اهتز المجتمع الجزائري خلال هذه السنة على وقع جرائم بشعة ارتكبت في حق أبرياء ذنبهم الوحيد هو تواجدهم في مواجهة أشخاص مدمنين على المخدرات، غاب عنهم وعيهم وحسهم الإنساني أمام صرخات ضحاياهم ولو كانوا الأقربين إليهم.. تشير إحصائيات مصالح الأمن والدرك الوطني إلى أن أغلب الجرائم البشعة المرتكبة خلال الآونة الأخيرة، كانت موقعة من طرف أشخاص مدمنين على المخدرات، بحيث لم يفرقوا ما بين غريب أو قريب لهم أو صغير أو كبير، وما بين ابن لهم أو أحد الوالدين، بل إن الأهل والأقرباء المحيطين بهؤلاء المدمنين على المخدرات كانوا أكثر المعرضين إلى هذه الجرائم البشعة من طرف هذه الفئة، بهدف السرقة والحصول على المال، أو في حالة إصابتهم بهستيريا ما بعد تعاطي المخدر الذي يؤثر بشكل خطير على الأعصاب ويفقدهم قدرة التركيز والتفرقة بين الخير والشر.. أطفال يُغتصبون.. وأبناء وآباء يتعرضون للنحر.. واقعة تعرض رضيع ذو خمسة أشهر هو ووالدته خلال الشهر الماضي للقتل لن تختفي بسهولة من أذهان الوهرانيين بل كل الجزائريين الذي سمعوا بها وطالعوها عبر الصحف، خاصة أنها ارتكبت من طرف أقرب الأشخاص إليهم وهو الأب الذي لم يتم شفاؤه من الإدمان على المخدرات أو أنه لم يتوقف على تعاطيها فكانت سببا لتعرضه للهستيريا وعدم قدرته السيطرة على عقله فكانت المجزرة التي لم يستطع باقي أفراد العائلة أن يتفطنوا لها إلا بعد فوات الأوان.. ولا تعد ولا تحصى عدد حالات الضرب والتعدي على الأصول من طرف أبنائهم المدمنين بهدف الحصول على المال لشراء المخدرات وتعاطيها بعيدا عن الأعين، وكثيرا ما وصلت هذه الاعتداءات إلى مصالح الشرطة ومن ثمة أروقة المحاكم، يكون فيها الضحايا أكثر ندما من المعتدي لأنهم لم يتفطنوا لهذه النتائج الخطيرة التي وجدوا أنفسهم غارقين فيها.. للحد من العرض والطلب على المخدرات كما انتشرت في المدة الأخيرة وبشكل خطير جدا، ظاهرة اختطاف الأطفال من أجل الاغتصاب وأغلبية المعتدين يكونون تحت تأثير المدخر، وبالتالي فهم لا يكتفون بالاعتداء بل يلجأون إلى إخفاء جريمتهم عن طريق ذبح الضحية وإلقائه في أي حفرة أو بئر وهذا ما وقع مع أغلب الأطفال الذين تعرضوا للاختطاف .. مافيا المخدرات تحاول إغراق الجزائر في السموم لا يزال مسلسل تهريب المخدرات يصنع الحدث بالجزائر خاصة على الحدود الغربية، وكانت ولاية تلمسان على موعد مع عملية كبيرة خلال بداية هذا الشهر من خلال حجز أكثر من 80 قنطارا من المخدرات بمنطقتي باب العسة وماقورة الحدوديتين مع المملكة المغربية، حيث استطاعت مصالح الجمارك من حجز كميات كبيرة من القنب الهندي تجاوزت 22 قنطارا كانت بصدد التهريب نحو ولاية وهران حسب ما كشف عنه مصدر عليم من المديرية الجهوية للجمارك بولاية تلمسان، وقد جاءت هذه العملية الهامة حسب نفس المصدر بناء على معلومات تفيد بمحاولة تهريب مخدرات على مستوى الطريق الوطني الرابط بين تلمسان ودائرة مغنية الحدودية، وقد تم تجنيد كافة الإمكانيات الضرورية حيث وبعد مرور أكثر من خمس ساعات لاحظ أعوان الجمارك سيارة من نوع تويوتا رفض صاحبها التوقف لدى الحاجز، وبعد مطاردة هوليودية استمرت لنحو ساعتين من الزمن تم حجز المركبة في أحد الوديان قرب التراب المغربي وهذا بعد أن تمكن سائق المركبة من الفرار نحو المملكة المغربية مستغلا التضاريس الصعبة التي تعرفها المنطقة، وتبين أن المركبة مزورة الوثائق حيث لا يزال التحقيق جاريا لكشف خيوط العملية. وعرفت ظاهرة تهريب الكيف المعالج تناميا كبيرا خلال الأشهر الخمسة الماضية من السنة الجارية، فقد أحبطت مختلف المصالح الأمنية أكثر من 300 قنطار من الكيف المعالج غالبيتها على مستوى النقاط الحدودية كالغزوات، مغنية، باب العسة، مرسى ابن مهيدي، العابد وماقورة وهي الكميات التي تبقى لا تمثل سوى خمسة بالمائة من الكميات المهربة نحو الولايات الداخلية، ومن ثمة باتجاه الدول الأوربية حسب ما كشف عنه مصدر عليم، إذ أكد أن المهربين استطاعوا خلال هذه السنة أن يمرروا أضعاف الكمية المحجوزة من المخدرات وهو ما يتطلب إستراتيجية جديدة للتضييق على مافيا الحدود التي أصبحت تعتمد في نشاطها على كافة الأمور للإفلات من الرقابة المحكمة واللصيقة. وقد كشف رئيس المجموعة الولائية للدرك الوطني بولاية تلمسان أن المهربين أصبحوا يجلبون مخدرات ذو نوعية جيدة يتراوح سعرها في السوق الوطنية بأكثر من 60 مليون سنتيم، في حين تصل في مختلف الدول الأوربية والخليجية إلى 80 مليون سنتيم مما يؤكد أن هناك عصابات منظمة تسعى إلى إغراق السوق بالكيف المعالج. وكشفت دراسة تحليلية لقيادة الدرك الوطني، أن نشاط شبكات تهريب المخدرات تضاعف السنة الجارية، وأن المحجوزات زادت بسبع مرات مقارنة بالعام الماضي، ما يعني أن الجزائر في شبه حرب مع هذا النوع من المافيا التي زاد نشاطها بعد تدهور أوضاع الساحل، وتعكس الإحصائيات المستقاة من قيادة المجموعة الجهوية الثانية للدرك الوطني الكائن مقرها بوهران تفاقم وتضاعف تهريب القنب الهندي بأزيد من 7 مرات في ظرف الأشهر الأربعة الأولى من هذه السنة بالمقارنة بنفس الفترة من سنة 2011، وتعادل حصيلة محجوزات القنب الهندي بغرب الوطن خلال الأشهر الأولى من 2012 الحصيلة السنوية والوطنية من محجوزات هذه المادة بالجزائر سنة 2010. فيما أكد ناصر عامر متصرف إداري بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات أن سياسية مكافحة المخدرات لا يمكن أن تؤدي إلى نتائج محسوسة ما لم يكن مترافقا مع سياسية وقائية شاملة، ويندرج ذلك في إطار برنامج عمل الديوان بالشراكة مع مختلف القطاعات الوزارية وجمعيات المجتمع المدني. انتشار المخدرات يهدد المجتمعات العربية حذر فيصل لائق حجازي، مسئول البرامج بالمكتب الإقليمي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة من أن (المنطقة العربية تقع الآن تحت تهديد عال جدا من المخدرات المختلفة) بسبب التدفق القوي لمختلف أنواع المخدرات على دول الخليج والأردن وسوريا والسعودية مثل الهيروين من إيران وأفغانستان وجنوب شرق آسيا أو مادة (الكابتاغون) من شرق أوروبا، حيث يرى الخبير حجازي أن الشباب السعودي يعاني بالخصوص من إدمان الكابتاغون. في الدول العربية يختلف انتشار المخدرات كما ونوعا من بلد إلى آخر، ففي الوقت الذي تعتبر فيه منطقة الخليج أكبر منطقة للإدمان على الهيروين والأفيامينات المعروفة بالكابتاغون، تعاني مصر من الإدمان على الهيروين والكوكايين والحشيش الذي يأتي من المغرب والبقاع اللبناني أو أيضا من السودان حديثا، خصوصا وأن كثافة المادة المخدرة للحشيش في العالم العربي ارتفعت خلال الأعوام الأخيرة بعشرة أضعاف. أسباب متشابهة.. ونتائج وخيمة حول الأسباب المؤدية إلى التعاطي المتنامي للمخدرات لدى الشباب في عدد من الدول العربية مثل دول الخليج يشير الخبير(فيصل الحجازي) إلى أنها تعكس نفس الأسباب المعترف بها دوليا مثل الفراغ والبطالة وعدم وعي الشباب بأضرار المخدرات وعدم اقتناع الشباب بوجود قيم في المبادئ والدين أوانجرافهم السريع إلى المخدرات. ويبدو أن مستهلكي المخدرات في أستراليا و نيوزيلندا يفضلون مخدرات القنب أو الحشيش على غيرها من المخدرات الأفيونية، كما يؤكد الباحثات الأستراليان اعتمادا على أرقام بيانية للأمم المتحدة. في حين يزداد الطلب في منطقة الشرق الأوسط على المخدرات الأفيونية مثل الكوكايين والهيروين والتي تشكل خطرا على الصحة، حيث أن 25 بالمائة من مستهلكيها ينتقلون إلى مرحلة الإدمان، وربما إلى مخاطر الجرعات الزائدة المؤدية أحيانا إلى الموت. يضاف إلى ذلك انتقال محتمل لأمراض معدية خطيرة إلى المستهلك مثل الإيدز. ويعتقد الخبير حجازي أن (عصابات المخدرات تستغل في العالم العربي خصوصا في منطقة الخليج وجود إمكانيات مادية لترويج الأمفيتامينات والهيروين والحشيش بسبب البطالة، إضافة إلى بوادر وجود انحلال في الروابط الأسرية العربية، خصوصا في منطقة الخليج).