بقلم: الدكتور محمد بن صالح العلي كثيراً ما يتساءل المتسائلون عن سرّ ظهور الفضائيات الشيعية بهذه الكثرة وبهذه الكثافة!!! ففى إحصائية قديمة بلغ عددها (34) فضائية، تبث برامجها باللغة العربية من دول مختلفة كإيران ولبنان والعراق والكويت. وأظنّ أن الجواب عن التساؤل واضح، هو: أنّ هذه الفضائيات أنشئت من أجل خدمة المشروع الإيرانى الصفوي في المنطقة، وبهذا يكون الإعلام وسيلة مهمة في تنفيذ المشروع، وخاصة إذا أضفنا إلى الفضائيات الصحف والإذاعات ومواقع الإنترنت ..إلخ. والحقيقة أن المشروع الإيراني الصفوي واسع ومتعدد الجوانب، وتعتبر السياسية الإعلامية الإيرانية الموجهة إلى المنطقة العربية أحد الأعمدة الأساسية في استراتيجية إيران الإعلامية. بلغ عدد الفضائيات الممولة من الحكومة الإيرانية والناطقة باللغة العربية (13) فضائية بالإضافة إلى فضائيات تابعة لأحزاب وجمعيات تدور في فلك إيران، وتساهم كلها في دعم الموقف السياسى الإيراني والترويج له إعلامياً. وبمتابعة الفضائيات الشيعية يمكن رصد أهم الاستراتيجيات والأهداف لتلك الفضائيات، وهي: o صياغة الأخبار والتقارير التي تلمّع الدولة الإيرانية وتبرزها على أنها الدولة الوحيدة التي تمثل الإسلام، وتجسّد السياسة الإسلامية وتتبنى القضايا الإسلامية، مما جعل كثيراً من العرب ينساق وراء إيران منخدعاً بهذه السياسة الإعلامية. o تسليط الأضواء على النجاحات والإنجازات التي تحققها القوى والأحزاب التي تدور في فلك إيران كحزب الله في لبنان، ومن الأمثلة على ذلك ما حصل في حرب 2006 وتضخيم الانتصار على إسرائيل كما زعمت وسائل الإعلام الإيرانية. o تقديم جرعة من البرامج الممجّدة للثورة الخمينية والممهدة لما أسموه الدولة الإسلامية العالمية في عصر الظهور، والتي سيقيمها المهدي القابع في السرداب. o العمل على اتخاذ سياسة اللوبي الإعلامية، وذلك من خلال التركيز على قضية واحدة، حيث تتوجه جميع الفضائيات الدائرة في فلك إيران إلى تلك القضية، وهذا ما رأيناه في أحداث البحرين. o تقديم جرعة مكثفة من الطقوس الدينية الشيعية، والتركيز على نقل الشعائر والمناسبات الدينية تهدف إلى نشر الثقافة الشيعية والترويج لها. o التركيز على نقد وهدم مذهب أهل السنّة وبذر بذور التشكيك فيه، من خلال نقد علماء ورموز أهل السنّة، والتشكيك في كتبهم ومراجعهم وتاريخهم. o الاهتمام بالأطفال وغزو عقولهم وأفكارهم، حيث أنشئت فضائية (هادي) الشيعية والناطقة بالعربية، إضافة إلى برامج الأطفال في الفضائيات الأخرى، ولا شك أنها تهدف إلى التأثير على أطفال العرب. o المبالغة في تبني القضية الفلسطينية وإعلان عداوتها المزعومة لإسرائيل، من أجل كسب تعاطف الشعوب العربية والمسلمة، وأصبحت المزايدة على القضية الفلسطينية أحد المحاور الأساسية في السياسة الإعلامية الإيرانية،واستطاعت إيران من خلال ذلك كسب كثير من الفلسطينيين؛ بل كسبت بعض الفئات الفلسطينية، كما اتخذت هذه السياسة ستارا ومبرراً لكثير من تصرفاتها وسياستها فى المنطقة. o تركيز الإعلام الإيراني على إبراز موقف الحكام العرب المتخاذل والعاجز أمام القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا المنطقة، والهدف من ذلك إشاعة الإحباط واليأس في نفوس الشعوب العربية من أولئك الحكّام، ومن ثمّ يبقى الأمل فى إيران وحدها لتحرير فلسطين، وتحقيق آمال العرب. o محاربة التيارات العروبية ومحاولة فرسنة المنطقة (نسبة إلى الفرس) وهذا يتضح من خلال الاهتمام باللغة الفارسية وبالتاريخ والثقافة الفارسية، ومن يتابع السياسة الإيرانية يتأكد أن إيران اتخذت المذهب الشيعي ستاراً لبناء إمبراطورية فارسية، كتب الصحفي العراقي (عيسى شتات) في موقع البصرة تحت عنوان (الاحتلال الإيرانى للعراق) ما يلي: (لقد موّلت إيران وأنشأت فضائيات متخصّصة في سبّ العرب وشتمهم بلسان عربي وفارسي إيراني.. تزور الحقائق وتفتري وتكذب وتبث الدعاية الإيرانية المعادية لعروبة العراق). وبرصد الأثرالذي حققته هذه الفضائيات نجد أنها حققت تأثيرا كبيرا وخاصة على شعوبنا العربية، فى ظل غياب وضعف فضائياتنا العربية، وفي ظل غفلة وعدم اهتمام من وزارات الإعلام والحكومات العربية، والخليجية خاصة.