بعد مرور 16 سنة من الاعتقال السياسي، من المنتظر أن يعانق عبد الوهاب النابت صباح غد الأحد على الساعة السابعة ونصف صباحا الحرّية، حيث أزمع أصدقاؤه تنظيم حفل استقبال بباب السجن المركزي بالقنيطرة في المغرب. يعتبر ملف عبد الوهاب النابت أقدم معتقل سياسي في المغرب حاليا، والذي حوكم ضمن مجموعة محاكمة مراكش 1985 (المحسوبة على الشبيبة الإسلامية) وصدر في حقّه حكم بالإعدام حينها، حيث أفلت من الاعتقال بسبب لجوئه إلى الجزائر التي مكث فيها إلى غاية 1994 تاريخ صدور قرار للملك المغربي الحسن الثاني بالإفراج عن معظم المعتقلين السياسيين في إطار الإعداد لما عرف آنئذ بالتناوب. وحينها، اتّصل بالسجين عبد الوهاب السفير المغربي بالجزائر وطلب منه العودة إلى المغرب مطمئنا إيّاه بأنه ومجموعته مشمولون بالعفو العام، وبعد طول تردّد عاد إلى المغرب يوم 5 جوان 1996 لكنه اعتقل وحوكم عليه بعشرين سنة سجنا نافذا قضاها في السجن المركزي بالقنيطرة رغم أن الإفراج شمل جميع أفراد مجموعته سنة 1994 وتعويضهم جميعا من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة، بمن فيهم من كانوا لاجئين خارج المغرب. وظلّ ملف عبد الوهاب النابت مفنّدا لكلّ الادّعاءات للحكومات المتعاقبة حول طيّها لملف الاعتقال السياسي، خصوصا بعض الشخصيات التي تمّ استثناؤها من الإفراج وضمنهم عبد الوهاب النابت، إضافة إلى مجموعة محاكمة فاس الثلاثة عبد السلام كرواز وكمال بنعكشة وعبد الرحمن بوجدلي، وجميع هؤلاء تمّ استثناؤهم من عمليات الإفراج عن المعتقلين السياسيين التي عرفها المغرب سنوات 1998، 2000، 2004 و2008، حيث كان الإفراج عن كلّ من أحمد شهيد وأحمد الشايب قدماء معتقلي مجموعة 71 المعروفة بالدار البيضاء. وإلى ذلك، ما يزال الجدل محتدما في المغرب حول مدى غلق الدولة لملف انتهاك حقوق الإنسان في سنوات الرصاص، خاصّة بعد انتهاء عمل هيئة الإنصاف والمصالحة الذي تعرّض لانتقادات كثيرة من أطراف مختلفة تنشط في مجال تتبّع خروقات حقوق الإنسان، وآخرها تصريح وزير العدل والحرّيات مصطفى الرميد لقناة الميادين الذي نفى فيه وجود معتقلين سياسيين في المغرب.