بالرغم من إطلاق مبادرات متعدّدة للتهدئة في موريتانيا، ومن أبرزها الوساطة التي يقودها رئيس البرلمان مسعود ولد بولخير شهدت العاصمة نواكشوط وعدد من أبرز مدن البلاد خلال اليومين الماضيين أجواء متوتّرة على خلفية تصعيد نشاطات المعارضة الهادفة إلى إطاحة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. وحشد خصوم الرئيس في نواكشوط عشرات الآلاف من أنصارهم في مسيرة ضخمة، تلاها مهرجان اعتصامي للمطالبة بتنحّي الرئيس. وتخلّل الاعتصام عرض قدّمته المعارضة في ميدان ابن عباس، وسط نواكشوط، لشريط توثيقي يعرض معاناة الموريتانيين في ظلّ النّظام الحالي. وتضمّن الشريط مشاهد عكست معاناة المجموعات السكانية المهمّشة في أحياء الصفيح وأطفال الشوارع الذين يبحثون عن لقمة عيش وسط القمامة. وأبرز الشريط التوثيقي مظاهر فساد النّظام الحاكم، فضلاً عن عرض صور لنجل الرئيس الموريتاني بدر ولد عبد العزيز رافقتها تعليقات تقول إن الأخير أطلق النّار على إحدى الفتيات. وبالطبع، لم تغب عن الشريط مظاهر قمع المعارضين خلال مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين الشباب. وقال قياديون معارضون ل (الأخبار) إن ما وصفوه (بحشود الشعب الموريتاني) تعدّ (أكبر دليل على قرب رحيل النّظام)، داعين (الجماهير الشعبية إلى المثابرة على حضور نشاطات المعارضة وتكثيف المشاركة فيها). وقال زعيم تكتّل المعارضة أحمد ولد داداه الذي يشغل أيضا منصب رئيس حزب المعارضة الرئيسي في موريتانيا (تكتّل القوى الديموقراطية) إن (المعارضة ماضية في مسار التغيير، والعمل على رحيل النّظام). ووجّه ولد داداه رسائل حازمة إلى من وصفها ب (الجهات الدولية التي تحمي الرئيس ولد عبد العزيز)، قائلاً: (إن كانت هذه الجهات راضية عن ولد عبد العزيز فلتأخذه عندها، ولن نأسف عليه أو نطالبها بإرجاعه). وشجب ولد داده إهمال القوى الدولية المؤيدة للرئس المورتاني، ما يتّسم به حكمه من (انتشار الفساد والتبذير وسوء إدارة الحكم وتبديد المال العام). كذلك، اتهم ولد داداه النّظام الموريتاني بإدخال البلاد في ما وصفها بالحرب الإقليمية، بإيعاز من القوى الغربية، قائلاً: (إنه يرسل أبناء موريتانيا لمواجهة الموت، من دون معرفة أسباب هذه الحرب وأهدافها، ولا مصلحة البلاد من ورائها). وحذّر الزعيم الموريتاني المعارض من أن الحرب التي يخوضها النّظام الموريتاني بالوكالة عن فرنسا والقوى الغربية (تهدّد بإفساد العلاقات مع دول الجوار)، ورأى أن ذلك من شأنه (تفكيك وحدة الدولة وتعريض موريتانيا إلى وضع مشابه للوضع في مالي إذا استمرّت تصرفات النظام الحالية). من جهته، اعتبر رئيس موريتانيا السابق علي ولد محمد فال أنه في ظلّ النّظام الحالي (لا وجود للدولة الموريتانية بفعل اغتصاب عبد العزيز للسلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية)، ودعا المتظاهرين إلى (التمسّك بأهداف المعارضة المتعلقة بحماية الدولة الموريتانية وضمان مستقبلها). أمّا القيادي البرلماني اليساري محمد المصطفى ولد بدر الدين ونائب رئيس (حزب اتحاد قوى التقدم) فحمل بشدّة على (أذيال النّظام الحاكم)، مهدّدا من سمّاهم (سماسرة الفساد المؤيّدين لولد عبد العزيز) بكشف أسمائهم (إن لم يكفّوا عن نهب أموال الشعب الموريتاني). وحذّر ولد بدر الدين من أن (وضع البلاد بلغ درجة غير مسبوقة من الاحتقان والخطر).