جاء فوز منتخب إسبانيا بلقب النّسخة الرّابعة عشر لكأس الأمم الأوروبية تاريخيا بكلّ ما في الكلمة من معنى، وأدخل نجوم الجيل الحالي للكرة الإسبانية التاريخ من البوابة الملكية. الفوز الرّباعي الكاسح الذي حقّقه أبناء المدرّب الكبير فيسنتي ديل بوسكي على المنتخب الإيطالي في المباراة النّهائية التي استضافها الملعب الأولمبي في العاصمة الأوكرانية كييف أكّد قيمة هذا الجيل الذي وضع بلاده في مكانها الملائم بين عمالقة الكرة في أوربا والعالم. الانتصار التاريخي الذي حقّقه لاروخا صاحبته حزمة من الأرقام القياسية المذهلة، إليكم البعض منها: * حقّق المنتخب الإسباني أكبر فوز في تاريخ المباراة النّهائية وحطّم الرّقم القياسي المسجّل باسم ألمانياالغربية في نهائي نسخة 1972 عندما هزم الاتحاد السوفياتي (3- 0). * 12 مباراة في النّهائيات الأوروبية بلا أيّ خسارة في النّسختين الماضية والحالية، يضاف إليها 17 مباراة في تصفيات النّسختين منذ الخسارة أمام السويد (0 - 2) في الجولة الثالثة بالمجموعة السادسة بتصفيات نسخة 2008 تجعل المنتخب الإسباني يحلّق بعيدا في سماء أرقام القياسية غير المسبوقة. * أوّل منتخب أوروبي يتمكّن من الحفاظ على اللّقب مرتين متتاليتين منذ انطلاق البطولة على الأراضي الفرنسية عام 1960. * أحرز لقبه الأوروبي الثالث وعادل الرّقم القياسي على صعيد إحراز اللّقب المسجّل باسم المنتخب الألماني. * رغم تساويه في رصيد 3 أهداف مع الرّباعي ماريو غوميز (ألمانيا) وماريو بالوتيلي (إيطاليا) وكريستيانو رونالدو (البرتغال) وماريو ماندزوكيتش 0كرواتيا) وآلان دزاجويف (روسيا) منحت اللّجنة المنظّمة لقب هدّاف البطولة لمهاجم تشيلسي الإنجليزي فرنادو توريس الذي أحرز نفس الرّصيد ليحافظ على اللّقب الذي أحرزه مواطنه دافيد فيّا في النّسخة الماضية. * أصبح الفتى الذهبي فرنادو توريس أوّل لاعب أوروبي ينجح في التسجيل في النّهائي مرّتين بعد أن سجّل هدف الفوز على ألمانيا في نهائي النّسخة الماضية، ثمّ عاد وسجّل هدف بلاده الثالث في مرمى بوفون خلال النّسخة الحالية. * أصبح المنتخب الإسباني ثالث منتخب يتمكّن من إحراز الكأس القارّية بعد فوزه بكأس العالم بعد نظيره الفرنسي الذي أحرز لقب كأس العالم على أرضه عام 1998، ثمّ توّج بلقبه الأوروبي الثاني على حساب إيطاليا في بلجيكا وهولندا 2000 والمنتخب البرازيلي الذي أحرز لقب كأس العالم في كوريا واليابان 2002، ثمّ أضاف له لقب (كوبا أمريكا) في البيرو 2004. * دخل العملاق إيكر كاسياس تاريخ حرّاس المرمى في أوروبا والعالم بعد أن حافظ على شباكه نظيفة لمدّة 510 دقيقة متتالية خلال هذه النّسخة، حيث تلقّى هدفا من الإيطالي أنطونيو دي ناتالي في الدقيقة ال 60 من عمر المباراة الأولى في الدور الأوّل، ثمّ تصدّى لكلّ محاولات نجوم إيرلندا وكرواتيا في الدور الأوّل وفرنسا والبرتغال (120 دقيقة) وإيطاليا في دور الثمانية وقبل النّهائي والنّهائي وتمكّن من الحفاظ على لقب أفضل حارس مرمى في البطولة ليكون الحارس الثاني في تاريخ البطولة الذي يحقّق هذا الإنجاز مرّتين متتاليتين بعد الأسطورة السوفياتية ليف ياشين. التتويج في عيون الصحافة الإيطالية والإسبانية الصحافة الإسبانية: "هل من منافس؟" (تاريخية)، (إسبانيا تحقّق التتويج الثلاثي)، (دخلت الأسطورة)، (ما لم يحقّقه أحد)، هي بعض العبارات الواردة في الصحافة الإسبانية التي أبدت حماسة كبرى لفوز (لا روخا) بكأس أوروبا 2012 على حساب إيطاليا (4-صفر). (تاريخية، ثلاثية أسطورية: كأس أوروبا 2008، كأس العالم 2010 وكأس أوروبا 2012)، كتبت الصحيفة الرياضية (موندو ديبورتيفو) على صفحتها الأولى. ولم تتردّد (ماركا) في كتابة: (إسبانيا ولا أحد غيرها - لا روخا تظهر أنها أفضل منتخب في كل العصور)، مثلها مثل صحيفة (أس) التي كتبت على صفحتها الأولى (المنتخب الأفضل في التاريخ). وكما العديد من الصحف اليومية، كتبت (ال بايس) على صفحتها الأولى: (حقّقت إسبانيا التتويج الثلاثي.. الفوز بكأس أوروبا أدخل المنتخب في الأسطورة). وذهبت (أل موندو) أبعد في القول إن إسبانيا حقّقت (ما لم يحقّقه احد أبدا)، بينما عنونت (أي بي سي) (إسبانيا لا تقهر). وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها: (تقدّم نجاحات المنتخب الإسباني راحة غير مباشرة في مواجهة النتائج المدمّرة للرّكود والبطالة اللذين يعاني منهما المجتمع الإسباني)، وتابعت أنه (لا يمكن الاستعاضة بكرة القدم عن إدارة سياسية سليمة أو رخاء اقتصادي، لكن يمكنها أن تعطي جرعة من الثقة في الأوقات الصعبة). الصحف الإيطالية: "إيطاليا، شكرا على كلّ حال" حيّت الصحف الإيطالية منتخب بلادها لكرة القدم على الرغم من الخسارة المذلّة أمام إسبانيا حاملة اللّقب وبطلة العالم (0-4) في نهائي كأس أوروبا في كييف. وكتبت صحيفة (لا ريبوبليكا) على موقعها الالكتروني: (يطاليا، شكرا على كلّ حال)، مشيدة بدخول (إسبانيا التاريخ) بإحرازها الثلاثية التاريخية (كأس أوروبا-كأس العالم-كأس أوروبا). وأجمعت المواقع الالكترونية للصحف الإسبانية على أن (كبار إسبانيا) تغلّبوا على منتخب إيطالي وصل (منهكا) إلى المباراة النّهائية. وعنونت صحيفة (لا غازيتا ديلو سبورت) مقالها (كبار إسبانيا)، مشيرة إلى أن إيطاليا وصلت متعبة إلى المباراة النّهائية وفشلت أمام (القوّة الفنّية والبدنية للمنتخب الإيبري). أمّا صحيفة (كورييري ديللو سبورت) فقالت: (إيطاليا، نهاية الحلم)، مذكّرة بأن المنتخب الإيطالي (إكمل المباراة بعشرة لاعبين إثر إصابة تياغو موتا واستنفاذ المدرّب تشيزاري برانديلي للتبديلات القانونية الثلاثة). عقب نهاية اللّقاء صدمة واكتئاب في ساحات "النّصر" في روما غادر مشجّعو إيطاليا والكآبة على وجوههم ساحة مكسيموس القديمة في روما قبل أن تسجّل أربع شاشات عملاقة نهاية الهزيمة الثقيلة (4 - صفر) أمام إسبانيا. وقال كلاوديو مارانيوني (28 عاما) وهو عامل نقل من روما رسم على وجنتيه علم إيطاليا: (إنها كارثة.. انتهى الحلم. لم يتوقّع أحد أن نتأهّل إلى النّهائي، لكن الخسارة بهذه الطريقة أمر مذلّ). واحتشد عشرات الآلاف من المشجّعين وهو يلوّحون بأعلام إيطاليا في ساحة مكسيموس التي شهدت احتفالات صاخبة بعد فوز إيطاليا (2-1) على ألمانيا في الدور قبل النّهائي الخميس. لكن الإثارة تحوّلت سريعا إلى أجواء كئيبة بحلول نهاية الشوط الأوّل في ظلّ معاناة إيطاليا في مجاراة المنتخب الإسباني الرّائع الذي كان متقدّما بالفعل بهدفين. وقال جيانلوكا ماليلي عاكسا شعور العديد من المشجّعين الذين فوجئوا بعدم قدرة المنتخب الإيطالي على العودة إلى اللّقاء: (لم نلعب اليوم.. لم تكن هناك مباراة). وتبخّر أيّ أمل في انتفاضة للإيطاليين في الشوط الثاني عقب إصابة تياغو موتا الذي غادر الملعب في الدقيقة ال 60 بعد أن أجرى المدرّب شيزاري برانديللي التغييرات الثلاثة لتلعب إيطاليا بعشرة لاعبين. وكان مرور إيطاليا إلى النّهائي غير متوقع، لكن الفوز على ألمانيا الذي ألهمه أداء المهاجم ماريو بالوتيللي جعل المشجّعين مفعمين بالثقة. وقال ماريو مونتي رئيس الوزراء الإيطالي الذي حضر المباراة في كييف إنه وجّه التهنئة للفريق وأكّد أنه جعل إيطاليا تشعر بالفخر. وأضاف مونتي في تصريحات تلفزيونية: (يشعرون بالاكتئاب قليلا، لكن هذا يحدث في حياة الأشخاص والفرق الكبيرة والدول، لكن الإيطاليين يملكون القدرة على تجاوز اللّحظات الصعبة). وفي إيطاليا كانت المشاهد متناقضة تماما مع مظاهر الاحتفالات الخميس عندما اكتظّت الشوارع بالمشجّعين وأطلقت السيّارات أبواقها بعد الفوز على ألمانيا.