بينما تزداد الأوضاع الاقتصادية العالمية سوءا يبدو واضحا أن ارتفاع أسعار النّفط هو (صمّام أمان) الاقتصاد الوطني، وبفضله تبدو الجزائر خارج سرب البلدان المهدّدة بالإفلاس الاقتصادي· وهناك شبه إجماع بين المحلّلين الاقتصاديين العالميين على أن الأوضاع في السوق العالمية للعمل تسير من سيّئ إلى أسوأ في جميع الحقول، والنّقص في أماكن العمل قد ازداد 50 مليونا، وبلغ مستوى الأزمة الشاملة· وهذا ما جاء في تقرير وزّعته منظّمة العمل الدولية· وتتوقّع المنظّمة أنه في سنة 2012 سيزداد عدد العاطلين عن العمل ليصل إلى 6 ملايين شخص بالمقارنة مع السنة الماضية، حيث يبلغ العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل 202 مليون شخص· وعبّرت المنظّمة عن الشكّ في أن النمو الاقتصادي يمكن أن يكون كافيا كي يسدّ العجز القائم، وأن يؤمّن العمل ل 80 مليون شخص جديد الذين سيدخلون سوق العمل في هذه المرحلة· وأكثر ما يثير القلق هو التوجّهات الجارية في أوروبا، حيث أنه في سنة 2010 ارتفع معدل البطالة في ثلثي البلدان الأوروبية· وفي أمريكا واليابان فإن إنهاض سوق العمل هو في (النقطة الميّتة)، أمّا في الصين فإن عروض وظائف العمل لا تغطّي الطلب· وقد ارتفع مستوى البطالة في صفوف الشباب بنسبة 80 بالمائة في البلدان المتقدّمة وبنسبة 70 بالمائة في البلدان النّامية· وفي بلغاريا يتوقّع أ ن ترتفع البطالة أيضا وتبلغ 12 بالمائة، حسب ما جاء في تقرير لمؤسسة اقتصاد السوق· وأوردت الإحصاءات الخاصّة ببريطانيا أن الاقتصاد قد انكمش بنسبة 0.2 بالمائة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، وهو ما دون توقّعات المحلّلين الاقتصاديين، كما جاء في صحيفة (الغارديان)· وكانت التوقّعات تتنبّأ بنمو في الناتج الوطني القائم يبلغ 0.1 بالمائة· وإذا أخذنا في الاعتبار أن بريطانيا كانت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الماضية في حالة انكماش اقتصادي بنسبة 0.3 بالمائة فهذا يعني أنه توجد في بريطانيا حالة ركود تقني للمرّة الثانية في السنوات الثلاث الأخيرة· والمرّة الأخيرة التي وقعت فيها بريطانيا في حالة (ركود مكرّر) كانت في سنوات السبعينيات من القرن الماضي· (والرّكود المكرّر هو اتجاه ماكرو اقتصادي يتعلّق بحدوث الرّكود، ثمّ الإنهاض، ثمّ الوقوع في الرّكود مجدّدا في فترة لاحقة· وهذه الظاهرة تحدث نتيجة النمو الاقتصادي الضعيف بعد المرحلة الأولى من الانهاض، أي ما يشبه النّكسة المرضية بعد التعافي الاولي من المرض)· وسببُ انكماش النّاتج الوطني القائم هو انخفاض حجم قطاع البناء والإنتاج الصناعي، وقد أثّر تأثيرا سلبيا أيضا البرنامج الذي أقرّ في السنة الماضية والمتعلّق بتخفيض نفقات الخزينة· وحسب رأي وزير المالية جورج أوسبيرن فإن البلاد توجد في أوضاع اقتصادية معقّدة جدّا، وهو يحسب أن الأزمة الحالية هي الأكبر بالنّسبة للجيل الحالي من القادرين على العمل، وللخروج من هذه الأزمة ينبغي مرور مدّة من الوقت أطول ممّا كان يتوقّع في السابق· وخلال فترة الرّكود سنة 2008 2009 انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 7.1 بالمائة واستمرّ الهبوط أشهرا متتالية·