في حلقة اليوم من سلسلتنا الطويلة من أمجاد الكرة الجزائرية الخالدة سنتحدث عن واحد من أحسن المهاجمين الذين عرفتهم ملاعب كرة القدم الجزائرية منذ الاستقلال، حيث كان ولا يزال اللاعب رقم واحد الذي سجل في موسم واحد 36 هدف، كما انه اللاعب الوحيد الذي سجل ذات يوم مع صنف الأواسط وفي موسم واحد 55 هدف، كما انه اللاعب الوحيد الذي نال كل شيء وشارك مع المنتخب الو طني في جل المنافسات الدولية كاس أمم إفريقيا وكاس العالم كما كان له شرف التتويج التاريخي مع ذات المنتخب بكاس الأمم الإفريقية عام 1990 وبكاس مابين الافرواسيوية، ناهيك عن الألقاب الكثيرة والمتعددة التي حاز عليها مع فريقه المفضل شبيبة القبائل، وبعد مغادرته عش الكناري حط رحاله ببلدة البترو دولار، لكن سرعان ما وجد نفسه بفرنسا، ليسوقه القدر بعد ذلك إلى بلد المجر، وهو البلد الذي ودع فيه الملاعب تاركا وراءه ذكريات وذكريات من الصعب إن لم نقل من المستحيل على جيل اليوم إعادة رسمها، أكيد قد عرفت نجم هذا العدد الذي اخترناه لكم، انه لاعب شبيبة القبائل ناصر بويش اللاعب الذي لقب بسم الحراس، فلا يوجد حارس مرمى الا وهز شباكه. قبل الحديث عن المسيرة الكروية لناصر بويش شبيبة القبائل، نقول لكل من يتساءل عن العلاقة الموجودة بين هذا اللاعب واللاعب السابق لمولودية العاصمة ناصر بويش كون اللاعبين يجملان نفس الاسم واللقب،سؤال كنت قد طرحته ذات يوم من عام 1994 على ناصر بويش الشبيبة فرد قائلا" أن العلاقة التي بينه وبين ناصر بويش المولودية هي إنهما يحملان نفس الجنسية الجزائرية، ومما اقله لي ناصر بويش الشبيبة أن عائلة بويش متجذرة بالعاصمة، وقد حكا لي احد الشيوخ العصاميين الذين يحملون نفس لقب بويش أنها تعود إلى العهد التركي حيث استقدمت من تركيا مع النازحين الأتراك واستقر بها المقام بقلب العاصمة. ناصر بويش ولد بالعاصمة وداعب الكرة بحي العقيبة ولد ناصر بويش بالجزائر العاصمة وهو من عائلة رياضية فجل أفراد وأقارب عائلته وأسرته مارسوا الكرة، لكن لم يمارسونها في فرق كبيرة على غرار الابن ناصر الذي ظهرت موهبته منذ أن نطق ذات يوم وهو في سن الثانية من العمر باسم كرة ( ballon ) وهو في سن مبكرة كان الصبي ناصر يداعب الكرة بقدميه الصغيرتين، ومع مرور الأيام والاسبايع راح يمارسها برأسه وقدميه، فكان شغوفا بلعب الكرة، بين أرجاء البيت، فكثيرا ما سبب إزعاجا لوالدته كونه كان لا يرضى الا بقذف الكرة في كل اتجاه، فكم مرة كسر نوافذ المنزل. قبل بلوغه سن الثانية عشر، تجلت موهبة ناصر بويش أكثر فأكثر مع الكرة، وذلك في فريق المدرسة التي كان يتابع فيها دراسته، فكان يجيد تسجيل الأهداف من كل الاتجاهات إلى درجة انه يحكى على ناصر بويش انه كان يسجل ضربات الجزاء من الخلف، إما بقدميه ورأسه فحدث ولا حرج، إلى درجة انه وقع في لقاء واحد 11 هدف، حتى طلب منه زملائه الكف عن التسجيل. بويش في شباب بلوزداد بعد أن ذاع صيت اسم ناصر بويش خارج حييه وخارج المدرسة التي كان يتابع فيها دراسته، انظم إلى فريق شباب بلوزداد وهذا في صنف الاصاغر وعمره لا يتعدى الثانية عشر، وهو الفريق الذي واجد فيه راحته، خاصة وانه كان يحلم ان يلعب بحجم ملعب 20 أوت أو بولوغين أو أول نوفمبر بالحراش، وفعلا راح الشبل ناصر بويش ببدع بطريقته الخاصة كراس حربة، فرغم صغر سنه وبنيته الفورمولوجية الا ان هذا لم يشكل عائقا لابن الثانية عشر. إعجاب المدرب بسطوط باللاعب ناصر بويش ساهم في تألقه وبروزه أكثر فأكثر، فكان بسطوط يمده بالنصائح ومما كان يقول له ط اسمع يناصر ستصبح لاعبا كبيرا فاسمع نصائحي" تزامن تألق ناصر بويش مع أصاغر شباب بلوزداد مع تتويج أكابر الفريق بكاس الجزائر عام 1975 بضربات الجزاء على اتحاد العاصمة، وهو التتويج الذي كان له التأثير الكبير في مسيرة الفتى ناصر بويش، خاصة بعد ان حضر الحفل الذي إقامته إدارة النادي على شرف لاعبي الأكابر المتوجين بقيادة مصطفى كويسى والراحل بن ميلودي والحارس العام وغيرهم من نجوم الشباب الذين حملوا ألكاس الجزائرية الغالية من ايدي الراحل هواري بومدين وهي اخر كان يمنحا هذا الاخير قبل ان ينتقل إلى العلي القدير في ال 28 ديسمبر من نفس السنة. صغير يلعب كرة الكبار حتى وان كان لم يكن يتعدى سن اللاعب ناصر بويش الرابعة عشر الا انه تمت ترقيته إلى صنف الأواسط، وهو الصنف الذي أبدع فيه، إلى درجة ان سجل في موسم 1978/1979 55 هدف وهو رقم قياسي في تاريخ الكرة الجزائرية الكثير منا يجهله، لكن ناصر بويش بلغه في موسم واحد مع أواسط الشباب، مع المدرب جلول بسطوط، وهو المدرب الذي لازال ناصر بويش إلى حد اللحظة يشيد بالدور الكبير الذي غير من مسار حياته نحو النجومية. واصل ناصر بويش تألقه مع صنف الأواسط إلى ان تمت ترقيته إلى صنف الأكابر، فلعب إلى جانب الراحل بن ميلودي وعمره لم يكن يتعدى السابعة عشر، كما لعب إلى جانب حسين ياحي ومصطفى كويسي وجبار ومحمد دحماني وغيرهم من نجوم العصر الذهبي للشباب في مطلع الثمانينيات. كان ناصر بويش محل حدث الجمهور الرياضي الجزائري، فأنصار الشباب وصوفا لاعبهم الفتى بمثابة هدية إلهية إلى الفريق، كيف لا وان عمره لم يكن يتعدى السادسة عشر وهو يلعب إلى جانب نجوم الفريق، طريقة تسجيله للأهداف كانت تثير التساؤل، كيف لا وانه يهز شباك الحراس كما يريد، ولا يوجد حارس مرمى ولم يهز شباكه حتى لقب بسم الحراس رغم صغر سنه. لقاء النصرية ... في ذاكرة بويش في عز أيام النصرية مع ماجر وايت الحسين ولعزازي ومرزقان وقندوز، وجد الفتى ناصر بويش نفسه يلعب أمام نجوم هذا الفريق، بالرغم من أن سنه لم يكن ستجاوز السابعة عشر، لكن لم يتفاجا ابن العقيبة بالدعوة التي وجهها له المدرب محمد بوجنون للعب لقاء النصرية، لا يزال ناصر بويش يتذكر لحظة دخوله إلى أرضية ميدان 20 أوت وهو مكتظ عن أخره بجماهير الفريقين، الغالبية العظمى كانت تنادي بحياة ماجر وقندوز، وغيرهم من نجوم النصرية في تلك الأيام، لم يبال ناصر بصيحات الأنصار، فقال في قرارة نفسه لقد حان الوقت لأثبت مكانتي أمام نجوم هذا الفريق، اليوم سأنسي هؤلاء الجماهير في اللاعب ماجر، ما ان انطلق اللقاء حتى تناساه أنصار الشباب نجوم النصرية فراح الكثير يركز على لمحات واللقطات الفنية الرائعة لناصر بويش، لعله يهز شباك الحارس الدولي آنذاك ياسين بن طلعة. مرت الدقائق وشباك هذا الاخير لم تهتز، لتنتهي المرحلة الأولى كما انطلقت حينها حمد أنصار الشباب بهذه النتيجة وهم الذين كانوا يخشون من قوة ماجر ولعزازي وايت الحسين الذين كانوا يشكلون اخطر ثلاثي في البطولة الوطنية. مع بداية المرحلة الثانية، تقدمت النصرية بهدف من توقيع خديس محمد أب المدافع الحالي للشبيبة خير الدين خديس، لكن فرحة أنصار النصرية لم تدم طويلا، بعد ان تمكن الشباب من تعديل النتيجة بواسطة جمال مناد الذي قدم له ناصر بويش كرة بطبق من ذهب، غالط بها الحارس الأنيق للنصرية ياسين بن طلعة في وقت كانت المباراة توشك على نهايتها، فانتهى اللقاء بتعادل ايجابي، تعادل كان في نظر أنصار الشباب من صنع الفتى الصغير ناصر بويش. يعد هذا اللقاء بالنسبة للناصر بويش بداية تحول كبير في مسيرته الكروية، حيث تمكن مع مرور الايام من فرض مكانته ضمن التشكيلة الأساسية، خاصة مع قدوم الدرب مختار كالام الرئيس الحالي للشباب، وهو الرجل الذي أعطى ثقة كبيرة لبويش، يعد منح له القميص رقم 9 الذي ظل حكرا على اللاعب جمال مناد، الذي انتقل فيما بعد إلى شبيبة القائل. بويش في الشيبة في موسم 1982/1983 فأجا ناصر بويش محبي الشباب بتغيير وجهته نحو شبيبة القبائل، وكان وراء انتقاله إلى فريق الكناري المدر خالف محي الدين الذي كان حينها يشرف على تدريب المنتحب الوطني، بعد أن أعجب بفنيات هذا للاعب ليس مع فريقه الشباب فحسب بل مع جميع المنتخبات الوطنية للشبان التي كان فيها ناصر بويش الهدف رقم واحد. م يجد ناصر بويش أدنى صعوبة في التأقلم مع فريق شبيبة القبائل كونه الذي استقدمه إلى هذا الفريق هو خالف محي الدين فكان من البديهي أن يعامله هذا الاخير معاملة الأب لابنه، فكان بمثابة الولد المطيع لوالده. خاض ناصر بويش أول لقاء له مع تشكيلة شبيبة القبائل بملعب أول نوفمبر بالحراش أمام فريق " الكواسر " وانتهى اللقاء بالتعادل دون أهداف، لكن البداية الحقيقة لناصر بويش كانت أمام مولودية وهران بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو، وهو اللقاء الذي أبدع فيه ناصر وسجل هدفين من بين الأهداف الخمسة التي هز بها لاعبوا الشبيبة عرين حارس الحمراوة بشير سبع. لقاء الحمراوة بالنسبة لناصر بويش كان بداية المجد والتألق، فسرعان ما تم استدعائه إلى الفريق الوطني للأكابر الذي كان يحضر إلى اولمبياد لوس أنجلس، لكن لعنة الإصابة حرمته من لعب اللقاء الفاصل أمام المنتخب المصرية بملعب 5 جويلية الذي انتهى بالتعادل السلبي. موسم الحصاد انتظر عشاق شيبة القبائل ثلاث سنوات كاملة ليقفوا وقفة واحدة خلف القدم من شباب بلوزداد ناصر بويش، كان ذلك في موسم 1985/1986، وهو الموسم الذي يعد الأحسن والأجمل في المسيرة الرياضية لناصر بويش، حيث نال كل شيء كاس الجزائر بعد تغلب الشبيبة على وفاق القل بهدف دون رد وقفع علي فرقاني في الأنفاس الأخيرة من اللقاء، بعد كرة قدمه له ناصر بويش، وقبل التتويج بالكأس وهي الأولى والأخيرة التي فاز بها ناصر بويش خلال مسيرته الكروية كان قد توج بلقبين لقب البطولة الوطنية، حيث تقدمت الشبيبة بفارق 18 نقطة كاملة عن فريق النصرية، كما توج ناصر بويش بلقب أحسن هداف للبطولة وبأي رقم 36 هدف، وهو رقم قياسي لم يسبق وان سجله أ لاعب قبله او بعده، حيث لا يزال قياسيا ومن الصعب ان لم نقل منم المستحيل تحطيمه مع الجيل الحالي للمهاجمين. كما أن هذا الموسم سجل فيه ناصر وبويش رقم قياسي من حيث عدد الأهداف في لقاء واحد، كان ذلك في مرمى آمل عين مليلة حيث هز سباك هذا الاخير بخمس أهداف كاملة وهو رقم لم يسجل بعد. سبع مواسم في الشبيبة نال فيها كل شيء دام بقاء ناصر بويش في شبيبة القبائل سبع مواسم كاملة من عام 1983 إلى غاية 1990، سبع مواسم نال فيها كل شيء خمس بطولات وطنية، وكاس الجزائر وكاس افريقا للأندية البطلة، وكاس الإفريقية الممتازة. كما حاز على خمس مرات متتالية على أحسن هداف لبطولة الوطنية، وهذه أرقام لم يسجلها أي لاعب لحد ألان في فريق الشبيبة. ناصر بويش ونظرا لما كان يفعله بحراس المرمى، كونه كان يهز سباكهم بكل سهول كما يحلو له، كان هؤلاء يهابونه ويخشون مواجهته، فلا يوجد حراس مرمى وصمد أمامه حتى الحراس الكبار أمثال مهدي سرباح وياسين بن طلعة وكمال غفار وبشير سبع الكل هز شباكهم بعضهم بثلاثية والبعض الآخر بالرباعية. بويش والمنتخب الوطني بالرغم من تألقه الواضح مع فريق شبيبة القبائل الا ان ناصر بويش لم يتمكن من فرض مكانته مع المنتخب الوطني، فرغم الفرص العديدة التي أتيحت له الا انه لم يكن ذلك المهاجم الذي يحشاه الحراس في البطولة الوطنية مع فريقه الشبيبة، فكان نادرا ما يسجل الأهداف إلى درجة انه لق بلاعب فريق وليس بلاعب المنتخب. شارك ناصر بويش مع المنتخب الوطني في أربع نهائيات أممية، الأولى في كوت ديفوار عام 1984 و المشاركة الثانية كان بمصر عام 1986 وفيها أقصي المنتخب الوطني في الدور الأول، أما الدورة الثالثة التي شارك فيها بويش فكانت عام 1990 بالجزائر وهي الدورة التي حاز فيها المنتخب وبويش على ألكاس الأولى والأخيرة، قبل ذلك بأربع سنوات كان ناصر وبويش قد شارك في مونديال المكسيك عام 1986، لكنه لم يلعب أي لقاء. أما آخر دورة افريقية شارك فيها ناصر بويش مع المنتخب الوطني فكانت بالسنغال عام 1992، وهي الدورة التي سجل فيها منتخبنا الوطني مهزلة سميت بزيغنشور نسبة إلى المدينة التي لعب فيها منتخبنا الوطني منارتيه ضد كوت ديفوار الكونغو.، ليعتزل بعدها نصر بويش اللعب دوليا إلى جانب نخبة من اللاعبين الجزائريين الكبار أمثال ماجر وعماني ومغارية والحراس عصماني. من الشبيبة الى الخليج ثم فرنسا فالاعتزال بالمجر بعد نهاية موسم 1989/1990 قرر ناصر بويش مغادرة عش الكناري، ليحط رحله في بلد البترو دولار الخليج، حيث لعب لفريق العربي القطري، وهو نفس الفريق الذي لعب له بعد سنتين من بعد اللاعب رابح ماجر، ليفوز بلقب أحسن هداف للبطولة القطرية، كما نال كاس ولي العهد، وقد ساهم ناصر بويش إلى حد كبير في تتويج فريق العربي، الأمر الذي مكنه من لوج عالم الاحتراف بفرنسا، حيث أمضى في الموسم الموالي عقد احترافي من نادي ريد ستار، إلى جانب اليوغسلافي الشهير سوزيتش والدولي البلغاري روديونوف، وقد دام بقاء ناصر بويش في هذا الفريق ثلاث مواسم كاملة، توج مرتين متتاليتين بلقب أحسن هداف للفريق ومرة واحدة أحسن هداف للدوري الفرنسي للدرجة الثانية، لكن وكما يقال بقاء الحال من المحال، حيث قرر في موسم 1993/1994 شد رحله إلى أوروبا الشرقية، حيث لعب لأحد الفرق التابعة للعاصمة بودابست، لعلن في الموسم الموالي اعتزاله الرسمي لكرة القدم، وهو في عز عطائه رافضا العودة إلى الملاعب، بعد أن قضى أكثر من 20 سنة فوق المستطيل الاخير نال فيها كل شي. من الملاعب إلى الملاعب حتى وان اعتزل ناصر بويش كرة القدم منذ أكثر من عشر سنوات الا انه لا يزل يداعب الكرة في المقابلات الحبية والخيرية، والاعتزالية، أخرها مشاركته في اعتزال اللاعب التونسي زبر بيه، كما يشارك هذه الأيام في دورة داخل القاعة بمدينة مرسيليا بمشاركة نجوم كرة القدم لدى بلدان فرنسا واسبانيا لسنوات التسعينيات والثمانينيات.