهد· ويتجلّى عمل وطبيعة مهام المجلس الدستوري حاليا المضبوط بمدّة زمنية في التدقيق في جميع الحسابات ومقارنتها بمحاضر الفرز ورصد كلّ صغيرة وكبيرة لتلافي الإضرار، كما قال عديد الأساتذة والمختصّين في الجانب القانوني بسيرورة العملية الانتخابية التي تعدّ رهان الأمّة والدولة على حد سواء، خصوصا في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ بها المنطقة أمام دعوات البعض إلى ربيع عربي مدمّر مشحون بحملات إعلامية مغرضة تحاول قلب طاولة الانتخاب بشتى الطرق والوسائل· ومن المرتقب عرض النتائج بصفة رسمية اليوم الثلاثاء على أقصى تقدير ليفسح المجال للأحزاب والقوائم الحرّة بإجراء الطعون خلال 48 ساعة، ويخوّل للمجلس الدستوري مثلما أكّده الأستاذ محمد فادن العضو المجلس الدستوري سابقا ثلاثة أيّام كاملة لمعالجة ودراسة الطعون المقدّمة على أمل أيضا الإعلان عن نتائج الطعون يوم السبت القادم حتى يتسنّى كما قال تنصيب البرلمان يوم الأحد القادم أو الاثنين، بمعنى أن تنصيب المجلس الشعبي الوطني يكون وفق القانون وكما جرت عليه العادة بعد 10 أيّام من إعلان عن نتائج الانتخابات، مشيرا إلى أن النتائج الأوّلية للانتخابات فاجأت الجميع بدليل ارتفاع نسبة المشاركة التي تجاوزت 42 بالمائة بأزيد من 9 ملايين صوت خلافا لتشريعيات 2007 التي لم تتجاوز الأصوات المعبّر عنها 6 ملايين، ممّا انعكس إيجابا على نسبة المشاركة· وقد ساهم خطاب رئيس الجمهورية كما قال فادن من ولاية سطيف في رفع نسبة المشاركة والدليل على ذلك الأوراق الملغاة التي تجاوزت مليون و600 ألف ورقة، ممّا يدلّ صراحة على لجوء النّاخب إلى التصويت شبه الأبيض، حيث لم يجد النّاخبون كما قال من يعبّر عن طموحاتهم وأفكارهم. ويرتقب عديد المواطنين بعد تنصيب البرلمان الجديد المشكّل من 26 طيفا سياسيا بزيادة 5 تشكيلات جديدة من شأنها إعطاء ديناميكية وحركية للمجلس المنتظر منه تقديم حلول للمشاكل العالقة وعدم الاكتفاء بتسويق الأوهام وسلّة من المشاريع عبر الأزقّة والقرى والمداشر النّائية· وكان السيّد دحّو ولد قابلية وزير الداخلية والجماعات المحلّية قد أعلن يوم الجمعة أن حزب جبهة التحرير الوطني قد انتزع صدارة التشكيلات السياسية التي دخلت غمار التنافس الانتخابي بمناسبة تشريعيات العاشر ماي 2012، مؤكّدا أن الحزب العتيد فاز ب 222 مقعد من ضمن 462 مقعد، متبوعا بحزب التجمّع الوطني الديمقراطي الذي فاز ب 68 مقعدا، وجاء تكتّل (الجزائر الخضراء) في المركز الثالث برصيد 48 مقعدا، وهي النتائج التي أفرزت ما يمكن وصفه ب (استقرار) في تركيبة المجلس الشعبي الوطني للعهدة الجديدة، حيث تسيطر عليه نفس الأحزاب التي سيطرت على المشهد السياسي في السنوات الخمس الماضية، علما أن البرلمان الجديد يضمّ 145 امرأة لأوّل مرّة في تاريخ الجزائر· وذكر ولد قابلية أن الانتخابات التشريعية التي جرت في ظروف عادية جدّا رغم تسجيل بعض الحوادث البسيطة، قد أفرزت نجاح حزبي التحالف الرئاسي الأفلان والأرندي في الظفر بغالبية أصوات النّاخبين، وبالتالي غالبية مقاعد الغرفة السفلى للبرلمان، في حين نصّب تحالف الجزائر الخضراء نفسه كقوّة سياسية ثالثة في البلاد بعد نجاحه في الفوز ب 48 مقعدا· بقّية المقاعد تقاسمتها التشكيلات السياسية الأخرى بنسب متفاوتة، حيث جاء حزب جبهة القوى الاشتراكية في المركز الرّابع برصيد 21 مقعدا، وجاء حزب العمّال في الصفّ الخامس بعد فوزه ب 20 مقعدا. وكان للقوائم الحرّة نصيب في المجلس الشعبي الوطني الجديد بعد حصولها على 19 مقعدا، متقدّمة بذلك على العديد من الأحزاب· وفازت الجبهة الوطنية الجزائرية (الأفانا) بتسعة مقاعد، وحصلت جبهة العدالة والتنمية على سبعة مقاعد، وانتزعت الحركة الشعبية الجزائرية ستّة مقاعد وحزب الفجر الجديد خمسة مقاعد· وفازت كلّ من جبهة التغيير والحزب الوطني للتضامن والتنمية والتجمّع الجزائري بأربعة مقاعد، بينما حصل كلّ من حزب الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية وعهد 54 واتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية والتحالف الوطني الجمهوري على ثلاثة مقاعد· وحصلت خمسة أحزاب على مقعدين لكلّ منها، ويتعلّق الأمر بكلّ من جبهة المستقبل وحركة الأمل والتجمّع الوطني الجمهوري وحركة المواطنين الأحرار وحزب النّور، بينما فازت خمسة أحزاب بمقعد واحد لكلّ منها، وهي حزب الكرامة والتجديد الجزائري والانفتاح والحركة الوطنية للأحرار من أجل الوئام والجبهة الوطنية الديمقراطية· وتبعا للنتائج المعلنة، فقد ضرب التحالف الرئاسي ممثّلا بحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديمقراطي بقوّة، حيث حصد حزبا التحالف مجتمعين 288 مقعد، وهو ما يمثّل غالبية مقاعد المجلس الشعبي الوطني، ممّا يؤهّل التحالف الذي يتبنّى برنامج الرئيس بوتفليقة كخارطة طريق له لمواصلة سيطرته على البرلمان لخمس سنوات أخرى، وبالتالي تمرير المشاريع التي من شأنها خدمة توجّهات وأفكار وبرنامج الرئيس الذي نجح في رفع الغبن عن الجزائر والجزائريين·