طالب علماء بالأزهر ونقابة الأئمة والدعاة بفتح تحقيق مع صاحب فتوى أباحت العودة لزواج (مُلك اليمين) بذريعة أنها (تمثل إحياءً للسنة النبوية؟!)، على حد زعمه. واعتبر العلماء الفتوى التي تجيز عودة ملك اليمين، دعوة لنشر الرذيلة ووصفوها ب(اجتهاد فاسد)، فيما رأوا أن السماح بإذاعتها على مسامع المواطنين العوام تقتضي فتح تحقيق في الأمر من جانب النائب العام، حيث عرضها وائل الإبراشي في حلقة مثيرة للتشكيك في الإسلام. وكان عبد الرؤوف عون المطرود من السعودية قد دعا، في مقابلة مع قناة دريم المصرية، إلى العودة إلى ما أسماه (زواج مُلك اليمين)، معتبرًا أن الشرع يحلَّه، وقال: إنه شخصيًا تزوّج بهذه الطريقة. ورأى أن الزواج في تلك الحالة ينعقد بأن تقول المرأة: ملَّكتك نفسي، فيرد الزوج: وأنا قبلت وكاتبتك على سورة الإخلاص، وفي حال رغبتْ المرأة في تطليق نفسها فعليها تلاوة سورة الإخلاص، فتكون بذلك في حلٍّ من تلك الزيجة، بحسب زعمه. وقال علماء أزهريون، في بيان: إن ما قاله عون يوقع الناس في إشاعة الفاحشة، وطالبوا شيخ الأزهر بتوضيح مفهوم الزواج بملك اليمين لمنع إثارة الفتنة والتطاول على شرع الله بدون علم وإباحة الزنا ونشره في المجتمع. وأكد البيان أن الزواج بملك اليمين له شروط لا تنطبق علينا الآن، وليس في زماننا؛ لأنه لا توجد سبايا وإماء أو عبيد في زماننا اليوم، مؤكدين أن هذا الزواج لا يجوز إلا بالسبي في الحروب بين الكفار والمسلمين وتكون دفاعاً عن الأرض والعرض والمال على أكثر أقوال الفقهاء. وشدد علماء الأزهر على أن الزواج بمُلك اليمين له مَواطن وأزمان قد أباحها الإسلام للضرورة القصوى، كما لا يجوز زواج الحر بالأَمَة إلا بشرطين: أولهما عدم القدرة على نكاح الحرة، وثانيهما خوف العنت وهو الوقوع في الخطأ. من جانبه، قال الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء: إن الفتوى تفتح باب الزنا السافر وإباحة ما حرّمه الله، وكل من يتبع تلك الفتوى وجب عليه الحد بالرجم إذا كان محصَّنًا أو الجلد إذا كان غير محصن. وأضاف في تصريح: إن المراد بمُلك اليمين أمور كانت موجودة في ذلك الزمان، باعتبار الأسيرات مُلك يمين، فلا زواج يمين ولا مُلك يمين إلا في الحالات التي كانت أيام المسلمين الأوائل وغيرهم. وأشار إلى أنه حتى في حال نشوب حروب اليوم بين المسلمين وغيرهم؛ فإن الإسلام لا يعتبر أسيرات الحروب مُلك يمين، بسبب وجود قوانين تم تشريعُها وسنها أجمع عليها علماء المسلمين بأنهن أسيرات، ولسن مُلك يمين. من جهته، أكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن زواج (مُلك اليمين لا يسمى زواجا على الإطلاق؛ لفقده الأركان والشروط الواجبة في الزواج، وإنما هو حالة من أحوال النكاح خاصة بنظام الرق والعبودية قضى عليها الإسلام بالتدريج في التشريع، والحديث عنه في هذه الأيام هو ردة وعودة إلى الجاهلية، ودعوة إلى العلاقات الجنسية الآثمة والمحرمة. ووصف الشيخ علي عبد الباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في بيان له أن هذه الحالة تشكل إحدى صور الاستعباد، والإسلام عمل على التخلص من كافة صورها وذلك من خلال فرض عتق رقبة في كل الكفارات، وكذلك صدرت القوانين الدولية والمواثيق بتحريم الاسترقاق وتقييد حرية الإنسان؛ فانتهى بهذا مُلك اليمين، وأصبح غير موجود بلا رجعة. وكانت قد أثيرت في بعض وسائل الإعلام قبل يومين آراء تبيح زواج (مُلك اليمين) أي الإماء والجواري كما كان الأمر في الجاهلية والعصور الإسلامية الأولى، وتعتبره (زواجا جائزا).