حين يسمع المرء فتوى مثل تلك التي صدرت قبل أيام بالسعودية حول تحريم رفع الأسعار في شهر رمضان الكريم يشعر ببعض الارتياح وكثير من الاستياء، ارتياح مرده اهتمام كبار العلماء بشؤون عامة المسلمين، من بعد أن أغرقنا بعض الذين يوصفون بالعلماء في فتاوى إرضاع الكبير وما شابهها، واستياء سببه التفاوت الكبير بين ما يدعو إليه كبار العلماء والقانون الذي يفرضه بعض التجار من صغار النفوس خلال هذا الشهر الكريم الذي تُصفد فيه شياطين الجن، وتبقى شياطين الإنس عابثة إلى حين.. وإذا حملنا فتوى تحريم الزيادة في الأسعار خلال رمضان إلى أسواقنا، عبر مختلف مدن الجزائر، لشعرنا بكل تأكيد أن عددا كبيرا جدا من تجارنا يفعلون الحرام جهارا في رمضان، ذلك أن عددا كبيرا من التجار، ولا نقول الجميع، يسارعون إلى رفع الأسعار، مثلما يسارع المؤمنون إلى التوبة لله في هذا الشهر الفضيل! ولا شك أن التجار يعرفون أن التطفيف في الميزان حرام، والكذب من أجل البيع حرام، والمضاربة في السلع حرام، وعليهم الآن أن يعرفوا أيضا أن رفع الأسعار مع حلول شهر رمضان حرام، عسى أن يردعهم ذلك عن القيام بهذه الخطيئة الكبيرة.. قد يكون من الصعب جدا إقناع التجار بخفض الأسعار في رمضان رحمة بالمستهلكين الذين يتوسلون لبعض الباعة من أجل بضعة دنانير في بعض الأحيان، ولذلك فإن أقصى ما يمكن أن يأمله المستهلكون هو أن لا يرفع التجار أسعار ما يبيعون في هذا الشهر الاستثنائي، وهو مطلب ملايين الجزائريين الذين لا تكفيهم ميزانيتهم، مهما رصدوا لها من أموال، للوفاء بمتطلبات "تجار رمضان" المطالبين بأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبهم صاحب الحساب الأكبر في يوم الحساب العسير..