تخرجت عبير شاهين في الجامعة الأمريكية بالقاهرة إلا أنها بذلت جهدا مضنيا بحثا عن وظيفة بعد نفور أصحاب العمل من النقاب الذي ترتديه. لكنها عثرت أخيرا على ضالتها المنشودة فيما تأمل أن تغير فرصة عملها الجديدة هذه - مرة واحدة وإلى الابد- من النظرة التي يتعامل بها المجتمع المصري مع المنتقبات.. قررت عبير أن تعمل مذيعة في قناة تلفزيونية جديدة يقتصر العمل بها على المنتقبات. وقالت عبير التي كانت ترتدي ثوبا أسود فضفاضا وغطاء رأس أسود لا يكشف سوى عن عينيها (من الظلم التعامل مع المنتقبات بوصفهن مجرد ربات بيوت عاديات متدينات. كلا يمكنهن العملُ كطبيبات وأستاذات جامعيات ومهندسات). وأضافت (قيل لي إن المذيعات المنتقبات لن ينجحن بسبب غياب لغة الجسد. حسناً يمكن لنبرة صوتي أن تنقل انفعالاتي وردود أفعالي). وفي عصر يشهد انطلاق مزيد من الحريات الجديدة في مصر بعد حقبة الرئيس السابق حسني مبارك فإن المنتقبات اللائي طالما كابدن الاضطهاد على الصعيدين الاجتماعي والسياسي يراودهن الأمل الآن في أن يتبوأن مكانة جديدة في المجتمع. ورغم أن مصر بلدٌ محافظ إلى درجة كبيرة يغلب المسلمون على سكانه، سردت المنتقبات روايات عن تعرضهن للتمييز في سوق العمل والتعليم وميادين أخرى. ووردت عدة أمثلة بلغت إلى حد منع بعضهن من حضور الامتحانات بالجامعة. وأعربت عبير عن أملها في أن تقنع القناة الجديدة التي انطلقت الجمعة مع بداية شهر رمضان الناس (بأن هناك نساء ناجحات من المنتقبات). واتخذت قناة (ماريا) التلفزيونية مقرا لها في شقة صغيرة بحي العباسية وسميت بهذا الاسم تيمنا بماريا القبطية زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وجلست ثلاث منتقبات في قاعة استقبال في وقت سابق من هذا الأسوع انتظارا لتقديم طلبات التعيين في القناة فيما تتلقى منتقبات أخريات دورات تدريبية في الإعلام المرئي قبيل انطلاق البث. ومنذ الإطاحة بمبارك من السلطة العام الماضي برز الإسلاميون في قلب المشهد السياسي والحكومي رغم أن مؤسسي قناة (ماريا) يقولون إنهم لا يمتون بأي صلة لهذه القناة التي بدأ التخطيط لانطلاقها عام 2008. وتبث (ماريا) برامجها لمدة ست ساعات يوميا على قناة الأمة وهي محطة تلفزيونية إسلامية يديرها سلفيون ممن ظهروا كقوة سياسية على الساحة بعد عزل مبارك. وقالت عبير (إني على يقين من أنها ستتعرض للهجوم.. سيقولون: لماذا لم يفكروا في إطلاق محطة إذاعية بدلا منها؟) وأضافت (يرقى هذا إلى كونه إقصاءً لقطاع من المجتمع لا يجوز استبعادُه).