يعاني قاطنو السكنات الاجتماعية الجديدة (كوسيدار) ببلدية مفتاح من أزمة تراكم النفايات والأوساخ بطريقة عشوائية والتي تتوزع على أركان الحي، الأمر الذي تسبب في انتشار مختلف الحشرات المؤذية على غرار البعوض، مما حوّل حياة هؤلاء المرحلين من أحياء تيلملي إلى جحيم بمعنى الكلمة، حيث أبدى هؤلاء استياءَهم الشديد من تلك الوضعية المتردية، ولم تنته المعاناة عند هذا الحد بل يضاف إليها عدة نقائص نغصت عليهم راحتهم بالرغم من أن الحي حديث النشأة إلا أنه يفتقر إلى أدنى الضروريات على غرار الغاز الطبيعي والماء لدى بعض القاطنين. وما زاد أمورهم تعقيدا هو ظاهرة السطو على المنازل في وضح النهار في ظل انعدام الأمن مما زرع الرعب والخوف وسط السكان الجدد، لاسيما بعدما تعرضت أربع شقق خلال أسبوع إلى السرقة بعد خروج أصحابها، ورغم رفع عدة شكاوي وعدة بلاغات على مستوى مركز الشرطة إلا أن اقتحام الشقق لايزال متواصلا دون أن يضع لهؤلاء المنحرفين حدا. ولدى تلقينا اتصالا من بعض المواطنين القاطنين بالحي تنقلنا للاستفسار عن أسباب تراكم الوضعية لتصل إلى ما هي عليه، فلاحظنا أن الحي يعيش في أزمة النفايات المتراكمة التي انجرت عن الرمي المستمر والعشوائي لها خصوصا أن الأوساخ واحتياجات الإنسان للرمي تزداد في فصل الصيف مع أجواء الأعراس واستغلال العطل الصيفية للقيام بأشغال البيت، وهذا ما ينجر عنه زيادة الأوساخ والنفايات، ولكن ما أحدث الإشكال في الحي هو تماطل السلطات البلدية والمصالح المكلفة في تنظيف الأحياء والعمل على رفعها بطريقة مستمرة مما انجر عنه تراكمها وتكدسها في الحي، وهذا ما جعل الحي يعاني من تلك المناظر التي تشمئز لها الأنفس والأبدان، إلى جانب انتشار الروائح الكريهة التي تعيق المارين أمامها. ولدى وصولنا نقلنا شكاوي المواطنين الذين أبدوا في حديثهم معنا استياءهم وتذمرهم الشديدين من تماطل السلطات المعنية في قيامها بمهامها في تنظيف الأحياء، وأعربوا عن غضبهم إزاء مثل هذه السلوكات غير الأخلاقية التي تغيب في المجتمعات المتحضرة، والذي أصبح عادة يقوم بها الكبير والصغير في كل وقت ودون حرج مما أدى إلى تفاقم هذه الوضعية، التي أصبحت تنغص عليهم العيش نظرا للروائح الكريهة المنبعثة منها. وقد أرجع بعض المواطنين سبب انتشار النفايات إلى غياب ثقافة التمدن وروح التحضر لدى هؤلاء القاطنين، إضافة إلى عدم وجود حاويات لوضع القمامات بداخلها مما جعل بعض المواطنين يتعمدون رميها بمحاذاة الأحياء، ناهيك عن عدم احترامهم لمواقيت إخراج أكياس القمامة، مما يصعب المهمة على عمال النظافة الذين يقومون بجمع النفايات خلال الفترة الصباحية، لكن غياب الوعي لديهم يجعلهم يتجاوزون تلك المواقيت، كما أجمع أغلب الذين التقيناهم أن السلطات بدورها تتهاون في رفع النفايات المتراكمة رغم أن الحي جديد العهد لم يمر على استقرار قاطنيه مدة ثلاث سنوات، إلا أنه تحوّل إلى مفرغة حقيقية جلبت معها مختلف الحشرات المؤذية والحيوانات الضالة على غرار الكلاب والقطط، وهو الأمر الذي جعل المحيط في حي كوسيدار يشهد أقصى درجات التلوث والإهمال، خاصة وأن تلك القمامات يتم حرقها من طرف البعض في مكانها، لتتفاقم بذلك الأضرار وتزداد المعاناة جراء الدخان المنبعث منها مما يضطر العائلات إلى غلق نوافذها في ظل الحرارة المرتفعة. وفي السياق ذاته أكدت بعض العائلات تعرض معظم أطفال الحي إلى أمراض مختلفة على غرار الحساسية والطفح الجلدي نتيجة الانتشار المذهل للأوساخ التي تحاصرهم من كل زاوية. ومن جهة أخرى أكد أحد القاطنين في حديثه أن الظاهرة تعود إلى غياب التربية والحس المدني الذي يؤدي بالمواطنين إلى رمي الفضلات المنزلية بين أزقة الأحياء، وكذلك في عدم احترامهم لأوقات مرور عمال النظافة. وأضاف هؤلاء المواطنون أن عمال النظافة يسهرون على إبقاء المحيط نظيفا، ويقومون بجمع القمامات وإفراغ المزابل، إن وجدت، ولكن عدم مبالاة المواطنين يجعل هذه الوضعية تعود إلى سابق عهدها وكأن شيئا لم يحدث. وأمام هذه الأوضاع المزرية التي آل إليها حي كوسيدار، يناشد السكان الجهات الوصية إعادة النظر في المشكل وإيجاد حلول لهذه الظاهرة في القريب العاجل قبل وقوع كارثة صحية وبيئية لا يحمد عقباها، كما رفع هؤلاء استغاثتهم للسلطات المحلية بإنشاء مركز أمن بالحي الجديد الذي يشهد منذ ترحيلهم إلى حي كوسيدار قادمين من الجزائر الوسطى اعتداءات على ممتلكات المواطنين في عز النهار دون أن تتدخل أي جهة لقمع هؤلاء المجرمين المنتشرين عبر الحي والذين يتحينون الفرص لاقتحام المنازل بهدف السرقة. وفي السياق ذاته أبدت بعض العائلات تخوفها من الخروج حتى في النهار لاسيما بعد الاعتداءات المتتالية التي شهدها الحي بالخصوص على أبنائهم، وحسبهم أنهم ضاقوا ذرعا من هذه الوضعية المزرية التي يعيشونها منذ ترحيلهم، لذا جددوا مناشدتهم للمسؤولين التدخل العاجل لإيجاد حلول عاجلة ترفع عنهم الغبن وهاجس الخوف والقلق.