منذ أن بعث الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وفرض عليه الفرائض، ومنها الصيام الذي قال فيه (وأن تصوموا خير لكم) أثبت العلماء في العصر الحديث بعد اكتشافات عدة السر الرباني في تلك الآية، حيث أجريت الدراسات والأبحاث العلمية الدقيقة في جسم الإنسان ووظائفه الفسيولوجية التي أكددت أن الصيام ظاهرة طبيعية يجب علي الإنسان أن يقوم بها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة عالية. وأكد العلماء أن الصيام مهم جدا لصحة الإنسان مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا)، حيث أن المعدة تحتاج إلى قسط من الوقت لتستريح من عملية الهضم طوال العام لكي تستعيد حيويتها ونشاطها من جديد، فلما يصوم الإنسان تبدأ المعدة إعادة هذه الحيوية. وكما جاء في الحديث النبوي أن الصيام من أفضل الأعمال إلى الله وأنه عمل لا مثيل له، حيث أنه يكون بين العبد وربه كما روي النسائي عن أبي أمامه قلت يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال (ص): (عليك بالصوم فإنه لا مثيل له). ويرجع السبب في أهمية الصيام لجسم الإنسان إلى أنه يساعده على القيام بعملية الهدم التي يتخلص فيها الخلاية القديمة والزائدة عن حاجاته. ويقول العلماء إن نظام الصيام المتبع في الدين الإسلامي والذي يشتمل على الأقل على 14 ساعة من الجوع والعطش ثم بضع ساعات إفطار هو النظام المثالي لتنشيط عمليتي الهدم والبناء، وهذا عكس ما كان يتصوره البعض من أن الصيام يؤدي إلى الهزال وضعف الجسم، لكن بشرط أن يكون الصيام بمعدل معقول كما جاء في الإسلام. ويقول الأستاذ (توم برنز) من المدرسة الكولومبية للصحافة (إنني أعتبر الصيام تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف تخلص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن من جديد حيث يساعد على الرؤية بوضوح أكبر وكذلك يساعد على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر). ويضيف برنز (أنه بعد صيامي عدة أيام شعرت أنني أمرُّ بتجربة روحية هائلة، وإنني عندما أصوم يختفي شوقي تماما إلى الطعام ويشعر جسدي براحة كبيرة وانصراف عن النزوات والعواطف السلبية كالحسد والغيرة). وتابع الأستاذ بمدرسة الصحافة الكولومبية (إن نفسي تنصرف أيضا عن أمور أخرى مثل الخوف والارتباك والشعور بالملل). ويختتم برنز كلامه قائلا (كل هذه الأمور لا أجد لها أثراً مع الصيام بل إنني أشعر بتجاوب مع الناس أثناء صيامي، ولعل كل ما قلته هو السبب الذي جعل المسلمين كما رأيتهم في البلاد العربية والإسلامية يحتفلون بصيامهم لمدة شهر في السنة احتفالا جذابا روحانيا لم أجد له مثيلاً في العالم).