كم هي جميلة تلك اللحظات وأنت تلج أرضية الملعب وتقابلك الهتافات من كل حدب، ما أروعها تلك اللقطات التي تتقاسمها مع الجماهير عندما تسجل هدفاً ··· هي لحضات سحرية يحلم بها أي شخص ولسحرها ورونقها يعقد كل مهاجم العزم على معانقة المرمى في كل لحضة، هكذا كانت حكاية حسين قاسمي مع الملعب حناجر تهتف باسمه كلما همت قدماه بوطء أرضيته، كم كانت طريقة فرحته بالأهداف مميزةً، كم كان تفاعل الجماهير مع تلك اللقطات مدوياً، ذلك اليوم وليتها لم تكن بتلك الطريقة، في ذلك الملعب أول نوفمبر وذات خميس من ماي 2000 كانت بداية النهاية لحسين قاسمي، نهاية مؤلمة على وقع هدف في مرمى الاتحاد العنابي، كان يفترض أن يقوم حسين بلقطاته المعتادة بعد التسجيل، كان يفترض أن تتفاعل معه الجماهير بالأهازيج كما عودتنا، لكن هذه المرة بعدما سجل حسين هدفه استلقى ممددًا على الأرض دون حراك وعمّ صمت رهيب الملعب، حتى لا ننساك يا حسين، حتى لا ننسى ضحايا ملاعبنا، حتى لا ننسى سوء أرضية ملاعبنا سنتذكر مسيرتك يا حسين· من هو حسين قاسمي؟ حسين قاسمي من مواليد سنة 1974 بالكاليتوس أين تربى وترعرع وتعلم أبجديات الكرة، حيث تدرج في الفئات الصغرى للكاليتوس قبل أن يشد الرحال إلى بريكة· ثم ينتقل الى اتحاد الحراش وبعدها تألق مع مولودية الجزائر التي حاز معها على البطولة سنة 1999· أداؤه الباهر ذلك الموسم جعل محند شريف حناشي يعمل المستحيل لضمه لفريقه وهو ما تأتى له، حيث التحق حسين بفريق الشبيبة وفرض نفسه في التشكيلة اأساسية وصنع أفراح جماهيرها قبل أن يتركهم بطريقة مأساوية، عرف حسين بطيبته وحسن أخلاقه وتواضعه وهو ما جعله يكسب قلوب جميع أنصار النوادي التي حط بها الرحال· حسين يدخل كالملك ··· يسجل هدفاً ··· ويخرج غائباً عن الوعي قبل بداية المباراة دخل حسين قاسمي أرضية الملعب للتسخين فاستقبله الأنصار بهتافات وأهازيج تعبيراً منهم على شكرهم له بعدما شرفألوان النادي وسجل هدفاً كان وزنه من ذهب في لقاء كأس الكاف، بعد بداية المباراة احتدم التنافس بين الاتحاد والشبيبة وكانت عنابة سباقة لفتح باب التسجيل مما جعل الشبيبة تركز على الهجوم، وتحرك قاسمي في كل اتجاه في سبيل أفراح هذه الجماهيير الغفيرة وهو ما كان له، حيث بعد توزيعة متقنة من موسوني يرتقي لها قاسمي ويودعها شباك الحارس العنابي بطريقة رائعة معلنا هدف التعادل، لكن سقوطه كان سيئاً، حيث بعد احتكاكه مع سلاطني يسقط أرضاً ويصطدم رأسه بالأرضية الصلبة للملعب ليغيب عن الوعي ويسود سكوت رهيب المدرجات، ليتدخل الطاقم الطبي ويقوم بنقل حسين الى مستشفى تيزي وزو ونظراً لخطورة الإصابة تم نقله الى فرنسا لكن القدر كان أسرع وفاءت روح حسين إلى بارئها وسط هيستيريا من البكاء والحيرة خاصة وأن حسين كان في ريعان شبابه، الذي كان مسرحاً لفنياته كان طريقه الى اللّحد، هكذا كانت نهاية مسيرة حسين وهكذا هي ملاعبنا التي أصبحت مقصلة للاعبيين، شيع جثمان حسين بالكاليتوس وسط جو مهيب وحضور غفير من محبيه لكنك في قلوب يا حسين وذكراك لن تموت· الملعب كان طريق قاسمي للّحد فهل اعتبرنا من ذلك؟ المؤمن لا ُيلدغ من الجحر مرتين والإنسان الكَيّس يعتبر مما حدث له فهل اعتبرنا من حادثة قاسمي؟ طبعا لا، فملاعبنا مازالت كما هي بعيدةَ كل البعد عن الملاعب المثلى، أرضيات طارطونية صلبة لا تصلح لممارسة كرة القدم وفوق ذلك تزيد في متاعب اللاعبين، وما توالي الإصابات على لاعبي البطولة إلاّ خير دليل على ذلك، ها هي تمر أكثر من عشر سنوات على وفاة حسين قاسمي أمام أعيننا بسرعة، لكن مازالت نفس الملاعب بأرضياتها الخطرة ، فإلى متى نبقى في غفلة من أمرنا ونبقى نلقي بأبنائنا الى التهلكة، إلى متى نبقى نخسر شباباً في مقتبل العمر ذنبهم الوحيد أنهم يحبون ويمتهنون الكرة ، هل يجب أن نضحي مرة أخرى ببعض لاعبينا حتى نلتفت إلى هذا الخطر المحدق بهم؟ يوم 21 ماي 2000 سرق منا قاسمي بتواطؤ أرضية طارطونية قاتلة الله يرحمك يا قاسمي ···· 21 ماي 2012 مازالت الأرضيات الطارطونية تتربص بلاعبين فماذا تغير أم أننا ننتظر وفاة لاعب آخر حتى تستفيقوا يا مسؤولين من غيكم أم إانه لا يهمكم غير التناطح على الكراسي لا يسعنا إلا الدعاء لحسين بالمغفرة والقول لقد أسمعت لو ناديت حيا ······ لكن لا حياة لمن تنادي * العضو: "ناس تفهم فالبالون"