كان فيلم (حراقة بلوز) للمخرج موسى حداد محل اهتمام المتوافدين على الجناح الجزائري بقرية ريفيرا بمهرجان (كان) والذين أبدوا إعجابهم بمشاهد الفيلم التي عرضت في إطار العمل الترويجي الذي يقوم به الجناح منذ افتتاحه للتعريف بالإنتاج الجزائري (الجديد)· ويتطرق هذا الفيلم الذي أعاد موسى حداد إلى بلاتوهات التصوير بعد غياب طويل- وهو الذي قدم أعمالا مميزة مثل (عطلة المفتش الطاهر) و(حسن تاكسي)، كما عمل مساعدا للمخرج الإيطالي بونتي كورفو في (معركة الجزائر)- إلى تراجيديا أو هوس الهجرة الذي استولى على الشباب وأصبح موضة قد ينجر وراءها البعض دون حاجة إليها· فإذا كان الموضوع ليس بجديد إذ تم تناوله من قبل السينما الجزائرية والأجنبية كونه آفة تعاني منها كل الشعوب النامية وحتى بعض الدول الأوروبية إلا أن المخرج يقدم الإشكالية بنظرة مختلفة ومن زاوية أخرى· في القصة الكثير من الأحاسيس والجوانب، إذ تنطلق من علاقة صداقة متينة بين شابين زين وريان مسكونان بالموسيقى والحلم بالهجرة والبحث عن جنة فوق الأرض لتحقيق كل ما يراودهم من أحلام ومشاريع قد يشترك فيها كل الشباب في مثل سنهما، ولكن في الفيلم مفارقة تجعل زين يغامر بالسفر إلى إسبانيا سعيا وراء حلمه رغم ما يحمله السفر بطريقة (الحراقة) أي الهجرة غيرالشرعية من مخاطر وأهوال، بينما يفضل ريان التريث والبحث عن مورد للحصول على المال الكافي للهجرة هو الآخر· في تلك المجازفة يفقد الزين أحلامه التي تحطمت مع المركب ويعود ولكن هل ينجح في إقناع ريان بالبقاء وهو البديل الذي يطرحه الفيلم· لقد اختار موسى حداد في السيناريو الذي كتبه مع زوجته أمينة منتجة الفيلم التعامل مع الشباب كما في فيلم (مايد إن الجيريا) وأيضا مع الموسيقى التي تشكل الخيط الواصل بين أطراف الحكاية وقد اشترك الفنان لطفي عطارمن فرقة (رينا راي) في تأليف موسيقى الفيلم واستعان المخرج أيضا بفرقة (كامليون) التي تقدم الطابعين الروك والقناوي· وفي السينوبسيس يقول المخرج -الذي غاب عن (كان) لانشغاله بآخر ترتيبات الفيلم الذي (سيكون جاهزا بعد شهرين)- إن فيلمه يتحدث على مدى ساعة و6 دقائق عن واقع اليوم وهو موجه بالدرجة الأولى للشباب الواقعين تحت تأثير الصور القادمة من الغرب والتي توهمهم بسهولة العيش وبتحقيق أحلامهم· وكان الجناح الجزائري قد خصص نفس الاحتفاء للأفلام الأخرى المنتجة في إطار الخمسينية مثل فيلم (زابنة) لسعيد ولد خليفة والذي جلب اهتمام الكبير من قبل السينمائيين والمنتجين الأجانب خاصة وأن الفيلم كان قد أقصي من المنافسة الرسمية للمهرجان في آخر لحظة وقد تكون الظلال التي حامت حول الإقصاء قد ساهمت في الترويج له حسب المتتبعين·